وزراء الخارجية العرب أعطوا الفلسطينيين «ضوءا أخضر» لبدء المفاوضات

عريقات عرض عليهم مقترحات أميركا وإسرائيل.. وفوضهم في الموافقة أو الرفض

الأمير سعود الفيصل في اجتماع لجنة مبادرة السلام وأبو الغيط يتحدث مع الشيخ حمد بن جاسم وعمرو موسى (إ.ب.أ)
TT

عرضت السلطة الوطنية الفلسطينية على اجتماع لجنة مبادرة السلام العربية في القاهرة، أمس، الصيغة والأفكار الأميركية التي قدمها الجانب الأميركي مؤخرا، للحصول على موافقة عليها أو رفضها. في المقابل، أعطت اللجنة «ضوءا أخضر» للسلطة الفلسطينية لبدء مفاوضات على أساس تلك الأفكار، التي وصفتها المصادر بأنها تقترب إلى حد كبير مما عرضه الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون في آخر أيامه في البيت الأبيض.

وتحدثت مصادر شاركت في الاجتماع عن أن وزراء خارجية لجنة مبادرة السلام العربية وافقوا على المباحثات غير المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وفى حدود مهلة الـ120 يوما، وبذل الجهد مع الأطراف المعنية كافة بالسلام للوقوف على النتائج التي يحرزها الجانبان.

وقبل بدء اجتماع الأمس، استقبل عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية، ديفيد ولش مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، ترافقه مارجريت سكوبي السفيرة الأميركية في القاهرة.

وعقدت لجنة المبادرة على المستوى الوزاري اجتماعا في مقر جامعة الدول العربية، أمس، برئاسة رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جبر آل خليفة. وشارك فيه 11 وزير خارجية، في مقدمتهم الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، وأحمد أبو الغيط وزير خارجية مصر، كما مثّل الجانب الفلسطيني الدكتور صائب عريقات رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية.

وعلمت «الشرق الأوسط» بأن وزير خارجية اليمن أبو بكر القربي، بعث برسالة إلى الاجتماع تضمنت: «العرب لم يبق أمامهم في المرحلة الحالية إلا التوجه إلى منظمة الأمم المتحدة، انطلاقا من قرار مجلس الأمن 242». وطالب القربى برفع مسألة النزاع العربي - الإسرائيلي وقضية فلسطين إلى مجلس الأمن الدولي، كون الإجراءات والممارسات الإسرائيلية تشكل تهديدا خطيرا لأمن واستقرار العالم، مما يستدعي أن يتحمل مجلس الأمن مسؤولياته، ويلزم إسرائيل بوقف اعتداءاتها وانتهاكاتها، بما في ذلك رفع الحصار عن غزة وفرض حل الدولتين وفقا للقرارات الدولية، ومرجعية مؤتمر مدريد واتفاقيات أوسلو، وخارطة الطريق ومبادرة السلام العربية.

كما طالبت اليمن في رسالتها بضرورة عرض التطورات في الأراضي الفلسطينية على الأمم المتحدة، والاعتراف بدولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

ونبهت اليمن إلى ضرورة التنسيق مع منظمة المؤتمر الإسلامي ومجموعة الـ77، بالإضافة إلى الصين، لدعم التحرك العربي في الأمم المتحدة.

وقالت مصادر شاركت في الاجتماع، لـ«الشرق الأوسط» بأن وزراء الخارجية العرب بعد نقاش مطول، وعلى الرغم من اعتراض الجانب السوري، قرروا استمرار المفاوضات غير المباشرة «ولكن في إطار المهلة التي تم منحها سابقا وهى الأشهر الأربعة، وطالبوا الإدارة الأميركية بالضغط على إسرائيل لوقف النشاطات الاستيطانية، التي يعتبرها وزراء الخارجية العائق الأساسي لاستئناف عملية السلام».

