مجلس مدينة نيويورك يوافق على بناء مسجد قرب موقع هجمات سبتمبر

الشيخ فيصل عبد الرؤوف لـ«الشرق الأوسط»: سنبدأ على الفور حملة تبرعات لجمع الأموال.. والتكلفة أكثر من 100 مليون دولار

الشيخ فيصل عبد الرؤوف (يمين) يتلقى التهاني عقب صدور موافقة السلطات المحلية لمدينة نيويورك على بناء المسجد («الشرق الأوسط»)
TT

وافق مجلس مدينة نيويورك على خطة مثيرة للجدل على بناء مركز ثقافي إسلامي ومسجد على مسافة قريبة من موقع مركز التجارة العالمي الذي انهار في هجمات 11 سبتمبر (أيلول) التي تعرضت لها المدينة. وجاء تصويت المجلس غير الملزم في وقت متأخر من الاثنين بأغلبية 29 صوتا مقابل صوت واحد مع امتناع عشرة عن التصويت، في تأييد قوي للمشروع المقرر.

وقال المؤيدون للخطة إن مركز ومسجد «بيت قرطبة» سيغير الفكرة السلبية عن الإسلام المنتشرة في المدينة منذ هجمات 11 سبتمبر 2001. وقالت ديزي خان المشاركة في المشروع: «توقعنا بعض المعارضة. أعتقد أننا وصلنا إلى اللحظة التي بدأت فيها بعض المشاعر في الاختفاء.. لقد تعلمنا الكثير من هذا». وأضافت: «أنا حقيقة مسرورة لأن هذا النقاش قد تم». والمسجد هو جزء من مشروع متكامل يحمل اسم «مساكن قرطبة» ويتألف من 15 طابقا، ويضم أيضا معارض فنية ومسابح ومراكز رياضية، ولكن الإعلان عنه أطلق العنان لمشاعر متباينة بين سكان المنطقة من عائلات قتلى الهجوم ممن كانوا في برجي مركز التجارة.

من جهته قال الشيخ فيصل، وهو مصري الأصل من مدينة سمنود بمحافظة الغربية، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن تكلفة إقامة المركز الإسلامي سيتم تأمينها من تبرعات المسلمين في الولايات المتحدة بشكل خاص، إلى جانب تبرعات من دول عربية وإسلامية. وقال: «سنبدأ على الفور في حملة تبرعات لجمع الأموال اللازمة», مشيرا إلى أن تكلفة المشروع ستتخطى الـ100 مليون دولار. وعن الرسالة التي سيقدمها المسجد قال الشيخ فيصل إن الإسلام «دين سماوي يدعو إلى التسامح والاتصال مع الآخر, وهناك أكثر من آية قرآنية تؤكد سماحة ووسطية الدين الحنيف مثل: (لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ), و(لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)». وقال: «منهجنا الذي نسير عليه في الدعوة هو القرآن الكريم وسنة نبينا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام». وقال الشيخ فيصل عبد الرؤوف، وهو رئيس منظمة «مبادرة قرطبة» العاملة على بناء المسجد، إن منظمته التي قام بتأسيسها بعد أشهر من هجمات 11 سبتمبر «بهدف تحسين العلاقات بين الأميركيين والأمة الإسلامية» تنوي بناء مركز إسلامي وثقافي ضخم في نيويورك، ومن ضمنه المسجد، بتكاليف ستزيد على 100 مليون دولار. وأوضح أن كلفة إقامة المركز الإسلامي سيتم تأمينها من تبرعات المسلمين في الولايات المتحدة بشكل خاص، إلى جانب تبرعات من دول عربية وإسلامية. وذكر أن تشييد المركز الذي سيرتفع مبناه 15 طابقا في المنطقة فوق أرض مساحتها ألف متر مربع سيبدأ في سبتمبر العام المقبل، أي في ذكرى مرور 10 سنوات على الهجمات، وسينتهي بعد عامين من العمل.

أما المسجد الذي يبعد 150 مترا عن «الغراوند زيرو» فسيحتل الطابق الأرضي من البناء الذي سيتكون من الصلب والزجاج، وسيضم قاعة للفنون المسرحية تتسع لأكثر من 500 شخص، وحمام سباحة، وملعبا لكرة السلة، إلى جانب مكتبة ضخمة ومدرسة لتعلم القرآن الكريم واللغة العربية، وقاعة للمحاضرات، كما قد يتم تخصيص طابقه الأخير لإقامة مصلى ثانٍ، ولكن من دون مئذنة، «باعتبار أن معظم مسلمي نيويورك وضواحيها، وعددهم يزيد على مليون نسمة، يعرفون مواقيت الصلاة»، على حد تعبيره.

واعترف الشيخ فيصل، المتزوج من الماليزية ديزي خان، الناشطة معه في المنظمة، والتي تتولى إدارتها التنفيذية وله منها ولد واحد و3 بنات، أن بناء المركز الثقافي الإسلامي والمسجد الذي سيتسع لألفين من المصلين في تلك المنطقة أثار حفيظة بعض ذوي ضحايا هجمات 11 سبتمبر، مشيرا إلى أنه مشغول منذ أسابيع بالرد على مزاعم ومخاوف أثارها الإعلام الأميركي. ويهيئ الشيخ فيصل عبد الرؤوف نفسه منذ الآن ليكون إماما للمسجد، إضافة إلى رئاسته للمركز الثقافي الذي اختار له اسم «بيت قرطبة» تيمنا باسم جامع قرطبة الشهير في إسبانيا. وحيال بعض الانتقادات التي تواجه بناء المسجد، يؤكد الإمام أنه يريد نشر هوية ثقافية أميركية مسلمة تعتمد على التسامح والوسطية». ويقول المعارضون للخطة إن المسجد سيكون قريبا جدا من موقع برجي مركز التجارة العالمي السابق، اللذين دمرا في هجمات بطائرات خطفها إسلاميون وأدت إلى مقتل ثلاثة آلاف شخص. ورأى المعارضون للخطة في ذلك إهانة لذكرى الضحايا. إلا أن رئيس مجلس مجتمع مانهاتن سكوت سترينغر قال: «إن تلميح أي شخص بأنه من غير اللائق وجود مسجد في نيويورك.. ليس من شيم الأميركيين».

وأضاف لصحيفة «ديلي نيوز»: «سأبذل كل ما في وسعي لكي يتم افتتاح هذا المسجد، وأن يتمتع الناس بحق التجمع هناك وممارسة شعائرهم الدينية». وتنص الخطة على بناء المركز الإسلامي في موقع كان متجرا سابقا للملابس، ومن المقرر أن يحتوي على ملاعب رياضية ومسرح، إضافة إلى المسجد.