أسماء عائلات لبنان مشتقة من الطعام والشراب... والحيوانات\

عائلات مثل «إسرائيل» و«صهيوني» تسبب لأبنائها إشكالات

TT

كان الشاب اليافع واقفا أمام صندوق إحدى الشركات يتلفت حوله بحذر وهو يسمع الموظفة تناديه باسمه، لكنه هتف لها بخجل طالبا منها عدم ترديد اسمه، «فلا ضرورة أن ينتبه إليه الجميع»، ومشكلته ليست مع اسمه الأول، فهو من الأسماء المتداولة في لبنان والعالم، لكن اسمه الثاني والثالث هما «حبيب إسرائيل»، ما شكّل لدى هذا الشاب نقطة حساسية شديدة، خصوصا لدى إدلائه بهذا الاسم في مناطق ذات غالبية إسلامية.

وعائلة «إسرائيل» ليست يهودية، خلافا لما قد يثيره الاسم من انطباع، لكنها لبنانية، وهي واحدة من عدة عائلات حملت أسماء مستوحاة من اليهودية ومنها عائلة صهيون، وهي منقسمة بين مسيحيين ومسلمين، كذلك عائلة صهيوني بالإضافة إلى عائلة إسرائيل.

وقد تسببت هذه الأسماء لأصحابها في الكثير من الإشكالات، منها ما حصل مع المهندس مصطفى صهيون - 27 عاما - الذي يؤكد أن أصوله من القدس في فلسطين وهم عائلة مسلمة أبا عن جد وقد لُقّبوا بهذه الكنية نسبة إلى مكان سكن جدهم قرب جبل صهيون في القدس. ويتابع صهيون شارحا: «نحن عائلة بيروتية معروفة منذ زمن طويل وجدي كان يملك في وسط بيروت عدة محلات لبيع الفلافل ما زالت حتى اليوم هي الأشهر في لبنان». وتحدث صهيون عن مفارقة حدثت معه في أثناء وجوده في مصر منذ سنتين حين استهجن موظف الاستقبال في الفندق عند قراءته اسم عائلته على جواز سفره وظنه إسرائيليا، وظهرت علامات الامتعاض على وجه الموظف، ولكن مصطفى تدارك الأمر وأوضح له المسألة، وتم حل المشكلة «بشكل سلمي».

وفي المقابل هناك عائلات من أصول يهودية بيروتية هاجر معظم أبنائها من لبنان وبقي بعضهم متخفيا، ولكن ما زالت أسماؤهم مسجَّلة على لوائح الشطب في وزارة الداخلية اللبنانية ومنهم عائلات «كشك - بصل - عسل»، وتأتي هذه الأسماء لتثير موضوع الأسماء الغريبة التي تحملها قيود النفوس التي اطّلعت عليها «الشرق الأوسط».

ويتبين من هذه السجلات وجود نسبة كبيرة من تلك العائلات حملت أسماء مشتقة من أسماء إما طعام وإما حيوان وإما ألوان، وما إلى ذلك، فهناك أسماء عائلات حملت أسماء مستوحاة من الطبيعة والأزهار، منها عائلات «ورد - وردة - زهرا - قرنفل - ياسمين - زيتون - زيتوني -زعتر - كمون»، وأكثر من يبرز من بين تلك العائلات وزير الثقافة اللبناني سليم وردة، كذلك الأمر بالنسبة إلى النائب أنطوان زهرا، الأمر الذي دعا إلى استحداث نكتة حول قائد القوات اللبنانية سمير جعجع أنه اختار رجاله من أحد محلات الزهور، لا سيما أن كلا من وردة وزهرا ينتمي إلى حزب القوات اللبنانية.

وهناك أيضا عائلات تنتمي إلى عائلة الفواكه، مثلا: «بطيخة - بقدونس - لوز وفستق (عائلة من بيروت أصولها من سورية) - تفاحة (وهي عائلة من البقاع) - جزرا (من شمال لبنان - عكار)». وهناك عائلات أخرى حملت بعضا من أسماء الطعام أو نسبة إلى الطعام، ويعود ذلك، حسب المؤرخ البيروتي مختار عيتاني، إلى أن هؤلاء كانوا يعملون في مهنة الطعام لذا تمت تسميتهم حسب مهنتهم، ومنهم عائلات «اللبّان (من بيروت) - الفوّال - ترمس (عائلة من النبطية جنوب لبنان) - اللحّام - الخباز - فران - دهني - عدس (شمال لبنان) الخ...».

كذلك هناك الكثير من الألقاب المستوحاة من أسماء حيوانات وطيور مثل عائلة «حمام (في الجنوب وطرابلس) - صقر (النائب عقاب صقر) - نسر (من صور) - الجمل (عائلة بيروتية عريقة) - الفيل (أيضا عائلة بيروتية سنّية) - الحوت - التمساح (وكلتاهما من العائلات السنّية البيروتية) - ديب». ومن العائلات المشتقة من ألوان الطبيعة والملوَّنة بعدة طوائف، أي عدة مذاهب وطوائف تحمل ذات الاسم هناك عائلة «زرقا - أحمر - خضرا - الأصفر - أسود (من أبنائها في البرلمان النائب زياد أسود)».

وهناك عائلات قررت رفع دعوى لتغيير كنيتهم التي طالما سببت لهم الحرج والانزعاج خصوصا في أماكن عملهم أو خلال طفولتهم في المدرسة مما جعلهم مدعاة للسخرية والتهكّم من قبل زملاؤهم وجيرانهم، ويروي المؤرخ عيتاني أنه حدثت جرائم قتل بسبب أسماء عائلات كان أصحابها ينزعجون من سخرية الناس منهم، فوقعت إشكالات بينهم وبين الأطراف الأخرى انتهى بعضها بجريمة قتل. ومن العائلات التي قدمت دعوى أمام المحكمة المدنية لتغيير اسم العائلة عائلة «جهشان» التي كان أصلها «جحشان».