اختتام مهرجان «أنغام من الشرق» في دورته الثالثة 2010

نيستان وزارابانغ قدما روائع من التراث الفني الموسيقي التقليدي الإيراني

الموسيقى الإيرانية التقليدية تتألق في مهرجان «أنغام من الشرق»
TT

في اختتام الدورة الثالثة من مهرجان «أنغام من الشرق» 2010، الذي أطلقته هيئة أبوظبي للثقافة والتراث تألقت الموسيقى التقليدية الإيرانية عبر حفلة أحيتها فرقتان عريقتان من فرق الموسيقى التقليدية الإيرانية «نيستان» و«زارابانغ». وحضر الحفل عدد كبير من أبناء الجالية الإيرانية وحشد كبير من الجمهور من محبي الموسيقى والفن الأصيل وذلك مساء أول من أمس السبت في مسرح أبوظبي - كاسر الأمواج.

و حسب تعليق عبد الله العامري، مدير إدارة الثقافة والفنون، فإن ختام «الاحتفالية بالموسيقى التقليدية الإيرانية يعد انعكاسا لمشاعر التقدير والحب التي يكنها لها الناس، وإيمانا منا في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث بهذه الظاهرة التي عملت على مدى قرون كثيرة في تطوير هذا الفن وهذه الموسيقى». وأضاف العمري أن أداء الفرقتين أعطى للأغاني والفن والكلمات معنى الأصالة ورسخ لضرورة وجود الطرب الأصيل في مجتمعاتنا. وتابع العامري «نحن فخورون جدا بهذه الفرصة التي سمحت لنا بتسليط الضوء على الموسيقى التقليدية الإيرانية من خلال برنامجنا الذي يهدف إلى ترسيخ قيم التقدير للمبدعين من أهل الفن والغناء العربيين والشرق أوسطيين من خلال عاصمة الفنون أبوظبي، التي تعطي يوميا دروسا في تقدير الكبار وشكرهم والوفاء لمنجزهم الرائد، حيث تعتبر هذه الأمسيات المميزة جسرا للتواصل مع جمهور الطرب الأصيل، وفرصة نادرة في المشهد الثقافي العربي للاستمتاع بروائع الطرب الأصيل واستعادة ذكريات الزمن الجميل، وللتواصل مع الخبرات الفنية العربية الأصيلة من خلال مهرجان (أنغام من الشرق) وبرنامجه (حفل الخميس الأخير من كل شهر)، في إطار تطبيق استراتيجية الهيئة في الارتقاء بالمنجز الإبداعي العربي ثقافة وفنا وغناء».

وقد شهدت الحفلة التي أحيتها فرقة «نيستان» تفاعلا كبيرا من قبل الجمهور من خلال ما قدمته من روائع التراث الفني الموسيقي الشهير في مناطق القوقاز وآسيا الوسطى وإيران وتركيا، التي تختزل مسيرة فنية استمرت وتطورت عبر قرون من الزمن، مؤسسة لمنجز موسيقي ذي ملامح روحية وثقافية مشتركة تعكس متانة العلاقات الثنائية الثقافية التي تصله بالثقافات الموسيقية من شبه القارة الهندية والشرق العربي، وقد شكلت هذه الثقافات الموسيقية مجتمعة الفضاء الحقيقي لفنون المقامات التقليدية في الموسيقى التقليدية الإيرانية وانعكاساتها الموسيقية المتداولة في العصر الحديث في إيران امتدادا للتقاليد الموسيقية الفارسية، التي أسهمت أجيال من الموسيقيين الرواد في نحت معالمها والمحافظة على خصائصها الأصلية ونقلها عن طريق الرواية الشفوية خلال القرن التاسع عشر، الذي شهد ميلاد قوالب معزوفة وتقنية ما زالت متداولة لدى بعض شيوخ هذا الفن، إذ تشتمل الموسيقى التقليدية الإيرانية، على اثني عشر نظاما مقاميا، أهمها سبعة تسمى «دستكاه» تعمل فرقة «نيستان» على إحيائها بأسلوب عزف مبتكر يحافظ على عراقة الأصول الموسيقية ويعمل على تعريف العالم بجماليات إيقاعها وعذوبة ألحانها.

ويذكر أن مستويات الإيقاع، الذي اشتهرت به فرقة «نيستان» للموسيقى التقليدية الفارسية القديمة، تتعدد بتعدد القوالب اللحنية في الموسيقى الفارسية نفسها، والذي يعكس طبيعة السلم الموسيقي الخاص بها إذ يحوي، زيادة على الاثني عشر صوتا المكونة للديوان في الموسيقى الغربية الأوروبية الحديثة، درجات صوتية تفصل بين الأصوات الاثني عشر وتتوسطها وهي المعروفة بأرباع الأبعاد، وتعد أحد مقومات السلم الموسيقي الشرقي المتكون من خمسة وعشرين رُبعَ بُعد، وذلك ما جعل أداء عدد من المقامات على الآلات الحديثة كالبيانو أمرا غاية في الصعوبة. ومن ثم قدمت فرقة «زارابانغ» عرضا رائعا للموسيقى التقليدية الفارسية بالأداء المتميز الذي يجمع بين أساسيات الموسيقى التقليدية الفارسية وتقنيات القرع والعزف في مختلف أنماط الموسيقى العالمية الحديثة.

يذكر أن فرقة «زارابانغ»، التي تأسست عام 1996، تضم عددا من العازفين الموهوبين الذين عقدوا العزم على تأسيس جماعة موسيقية ذات صوت متفرد في أداء الموسيقى الفارسية التقليدية تعمل على إحياء روائع التراث الموسيقي في بلدهم الأصلي وإيصال صوت إيقاعها الساحر إلى شريحة واسعة من جمهور الموسيقى الشرقية في الغرب، معتمدين في تحقيق هذا الهدف على قدرات صوتية وإيقاعية مدهشة فاقت شهرتها الآفاق حتى اتفق النقاد الموسيقيون الغربيون والمهتمون بالإرث الموسيقي التقليدي الفارسي على تسمية أعضائها بأنهم «أفضل المؤدين لهذا النوع من الموسيقى في الغرب». وتكمن قوة فرقة «زارابانغ» في قدرة العازفين فيها على خلق صوت موسيقي جديد من إيقاعات الآلات الموسيقية الفارسية التقليدية مع الإبقاء على سحر الجوهر المتمثل في الصوت مصحوبا بما يشبه طقوس الرقص الجماعي وحركات الإيماء الداخلية، وتلوينات الأداء الصوفي الشرقي ضمن الفرقة الموسيقية الواحدة، الذي يجمع بين الارتجال والأداء التأملي المنظم النابض بالشباب والحيوية.