وأضاف المصدر: «إن الدكتور صائب عريقات استعرض أمام الاجتماع نتائج الاتصالات التي تمت خلال الفترة الماضية بين الجانبين الأميركي والفلسطيني»، وقال إن الرئيس أبو مازن، استقبل ديفيد هيل مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط، والقنصل الأميركي العام في القدس دانيال روبنستين، يوم 21 أبريل (نيسان) الماضي، في مقر إقامة السفير الفلسطيني في عمان، حيث سلماه رسالة من الرئيس الأميركي أوباما بخصوص عملية السلام، ترتكز على 3 عناصر أساسية، هي:

- الإدارة الأميركية تؤكد تعاملها فقط مع محمود عباس كرئيس للسلطة الوطنية وليس مع غيره، ومع حكومته باعتبارها الحكومة الشرعية، حكومة سلام فياض.

- الإدارة الأميركية تؤكد استمرارها في جهود إحلال السلام.

- الرئيس الأميركي أوباما يؤكد التزام واشنطن بحل الدولتين كأساس للحل.

وكشف المصدر لأول مرة عن أن ما وصل الجانب الفلسطيني من مقترحات، فضلا عن الأسس الثلاثة التي تم ذكرها سابقا، تشبه إلى حد كبير مقترحات الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، التي تنص على «مقايضة الأراضي لتعويض الفلسطينيين عن الكثير من الأراضي التي تحتلها المستوطنات في الضفة الغربية، كما تنص على منح مليارات الدولارات للفلسطينيين في مقابل التنازل عن حق العودة إلى منازلهم في إسرائيل، وأن تكون القدس مقسمة، بحيث تكون الغربية منها عاصمة إسرائيلية، والشرقية عاصمة فلسطينية، مع الاتفاق بشأن الإشراف الديني على الأماكن المقدسة في البلدة القديمة».

وأضاف المصدر أن ميتشل سلم الجانب الفلسطيني بعض الأفكار التي تتحدث عن بوادر حسن نية تتعلق بشؤون الحياة اليومية للفلسطينيين، كزيادة أعداد التصاريح ونقل بعض الحواجز وإطلاق سراح بعض المعتقلين، وتسليم بعض المناطق إلى السيطرة الأمنية الفلسطينية.

وتابع أن السلطة الفلسطينية طلبت إلى ميتشل مهلة 10 أيام للرد على هذه الصيغة، حيث ستعرضها على لجنة المتابعة العربية، بمعنى أن هذه اللجنة ستتحمل مسؤولية الموافقة على استئناف المفاوضات على أساس الصيغة الإسرائيلية. وحسب الاقتراح الذي حمله ميتشل وتسلمته السلطة الفلسطينية، فإنه سيتم وضع آلية دولية، كما ستعمل الإدارة الأميركية على تطبيق ما يتم الاتفاق عليه.

ورجح المصدر قبول اللجنة للطلب الأميركي، مشيرا إلى عدم وجود خيارات عملية بديلة، حيث إن فترة المفاوضات لن تكون مفتوحة، وإنما محددة بفترة زمنية قصيرة ومرفقة بتعهد أميركي بالبحث في الخطوات التالية، للوصول إلى حل الدولتين.

وكانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون قد قالت في تصريح عقب لقاء عقدته مع نظيرها الكويتي الشيخ محمد صباح السالم الصباح في واشنطن، إنها تتوقع أن تبدأ المباحثات غير المباشرة بين إسرائيل والفلسطينيين الأسبوع القادم بوساطة ميتشل. وأكدت كلينتون أن الإدارة الأميركية تريد أن ترى الجانبين، الإسرائيلي والفلسطيني، يجريان مباحثات مباشرة، ويعملان على حل جميع القضايا الصعبة العالقة بينهما. وعبرت كلينتون عن تطلعها إلى أن تدعم لجنة المتابعة العربية الرئيس (الفلسطيني محمود) عباس في المضي قدما في هذه المحادثات. وقالت كلينتون: «نريد أن نرى الجانبين - الإسرائيلي والفلسطيني - يشاركان في مفاوضات مباشرة في نهاية المطاف كي يحلا جميع القضايا الصعبة». وأضافت: «نحن ننتظر اجتماع لجنة المتابعة العربية (اليوم) في القاهرة، لدعم التزام الرئيس عباس بالتقدم في الحوار»، مشيرة إلى أن المبعوث الأميركي الخاص جورج ميتشل، سيعود مرة أخرى إلى الشرق الأوسط لهذه الغاية، من دون أن تحدد موعدا دقيقا للزيارة.