أميركا قد تكشف عن حجم مخزونها من الأسلحة النووية خلال قمة نيويورك

خبراء يقدرونها بـ 9000 رأس نووي

TT

من المحتمل أن تكشف إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، عن سر طالما حرصت الولايات المتحدة على الإبقاء عليه في طي الكتمان وهو حجم مخزونات الأسلحة النووية لديها وذلك خلال اجتماع حساس يبدأ غدا ستحاول واشنطن خلاله تعزيز المعاهدة العالمية التي تعمل على منع انتشار الأسلحة النووية، حسبما صرح مسؤولون عدة.

وظلت المناقشات بين فرق متنوعة داخل الإدارة الأميركية جارية لشهور حول ما إذا كان ينبغي الكشف عن الأعداد الفعلية للأسلحة النووية التي تملكها واشنطن، وغفل تقرير «مراجعة التوجه النووي»، الصادر مؤخرا عن الرئيس أوباما عمدا، هذه النقطة بسبب اعتراضات مسؤولين استخباراتيين. الآن، تسعى الإدارة إلى إصدار إعلان تاريخي يعزز من موقفها على الصعيد النووي في إطار محاولاتها تدعيم معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية المتداعية.

ومن الممكن الإعلان عن الأرقام في وقت مبكر ربما صباح الغد، عندما تلقي هيلاري رودهام كلينتون، وزيرة الخارجية، خطابا أمام مؤتمر مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي في نيويورك، حسبما قال مسؤولون. وستسبق كلمة كلينتون كلمة محمود أحمدي نجاد، الرئيس الإيراني، الذي من المحتمل أن يكرر مطالبه بفرض مزيد من القيود العالمية على مخزونات الأسلحة لدى الدول النووية.

من جهتهم، يخشى مسؤولون أميركيون إمكانية أن يستحوذ أحمدي نجاد على اهتمام المؤتمر عبر هذه المطالب، ويشتت الأنظار بعيدا عن برنامجه النووي الذي يجري النظر إليه على نطاق واسع باعتباره انتهاكا لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية.

من ناحية أخرى، تشير تقديرات منظمات معنية بالسيطرة على الأسلحة إلى أن الترسانة النووية الأميركية تضم 9000 رأس نووي، 5000 منها تقريبا نشط، والباقي يقف في انتظار دوره في إجراءات التفكيك.

من جانبهم، أكد نشطاء ومسؤولون في مجال السيطرة على الأسلحة في وزارات الطاقة والخارجية على أن الإفصاح عن حجم الأسلحة النووية الأميركية علنا سيثبت حجم التقدم الذي أحرزته الحكومة الأميركية على صعيد تقليص ترسانتها من الأسلحة المرتبطة في حقبة الحرب الباردة.

وشددوا على أهمية هذا الأمر نظرا لأنه في ظل معاهدة حظر الانتشار النووي تعهدت الدول النووية بالتحرك نحو نزع التسليح النووي، بينما تعهدت الدول غير النووية بأنها لن تصنع قنابل نووية. جدير بالذكر أن الدول المشاركة في المعاهدة تبلغ 189 دولة.

المعروف أن آخر مؤتمر لمراجعة المعاهدة، عام 2005، انهار مع توجيه الكثير من الدول الاتهامات إلى إدارة بوش بالتهرب من التزاماتها المرتبطة بنزع التسليح النووي.

من ناحيته، أعرب جيفري لويس، مدير «مبادرة الاستراتيجية النووية ومنع الانتشار النووي» داخل «مؤسسة أميركا الجديدة»، عن اعتقاده بأن الكشف عن الأرقام الأميركية سيشكل «خطوة كبرى إلى الأمام على صعيد الشفافية».

وأضاف أن «الولايات المتحدة لم تكسب اعترافا ملائما بإجراءات التقليص التي اتخذتها في هذا الشأن. وينطبق هذا القول حتى على إدارة بوش...إن من الأيسر لنا المطالبة بمنع الانتشار النووي إذا أظهرنا حقيقة أننا نخفض أعداد أسلحتنا النووية».

الملاحظ أن مجتمع الاستخبارات سادته مخاوف حيال إمكانية استغلال إرهابيين أو دول لها طموحات نووية الأعداد التي سيعلن عنها لتخمين حجم البلوتونيوم أو اليورانيوم اللازم لصنع قنبلة نووية. لكن لويس وآخرين من أنصار السيطرة على الأسلحة قالوا إن هذه المعلومات من اليسير التوصل إليها.

من ناحية أخرى، قال الكثير من المسؤولين إن الإعلان عن حجم مخزونات الأسلحة النووية الأميركية سيصدر خلال المؤتمر، لكن مسؤولا رفيع المستوى حذر من أنه لم يصدر بعد أي قرار رسمي بهذا الشأن. ولمح إلى أنه قانونيا، يمكن نزع السرية عن هذه المعلومات فقط إذا كان من الواضح أن ذلك لن يسفر عن مزيد من الانتشار النووي. ورفض المسؤول الكشف عن هويته.

وعلى ما يبدو هناك حالة واحدة وقعت مؤخرا أعلنت خلالها أرقاما تخص حجم مخزون الأسلحة النووية الأميركية. كان ذلك عام 1992، عندما ضم الجنرال كولين إل باول، رئيس هيئة الأركان المشتركة آنذاك، إجمالي مخزون الأسلحة في رسم بياني جرى استخدامه خلال جلسة استماع في الكونغرس حول اتفاق جديد بشأن الأسلحة الاستراتيجية.

وعلى الرغم من أنه لم تنزع السرية عن الأرقام، فإن الرقم الذي كشفه باول لم يجتذب تغطية إعلامية كبيرة حينها. طبقا لوثيقة صادرة عن وزارة الطاقة عام 2000، رفضت وزارة الدفاع بإصرار الكشف عن أرقام مخزونات الأسلحة النووية حتى بعد الأرقام التي عرضها باول على الكونغرس.

من جانبها، تعتقد إدارة أوباما أنها تحضر مؤتمر مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي من مركز قوة، مشيرة إلى سلسلة من الإنجازات النووية التي شهدتها الفترة الأخيرة، بينها إبرام اتفاقية أسلحة مع روسيا وعقد قمة لمكافحة الإرهاب النووي في واشنطن اجتذب 46 دولة.

يذكر أن معاهدة حظر الانتشار النووي دخلت حيز التنفيذ عام 1970 ويجري النظر إليها على نطاق واسع باعتبارها واحدة من أكثر المعاهدات نجاحا على مستوى العالم. إلا أنها تواجه حاليا أخطر حالة توتر منذ ربع قرن بسبب البرنامج الإيراني وقرار كوريا الشمالية الانسحاب من المعاهدة بعد تطوير بيونغ يانغ سرا قنبلة نووية. من جهتها، تصر إيران على أن برنامجها يرمي إلى إنتاج طاقة نووية سلمية، لكنها أخفت منشآتها النووية عن أعين المفتشين.

* غلين كيسلر وكولم لنتش شاركا في التقرير.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»