اعتقال الترابي للمرة الخامسة وإغلاق صحيفة حزبه

قيادي في حزبه لـ «الشرق الأوسط»: حكم البشير يواجه أزمات داخلية لذلك يضيق من الحريات

مناصرو الترابي خلال تظاهرة في الخرطوم أمس احتجاجا على اعتقاله (رويترز)
TT

قال أمين العلاقات الخارجية لحزب المؤتمر الشعبي الدكتور بشير آدم رحمة إن حزبه ينتظر تفسيرا من قبل الحكومة لاعتقال الأمين العام للحزب الدكتور حسن الترابي، 78 عاما، في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس من منزله. ويعتبر الاعتقال الخامس منذ انشقاقه عن الرئيس السوداني عمر البشير قبل 10 سنوات. في ذات الوقت أغلقت السلطات الأمنية صحيفة «رأي الشعب» الناطقة بلسان المؤتمر الشعبي واعتقال 4 من الصحافيين والإداريين، فيما أدان تحالف الإجماع الوطني للقوى المعارضة (تحالف جوبا) الاعتقال واعتبره ردة عن الحريات والتحول الديمقراطي.

وأدان رحمة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» اعتقال الترابي، واعتبره اتجاها لمصادرة الحريات العامة وانتقاصا من التحول الديمقراطي، وقال «مع أننا لا نستغرب أفعال المؤتمر الوطني، لكن من المؤسف أن يأتي الاعتقال في وقت يتحدثون عن نيلهم 90% من أصوات الشعب السوداني لكنهم يصادرون الحريات». وأضاف أن حزب البشير يعاني من أزمات داخلية بين أقطاب الحكم والجيش، وتابع «المعلومات الواردة إلينا تقول إن هناك مشكلات بين نائب الرئيس علي عثمان ومساعده نافع علي نافع في محاولات إبعاد الأول لصالح الثاني»، مشيرا إلى أن تصاعد الحرب في دارفور والصراعات القبلية التي قال إن الحكومة وراءها ودخول شمال كردفان كطرف جديد في الحرب، وقال «الوضع السياسي والعسكري والاقتصادي في البلاد أصبح مأزوما وكلما تزداد المشكلات يتم تضييق الحريات، خاصة على المؤتمر الشعبي لأنهم يخشونه أكثر من أي قوى سياسية أخرى.

وكشف رحمة عن زيارة غير رسمية كان ينتظر أن يقوم بها الترابي في السابع عشر من الشهر الحالي إلى ألمانيا، وقال إنه لا يستبعد أن تكون واحدا من أسباب اعتقاله، لكنه نفى أن يكون لدى حزبه علاقة بما يجري من تصعيد للعمليات في دارفور، وتابع «كل شيء متوقع من النظام لأنه يعتمد على القبضة الأمنية، ويمكن أن يزداد التضييق أكثر لمواجهة أزماته المتلاحقة»، وصرح عضو حزب المؤتمر الشعبي كمال عمر لـ«رويترز» أن الترابي الذي اعتقل أكثر من مرة منذ انشقاقه عن الرئيس نقل إلى سجن كوبر في الخرطوم.

من جهة أخرى، قال مؤيدون للترابي وأفراد أسرته أمس الأحد إن قوات الأمن السودانية اعتقلت الترابي وصادرت نسخ الصحيفة الناطقة بلسان حزبه المؤتمر الشعبي أثناء طباعتها، وصرح صديق الترابي ابن الزعيم الإسلامي المعارض أمس الأحد أن قوات الأمن صادرت جميع نسخ صحيفة «رأي الشعب» من المطبعة.

وذكر مصدر أمني لـ«رويترز» أن الترابي استدعي ربما بسبب صلاته المزعومة بحركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور التي جرت بينها وبين القوات الحكومية مصادمات خلال الأسبوع المنصرم، وينفي الترابي أي صلة له بالحركة، ولم يستطع مصدر أمني تأكيد سبب اعتقاله، ولكنه قال «ربما بسبب (صلاته) بحركة العدل والمساواة» وتابع «سيعتقل رسميا أو يفرج عنه بعد أن يجيب على بعض الأسئلة».

وكان الترابي وثيق الصلة بالرئيس عمر حسن البشير قبل صراع مرير على السلطة وانشقاق في 1999 - 2000. وألقي القبض عليه في ساعة متأخرة من مساء السبت في منزله بعد شهر من مشاركة حزبه في الانتخابات الوطنية.

من جهة أخرى، قال رئيس تحرير صحيفة «رأي الشعب» المؤيدة لحزب المؤتمر الشعبي، ياسين عمر الإمام، في بيان صحافي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه إن سلطات الأمن داهمت دار الصحيفة مساء السبت، أول من أمس، وصادرت العدد المطبوع وأوقفت طباعة الصحيفة في المطبعة واعتقلت 4 من قيادات الصحيفة، أبرزهم نائبه أباذر علي الأمين، وأضاف أن جهاز الأمن الآن يحتل دار الصحيفة ومنع العاملين من الدخول إليها دون إخطار مجلس الصحافة والمطبوعات، الجهة الرسمية التي تشرف على إصدار الصحف، منددا بالإجراء واعتبره إجراء يخالف الدستور والقانون، ويشكل انتهاكا صارخا للتحول الديمقراطي وجرحا عميقا للحريات السياسية وصفعة في وجه حرية الصحافة، على حد تعبير البيان.

من ناحيته أدان تحالف قوى الإجماع الوطني – تحالف أحزاب المعارضة المعروفة باسم قوى جوبا وحزب الترابي عضو فيه – اعتقال الترابي، ووصفه بأنه ردة إلى سيرة الانقلاب الأولى – الذي يعتبر الترابي عرابه لكنه اختلف مع قادة الحكم بعد 10 سنوات - وتعهد التحالف في بيان تلقت «الشرق الأوسط» بالسعي لمقاومة القمع والإرهاب بكافة الطرق السلمية والمدنية، وقال البيان إن ما افترضته القوى الإقليمية والدولية أن السودان يسير إلى الأحسن بعد الانتخابات وفاء لإجراء الاستفتاء غير صحيح ومعيب، وأضاف أن الأجواء القائمة الآن بما فيها تجميد آليات التحول الديمقراطي وعدم السعي لحل أزمة دارفور التي تتصاعد وتيرتها سينتج أسوأ بيئة لإجراء الاستفتاء ويسهل وضع عراقيل.