أبو مازن يطلق اسم «الحرية» على مؤتمر الاستثمار في بيت لحم ويمنح الجنسية الفلسطينية لمتضامني الأسطول

دعا حماس للمصالحة مؤكدا أن الوطن أكبر من كل التحفظات

ناشط مؤيد للفلسطينيين يرفع يديه داخل حافلة إسرائيلية نقلته من سجن إيلا في مدينة بئر سبع في جنوب إسرائيل. وكتب على كفيه عبارة «غزة حرة» و«أفرجوا عن جميع السجناء» (رويترز)
TT

أطلق الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) اسم «الحرية» على مؤتمر فلسطين للاستثمار الاقتصادي الذي افتتح أعماله في بيت لحم أمس، وذلك ردا على عملية القرصنة الإسرائيلية في عمق البحر ضد «أسطول الحرية» التي راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى المتضامنين مع قطاع غزة.

ومنح عباس الجنسية الفلسطينية «إلى جميع شهداء وجرحى ومتضامني أسطول الحرية». وقال في كلمته الافتتاحية في المؤتمر: «هؤلاء هم شهداؤنا ونعزي أنفسنا بهم ونعتبرهم من اليوم حاملين للجنسية الفلسطينية، ليس فقط الشهداء ولا الجرحى ولا المعتقلين إنما كل من ساهم بهذه العملية لأنها عملية شرف شارك فيها العالم أجمع».

وأدان أبو مازن بشدة الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية، واصفا ما قامت به إسرائيل بأنه إرهاب دولة، مطالبا بحماية دولية وموقف عربي ودولي موحد لرفع الحصار عن قطاع غزة ولجنة تحقيق دولية ترفع نتائجها إلى مجلس الأمن. وقال: «لا نريد أن يكون بيان مجلس الأمن الدولي طفرة لامتصاص الغضب بل نريده حقيقة لرفع الحصار والتحقيق في ما جرى».

وقارن الرئيس الفلسطيني بين المهمة التي حملها أسطول الحرية وهي كسر الحصار على غزة والأهداف التي ينعقد من أجلها مؤتمر الاقتصاد، قائلا: «إذا كانت قافلة الحرية تأتي من الغرب من أجل كسر الحصار فإن مؤتمر الحرية ينعقد هنا من أجل كسر الحصار عن الشعب الفلسطيني أيضا».

ووجه أبو مازن تحية إلى الدور التركي، وأشاد بموقف «تركيا الشقيقة» في استمرار دعمها للقضية الفلسطينية، الأمر الذي رد عليه الحضور الذي فاق 1500 شخص، بالتصفيق وقوفا طويلا، وعقب عباس: «أتمنى أن وقفتكم هذه قد وصلت إلى الشعب التركي». كما وجه التحية «لكل الدول التي وقفت في وجه الإرهاب الذي تعرضت له قافلة الحرية». ومضى يقول: «ليست هذه هي المرة الأولى التي امتزج فيها الدم العربي الإسلامي العالمي مع الدم الفلسطيني في مسيرة النضال الطويلة للشعب الفلسطيني، ولن تذهب هذه الدماء الزكية التي سالت قبل يومين من الشهداء والجرحى هدرا فهؤلاء هم شهداؤنا ونعزي أنفسنا بشهادتهم».

كما اعتبر أبو مازن قرار مصر بفتح معبر رفح قرارا جيدا، مثمنا دور مصر في تحقيق المصالحة الفلسطينية، وانتهز أبو مازن كلمته لدعوة حماس إلى تحقيق المصالحة ردا على «المجزرة» الإسرائيلية، وقال: «هذا الرد أفعل من كل أشكال الشجب والاستنكار والإدانة». وأكد أن القيادة قررت إرسال وفد على أعلى المستويات إلى غزة لإتمام المصالحة، وأضاف: «لا أعتقد أن هناك فرصة أهم وأكبر من هذه الفرصة، نحن مفرقون وهناك انقسام فلسطيني، لماذا لا نوحد أنفسنا؟.. وهذه فرصة علينا أن نستغلها». وأضاف: «طلبنا من منيب المصري (رجل الأعمال الفلسطيني) باعتباره ذهب أكثر من مرة وحاول أكثر من مرة، لكي يقود وفدا إلى غزة».

