حماس تعتقل العشرات من مطلقي الصواريخ والمشتبهين في حوادث تمس سلطتها

قياديون في «الألوية» و«السلفية» يتهمون عناصر في حماس بالوقوف وراء الحوادث الأخيرة

TT

لم تكن حركة حماس تنتظر تحديا من هذا النوع بعدما كانت تعتقد أن حركة فتح، التي هزمتها بسهولة منتصف 2007، وحدها يمكن أن تهدد سلطتها في القطاع، لكن بعد 3 سنوات من بسط الحركة حكمها على غزة، يتضح شيئا فشيئا أن جماعات أخرى لم تكن بالحسبان باتت تشكل إزعاجا متزايدا لسلطتها.

وهذا الأسبوع، واصلت فصائل فلسطينية متشددة إطلاق صواريخ من غزة على إسرائيل، رغم أن حماس أعلنت مرارا عن توافق فصائلي على وقف إطلاق الصواريخ، والأسبوع الماضي أحرق مسلحون مجهولون في مدينة غزة مخيما صيفيا تابعا لوكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة «الأونروا» متهمين الوكالة الدولية بإفساد الشباب المسلم، وقبل أيام، اعتدى مسلحون على مطرب في إحدى حفلات الزفاف في مدينة خان يونس وأحرقوا آلات موسيقية تقدر قيمتها بـ40 ألف دولار، وهددوا بحرق كل الأفراح التي يصفونها بـ«الماجنة».

ولمواجهة كل ذلك، اعتقلت حماس العشرات من ألوية الناصر صلاح الدين حليفة حماس في عملية اختطاف الجندي جلعاد شاليط، المشتبهين في إطلاق صواريخ على إسرائيل وحرق المخيم الصيفي بينما تلاحق سلفيين مشتبهين في مهاجمة العرس. لكن قياديين في الألوية وفي الجماعات السلفية، شنوا هجوما عنيفا على حماس قائلين إن معظم الحوادث التي تمت في غزة أخيرا نفذتها عناصر من حماس في محاولة لتصفية حسابات بين قياديين في الحركة.

وقال مصدر في ألوية الناصر لـ«الشرق الأوسط» إن جهاز الأمن الداخلي لحماس اعتقل نحو 20 من عناصر الألوية بتهم إطلاق صواريخ على إسرائيل والمشاركة في حرق المخيم الصيفي التابع للأونروا. وأضاف المصدر: «اتهموا بعضهم بإطلاق صواريخ من غزة، واتهموا بعضهم الآخر بإطلاق الصواريخ بأوامر من قيادات مشبوهة تعمل لصالح إسرائيل، بينما اتهموا آخرين بالوقوف خلف حرق المخيم الصيفي التابع للأونروا». وفيما أكد المصدر إطلاق الألوية لصواريخ على إسرائيل فإنه نفى أي علاقة للألوية بحادثة إحراق المخيم الصيفي.

واتهم المصدر حركة حماس باعتقال اثنين لا علاقة لهم بحادثة المخيم الصيفي، واحد مصاب، والثاني صحافي تربطه بالأول علاقة جيدة، «في محاولة لإبعاد الأنظار عن الفاعل الحقيقي». وتساءل: «كيف سيتمكن مجاهد مبتور القدم وبعض أصابع يده اليمني، من التحرك ومهاجمة المخيمات الصيفية التابعة للأونروا على بحر مدينة غزة».

وقال إيهاب الغصين المتحدث باسم وزارة الداخلية في حكومة حماس المقالة إن عددا من المشتبه بهم احتجز بسبب الهجوم على معسكر الأمم المتحدة لكنه لم يقدم تفاصيل عن الجماعات التي ينتمون إليها. وأكد الغصين أن أجهزة الأمن انتهت من وضع خطة لتوفير الحماية الأمنية للأماكن العامة التي يتوجه إليها السكان للاستمتاع بالعطلات الصيفية ومن بينها المطاعم والشواطئ.

غير أن المصدر من الألوية اتهم مسلحين معروفين من حماس، بالوقوف وراء إحراق المخيم الصيفي، وليس أي فصيل آخر. وأكد ذلك، القيادي في الجماعات السلفية أبو البراء المصري، الذي اتهم هو الآخر عناصر حماس بحرق المخيم التابع للأونروا نتيجة خلافات داخلية.

وقال المصري لـ«الشرق الأوسط»: «لو اجتمع شخصان من عناصر السلفية الجهادية معا في مكان ما سيتم اعتقالهما فورا أو ملاحقتهما، فكيف يمكن للعشرات من المسلحين من السلفية الجهادية إغلاق شارع عام في منطقة مدينة غزة وإضرام النار في مخيم الأونروا الصيفي، في ظل حكومة كحكومة حماس وأمنها المعروف».

وأضاف: «حماس تعاني من أزمة مشكلات داخلية بين القيادات وبالتحديد الأمنية منها، وحقيقة الأمر أن كل طرف يحاول وضع عراقيل أمام الطرف الآخر من خلال تنفيذ عمليات من قبيل إحراق مخيم الأونروا أو مهاجمة الأعراس كما حدث في خان يونس، ومن ثم يحاولون وضع السلفية الجهادية وفصائل أخرى كضحية، بديلا عن عناصرهم».

ورغم أن المصري اتهم قيادات معروفة في حماس بالتحريض ضد الغرب والأونروا، فإنه لم ينف أن نهج جماعته يقوم على محاربة الغرب. وتتهم الجماعات السلفية حماس «بالتخاذل في تطبيق الشريعة الإسلامية لصالح إقامة علاقات مع دول غربية كافرة».

وهذا جزء من التوتر الحاصل بين حماس وهذه الجماعات، إذ تحاول حماس فتح علاقات جيده مع الغرب وبخاصة الولايات المتحدة. وقال المصري: «نحن كجماعة سلفية جهادية هدفنا الأول الجهاد في سبيل الله، وما بيننا وبين الحكومات القائمة في أي دولة، وفي فلسطين المحتلة بالتحديد، أنها طالما قامت على غير شرع الله وانتهجت تطبيق القوانين الوضعية في الحكم، فليس بيننا وبينها أي طاعة أو ولاء وليس لها علينا ولاية ولا سلطان ولا طاعة وإنما البغض البواح والعداء الصريح حتى يطبقوا شريعة الله في الأرض».

وأضاف: «نحن في المرحلة الحالية ما زلنا في مرحلة تجديد بناء وما زلنا نعّد العّدة، وما بيننا وبين الغرب، هو ما أمر به الإسلام، وما بيننا وبين الآخرين هو قربنا من تطبيق شريعة الله في الأرض، ولن يموت الإسلام باستشهاد الأبطال والزج بهم في السجون يعذبون تحت سيّاط الظالمين».