وزير الشؤون القانونية والنيابية المصري: تعديل الدستور غير مطروح حاليا

مفيد شهاب لـ«الشرق الأوسط»،: إنهاء «الطوارئ» يتطلب قانونا لمكافحة الإرهاب

د. مفيد شهاب («الشرق الأوسط»)
TT

استبعد وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية المصري، القيادي في الحزب الحاكم، الدكتور مفيد شهاب، إجراء تعديل في الدستور الذي يطالب به البعض، وقال إن هذا أمر غير مطروح في الوقت الحالي، وإن انشغال الحزب ينصب على الانتخابات البرلمانية التي تجري هذا العام، وليس على الانتخابات الرئاسية المقرر لها العام المقبل.

وأضاف الدكتور شهاب الذي يشغل موقع الأمين العام المساعد للشؤون البرلمانية في الحزب الوطني الديمقراطي، في رده على أسئلة «الشرق الأوسط»، حول انتقادات بأن الحزب الحاكم يحتكر السلطة، بقوله إن الحزب لا يريد أن يبقى محتكرا للسلطة في مصر بأغلبية كبيرة، وإن أحزاب المعارضة عليها أن تعمل وتنشط ليكون لها تمثيل في البرلمان والمجالس المحلية بأكثر مما هو عليه الآن، مشيرا إلى أن إنهاء حالة الطوارئ في البلاد يتطلب إصدار قانون لمكافحة الإرهاب.

وتشهد مصر حراكا سياسيا متناميا خلال هذا العام، حيث تجرى انتخابات مجلس الشورى الشهر المقبل وانتخابات مجلس الشعب في أكتوبر (تشرين الأول)، بالإضافة إلى ارتفاع أصوات معارضة مطالبة بإجراء تعديل في الدستور لتيسير عملية الترشح لانتخابات الرئاسة المقرر لها خريف 2011، وعلى رأس هؤلاء الدكتور محمد البرادعي، الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي ربط ترشحه لانتخابات الرئاسة بإجراء تعديلات في الدستور.

وعما إذا كانت قضية التعديلات الدستورية مطروحة الآن قال الدكتور شهاب: «لا.. ليست مطروحة الآن لسبب بسيط، وهو أن آخر تعديلات دستورية تمت منذ ثلاث سنوات فقط، ولما كانت الدساتير تتمتع بقدر من الاستقرار، فإنه لا يتصور أن يتم التعديل كل سنتين أو ثلاث. الدستور لا يتم تعديله إلا في فترات متباعدة حتى يتمتع بالقدر الكبير من الاستقرار باعتباره لا يحتوي إلا على المبادئ والتوجهات العامة، وهذه المبادئ لا تتغير سنويا، وإنما لا بد، حتى نعيد النظر فيها، أن يكون قد حصلت تحولات اجتماعية أو سياسية كبيرة تقتضي إعادة النظر في هذه المبادئ».

ووافق البرلمان في عامي 2005 و2007 للرئيس المصري، حسني مبارك، على اقتراحين بتعديل الدستور، وكان التعديل الأول يخص المادة 76 التي أتاحت للمصريين لأول مرة اختيار رئيسهم في اقتراع عام من بين أكثر من مرشح، بدلا من الاقتراع على اسم واحد يرشحه البرلمان. أما التعديل الثاني فطال 34 مادة من الدستور بما فيها المادة 76، وعارضت غالبية قوى المعارضة هذه التعديلات واعتبرتها تصب في خدمة الحزب الحاكم، وأُقرت التعديلات بعد أن وافق عليها أغلبية الشعب في استفتاء عام.

وأوضح الدكتور شهاب قائلا إن الدستور المصري جرى تعديله مرتين في السنوات الخمس الأخيرة، «والتعديل الثاني في 2007 جاء بعد حوار طويل تناول كل مواد الدستور التي تحتاج إلى تعديل»، مشيرا إلى أنه من الوارد أن يكون للبعض وجهات نظر بالنسبة لبعض مواد الدستور الأخرى.. «من حق الجميع أن يفكر وأن يقترح، ومن حق الجميع أن يناقش وأن تكون له وجهات نظر، إنما من مسؤولية الدولة أن تحافظ على استقرار (الدستور)، وعندما يأتي الوقت الذي يكون فيه قد حصلت تغييرات كبيرة تقتضي إعادة النظر في مواد الدستور، تطرح هذه الأفكار كلها».

وتابع الوزير شهاب موضحا أنه من المبادئ العامة أن يتمتع الدستور بقدر من الاستقرار، «وليس من الممكن كلما جاءت مجموعة، من عشرة، أو خمسة عشر، أو عشرين، أو مائة، أو ألف (شخص)، وقالوا نريد أن نعدل الدستور، فنعدله.. بهذا يصبح الدستور معرضا للتعديل كل خمسة أو ستة أشهر».

وتتهم قوى معارضة الحزب الحاكم باحتكار السلطة. وتتنوع هذه القوى بين أحزاب صغيرة وحركات احتجاجية وجمعيات نخبوية مثل الجمعية التي أسسها الدكتور البرادعي قبل شهرين عقب تقاعده من منصبه في وكالة الطاقة الذرية، وأطلق عليها اسم «الجمعية الوطنية للتغيير». وأصبحت مثل هذه الاتهامات مادة خصبة للحديث عن مصر في الأوساط الغربية، مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية خلال الأشهر المقبلة.