وتمنى أبو مازن أن تكون الأنباء التي سمعها حول رفض حماس لفكرة توجه الوفد إلى غزة غير صحيحة، وقال: «أرجو ألا تكون الأخبار التي سمعتها حول رفضهم استقبال الوفد صحيحة، وإن كان ذلك قد حصل فعلا فهذا عيب لأن الوفد أساسا سيذهب إلى بلده وليس بحاجة إلى تصريح ولا موافقة، تعالوا إلى كلمة سواء إلى الوقوف بجانب بعضنا البعض والسير في مسيرتنا إلى النهاية حتى بناء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.. سنستمر بالدعوة من أجل المصالحة الوطنية الفلسطينية، والوقت ليس وقت التحفظات أو التساؤلات، الوطن أكبر بكثير من هذا التحفظات». وتحدث أبو مازن عن زيارته المرتقبة التي سيقوم بها إلى واشنطن الأسبوع المقبل للقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما، وقال: «سأتوجه إلى واشنطن وألتقي الرئيس أوباما وأنا أحمل رسالة شعب يعاني ويتألم كل يوم وكل ساعة.. إن رسالتي هي أن كل الأطراف تحتاج اليوم إلى قرارات شجاعة تغير وجه المنطقة وليس إلى قرارات فرعية وجزئية لا تنهي المعاناة والآلام. إن قرار إنهاء الاحتلال ورفع ظلمه عن شعبنا هو السبيل الأوحد لتحويل المنطقة من منطقة إرهاب ومجازر وحشية وحصار لشعبنا وأحقاد وكراهية، إلى منطقة سلام». وأضاف: «إننا نطالب بحماية دولية حقيقية، وهذه مسؤولية مجلس الأمن الدولي وجميع المؤسسات الدولية بما فيها اللجنة الرباعية الدولية. ويجب أن يكون هنالك موقف عربي ودولي موحد، لرفع الحصار عن غزة، ولجنة تحقيق دولية يشكلها الأمين العام للأمم المتحدة تُرفع نتائجها إلى مجلس الأمن لاتخاذ قرار ملزم وواضح يحمي شعبنا وحقوقه، ويرفع الحصار عنه».

وتابع: «إن الشعب الفلسطيني يطمح لأن يتحول بيان مجلس الأمن الأخير إلى حقيقة واقعة، وأن لا يكون طفرة من أجل امتصاص الغضب.. نحن لن نرضى أن تكون عملية السلام وسيلة للتهرب من السلام واستحقاقاته. وأولى الخطوات على طريق السلام هي الوقف التام والشامل للاستيطان دون شروط ورفع الحصار عن غزة والقدس، وعن جميع مدننا وقرانا، والالتزام بمرجعية السلام».

ودعا أبو مازن إلى الاستثمار في فلسطين، وقال: «هناك فرص استثمارية واقتصادية متنوعة في سوقنا الفلسطينية، وأن هذه الفرص غير مستغلة بالكامل، نحن نريدكم (المستثمرون) جزءا من صمود الشعب الفلسطيني، وجزءا من انعتاقه من هذا الاحتلال الجاثم على أرضنا، وعنصرا هاما في تطوير اقتصادنا الوطني».

وكانت بيت لحم قد شهدت أمس حركة نشطة، وإجراءات أمنية مشددة. فقد انتشرت أعداد كبيرة من عناصر الشرطة والأمن وحرس الرئاسة في الشوارع وفي محيط الفنادق التي نزل فيها المشاركون في المؤتمر.وألغت السلطة كافة الفعاليات الافتتاحية التي كانت مقررة، بسبب حادثة أسطول الحرية، لكن قدمت ما مجموعه 123 مشروعا متوسطا وصغيرا، بتكلفة نصف مليار دولار. وقال أبو مازن: «كلنا أملٌ أن يجلب المؤتمر معه الخير لوطننا وشعبنا، وأن يسهم في إعطاء دفعة قوية للاقتصاد الفلسطيني تضاف إلى النمو الملحوظ الذي شهده خلال السنوات الثلاث الماضية في الضفة الغربية، الذي وصلت نسبته إلى 8% خلال عام 2009.

ورأى عباس النمو «نتيجة لسياسات حكيمة انتهجتها السلطة الوطنية الفلسطينية، التي تعمل على فرض مبدأ سيادة القانون، وتحافظ على الأمن العام، إذا لم يكن هناك أمن لن يكون هناك اقتصاد ولا تنمية ولذلك بدأنا فورا، بتطبيق خطة الإصلاح المؤسساتي والقانوني والاقتصادي لنؤسس لنهج تشاركي ندعم فيه القطاع الخاص الفلسطيني، ونحفز مبادراته في مختلف المجالات والقطاعات».