أين نحن من تنظيم سوق الأسهم؟!

سعود الأحمد

TT

مما يُعيق تنفيذ التوجيهات ويؤخر الوصول إلى ما ترنو إليه التوجهات بالدول النامية، غياب «أو ربما تغييب» المعايير المناسبة لقياس مدى تحقيق النتائج. ولعلي أضرب على ذلك مثالا نعايشه في السوق السعودية. وأُذكر بما سبق وأن صدر بجلسة مجلس الوزراء بتاريخ 25 ديسمبر (كانون الأول) 2005 «الموافق 26 ربيع الأول 1427هـ» بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، يحفظه الله، بالعمل على انتظام سوق الأسهم السعودية.

واليوم وبعد مضي هذه الفترة الزمنية الطويلة، التي تكفي لتنفيذ خطة استراتيجية دولية. وما تضمنته من أحداث «حلوها ومرها»، فإن المتابع لأوضاع السوق السعودية بحاجة إلى معرفة: أين نحن من تنظيم سوق المال السعودية؟. فمن المتعارف عليه «علميا ومهنيا»، أنه لا يمكن القول بوجود سوق مالية منتظمة وفاعلة Efficient Market في ظل وجود تعاملات تتم بالاستفادة من المعلومات الداخلية!.

وفي تقديري.. أن أبرز مشكلة «بل إنها أصعب تحدٍّ» يواجه تنظيم سوق الأسهم السعودية هو مشكلة «تسرب المعلومات الداخلية». فهل شُرع «جديا» في تنقية سوق المال السعودية من هذه المشكلة؟!.. وهل هناك آلية لمتابعة تعاملات الأشخاص الداخليين؟!.. وهل لدينا تعريف واضح «مقنع» للأشخاص الداخليين!. وتعريف واضح للمعلومات الداخلية؟!. وهل هناك آلية نظام تمنع الأشخاص الداخليين من الاستفادة من المعلومات المتاحة لهم، والاستثمار في السوق بناء عليها، بأسمائهم أو بأسماء أقاربهم أو أشخاص آخرين من ذوي المصالح والتابعين لذوي المصالح «بطريق مباشر أو غير مباشر»؟.

وبالموجز: هل لدينا قناعة بأن لدينا في سوقنا المالية أناسا يتعاملون ويثرون من تعاملاتهم بالاستفادة من المعلومات الداخلية، أم لا!؟.

الذي حصل، في ظل ما صدر من لوائح تنظيمية خلال السنوات الخمس الماضية.. مجرد تضييق لحلقة المعلومات الداخلية، وعوضا من أن يستفيد منها النافذون وتابعوهم وبعض المتطفلين البسطاء.. ضاقت الحلقة، فأصبح المستفيدون، هم بعض النافذين! ودعني أضرب مثالا على الأشخاص الذين أعتبرهم داخليين، ولا يوجد آلية تمنعهم من الاستفادة من المعلومات الداخلية: موظف في الإدارة المالية أو في مجلس إدارة شركة مساهمة أو موظف في هيئة سوق المال أو وزارة التجارة، أو أي جهة رسمية أو مؤسسة إعلامية، هل يعتبر من الأشخاص الداخليين (أم لا؟). هؤلاء من الطبيعي أنهم يستطيعون الاستفادة مما يتاح لهم من معلومات، قبل غيرهم؟!... أليس من الغبن أن تتاح لهم المعلومات قبل غيرهم.

وحتى نستطيع اختبار أي سوق مالية، ومعرفة مدى خلوها من التعاملات بناء على المعلومات الداخلية، يمكن ذلك بمتابعة تواريخ وأوقات تأثير القرارات والأحداث الهامة على سعر أسهم الشركات بالسوق. بمعنى أنه يمكن متابعة التغير في سعر السهم قبل إعلان الحدث للعامة، وضبط تاريخ وتوقيت تحرك السعر مقارنة بتاريخ ووقت الإعلان عنه للعامة!. ستجد أن الأمر ممكن اكتشافه في غاية السهولة. وتستطيع الهيئة التعرف على الأشخاص الذين يتعاملون بناء على هذه المعلومات بالأسماء والعمليات.

ولذلك.. أجده سؤالا يصعب الإجابة عليه في الوقت الحاضر: أين نحن من تنظيم سوق الأسهم؟!.

* كاتب ومحلل مالي