وحول ما يثار من لغط عن أن الحزب الحاكم في مصر يحتكر السلطة، وأن الأغلبية العظمي من أعضاء البرلمان والمجالس المحلية من الحزب الحاكم، أوضح الدكتور مفيد شهاب: «نحن حزب الأغلبية. وإذا كان الشعب في كل مرة يبقي على حزب الأغلبية، فهذا تقييم من قِبل الشعب.. الذي يعنيني هو أن نكون مطمئنين هل هذه الأغلبية التي يأخذها الحزب هي أغلبية يستحقها.. نعم أم لا.. هل يصل إليها بكفاءة عناصره أم يصل إليها بطرق غير مشروعة.. وبالتالي الثقة في حزب الأغلبية هي ثقة جاءت من الشعب».

ومع ذلك أعرب الدكتور شهاب عن أمله في أن يكون للأحزاب الأخرى فعالية أكبر، وأن يكون لها وجود أكبر، وقال: «نحن لا نريد أن نبقى كحزب وطني محتكرين للسلطة بأغلبية كبيرة، ولكن نحن نستجيب لإرادة الناخبين. وأنا كمواطن، بغض النظر عن موقعي الحزبي، أتمنى أن يكون الوجود الحزبي في صورة أفضل مما هو عليه الآن، بمعنى أنه مع حرصي أن يستمر الحزب الوطني كحزب للأغلبية، لكن أتمنى أن يكون وجود الأحزاب الأخرى على الساحة كنشاط حزبي، ووجودها داخل المجلسين (البرلمان) وداخل المجالس المحلية بصورة أفضل مما عليه الآن، إيمانا مني بأن الديمقراطية الحقيقية تقتضي وجود الرأي والرأي الآخر».

وتقول منظمات حقوقية محلية وأجنبية إن حالة الطوارئ المفروضة على البلاد منذ اغتيال إسلاميين متشددين الرئيس المصري السابق أنور السادات عام 1981 تقيد العمل السياسي في أكبر دولة بمنطقة الشرق الأوسط من حيث عدد السكان (نحو 80 مليون نسمة)، وأن اعتزام فرضها لمدة عامين آخرين قبل انتهاء هذا الشهر، لا يتوافق مع وجود انتخابات برلمانية ورئاسية مزمعة في البلاد.

وتقول الحكومة إنه لا يمكنها إلغاء حالة الطوارئ إلا بعد إصدار قانون لمكافحة الإرهاب.. وفي الأسبوع الماضي قال أمين لجنة السياسات في الحزب الحاكم، جمال مبارك، نجل الرئيس المصري، إنه اتضح أن هناك حاجة لمزيد من النقاش حول مشروع قانون لمكافحة الإرهاب، وإنه إذا كانت هناك حالة ملحة لمد حالة الطوارئ فإن «الحزب يطالب بوضع ضوابط إضافية، وتلتزم الحكومة بتطبيق حالة الطوارئ فقط على الإرهاب ومخاطره».

وقال الوزير شهاب في رده على أسئلة «الشرق الأوسط» حول مدى جاهزية قانون مكافحة الإرهاب ليحل محل حالة الطوارئ، إن «إنهاء حالة الطوارئ مرتبطة بالانتهاء من قانون لمكافحة الإرهاب والتوافق على معظم أحكامه.. وهذا القانون، رغم أن الحكومة بدأت في إعداده منذ فترة، إلا أن بعض القضايا فيه ما زالت في حاجة إلى جدل ونقاش أعمق، وبالتالي لم يصبح بعد في صورته النهائية التي تسمح بطرحه على البرلمان»، مشيرا إلى أن الهدف من مد حالة الطوارئ «ليس أن تطبق بصفة عامة»، ولكن الهدف «الاستفادة من أحكامها فقط بالنسبة للعلميات الإرهابية»، ومن خلال «تدابير محددة تتفق وطبيعة الجريمة الإرهابية».

ولاحظ مراقبون أن الاجتماعات القيادية للحزب الحاكم الذي يترأسه الرئيس المصري، حسني مبارك، ركزت في الآونة الأخيرة على الانتخابات البرلمانية المقرر لها هذا العام، دون اهتمام ظاهر بالانتخابات الرئاسية 2011، رغم أن هذه الأخيرة تستحوذ على الاهتمام محليا وخارجيا لعدة أسباب منها عدم تعيين الرئيس مبارك (82 عاما) نائبا له، وعدم جزمه بأنه سيخوض الانتخابات المقبلة، وسط تكهنات بأن نجله جمال (46 عاما) هو من سيترشح للانتخابات الرئاسية.

وسألت «الشرق الأوسط» الدكتور شهاب عن موقف الحزب من وضع معارضين لأجندة الانتخابات الرئاسية، الأبعد، قبل أجندة الانتخابات البرلمانية، الأقرب، فقال إنه «من حق كل حزب أن يتحدث عن أي انتخابات تعنيه.. الحزب الوطني أعلن أنه الآن معني بانتخابات البرلمان ويركز على حسن اختيار المرشحين لها، وعندما نفرغ من الانتخابات التشريعية يكون حديثنا عن الانتخابات الرئاسية». وأضاف أن الحزب الوطني لا يعني أنه يريد أن تلتزم جميع الأحزاب الأخرى بهذا النهج في ترتيب الأولويات.. «من الممكن أن يأتي حزب الوفد (المعارض) ويقول إن مرشحه للرئاسة هو فلان.. يمكنه أن يقول ذلك الآن، أو غدا، أو بعد سنة. كل حزب وله تقديره للأمور».