إسرائيل تشكل لجنة للتحقيق في العدوان على «الحرية» والنائبة العربية تتعرض لشتائم وتهديدات في الكنيست

في محاولة لاستباق تكرار «تقرير غولدستون»

ناشطات يلوحن لدى وصولهن إلى الأردن من إسرائيل أمس (إ.ب.أ)
TT

في محاولة لصد الانتقادات الجارفة في العالم على جريمة قتل وجرح عشرات نشطاء السلام من ركاب سفن أسطول الحرية لكسر الحصار عن غزة، أعلن الجيش الإسرائيلي عن تشكيل لجنة داخلية مهنية للتحقيق في الأحداث، وبحث المجلس الوزاري الأمني المصغر في جلسته الثانية بعد ظهر أمس كيفية صد المطلب الدولي بكسر الحصار عن قطاع غزة وتشكيل لجنة تحقيق دولية حول الهجوم.

وجرت هذه المحاولات وسط حملة غير مسبوقة من الصحافة الإسرائيلية نفسها، تهاجم فيها الحكومة وبشكل خاص رئيسها بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه ايهود باراك، وبقية الوزراء الذين اتخذوا القرار بالسيطرة بالقوة على سفن أسطول الحرية، وتهاجم طريقة تنفيذ القرار بالعملية العسكرية الفاشلة وتهاجم طريقة الحكومة ووزرائها وكبار موظفيها في الدفاع عن النفس معتبرينها «أضافت إلى الفشل فشلا أكبر». وطالبت بأن يجري تحقيق جدي ومهني ونزيه، حتى يدفع المسؤولون ثمن هذا الفشل، الذي ألحق أضرارا كبيرة بمكانة إسرائيل وسمعتها وعلاقاتها الخارجية. وكانت الحكومة، وفي إطار التخفيف من الأضرار ومنع تفاقمها، قد أقرت سلسلة خطوات سريعة تم البدء بتنفيذها بشكل فوري، أبرزها:

- إطلاق سراح جميع المتضامنين المحتجزين في السجون، وعددهم 679 شخصا. وقد استمرت هذه العملية طيلة يوم أمس وحتى التاسعة مساء. وحاولت قوى اليمين المتطرف منع الحكومة من تنفيذ قرارها، فتوجهت منظمتان تمثله إلى محكمة العدل العليا زاعمة أن بين ركاب السفن كثيرا من الإرهابيين الذين حاولوا قتل جنود إسرائيليين، وإطلاق سراحهم سيمنع تطبيق الإجراءات القانونية التي ينص عليها القانون ضدهم. وسبقتهم إلى المحكمة نفسها مجموعة من اليساريين، مطالبة باطلاق سراح الأسرى، وردت الحكومة عليهم بالقول إنها تحتجزهم من أجل التحقيق. فاضطرت الحكومة لتغيير موقفها أمام المحكمة والمطالبة برد دعوى اليمين بالقول إن الدولة (إسرائيل) تتعرض لحملة مطالبات وضغوط شديدة وعدم التجاوب مع المطالب يهدد بإلحاق ضرر شديد بالمصالح العليا لإسرائيل. وقبلت المحكمة موقف الحكومة الثاني وردت الدعاوى المطالبة بإبقائهم.

- بدأت الشاحنات الإسرائيلية بنقل المواد الغذائية والطبية التي حضرت على متن سفن أسطول الحرية إلى قطاع غزة وأضافت عليها شاحنات إسرائيلية أخرى وفتحت المعابر التجارية المغلقة، وكل ذلك وسط تغطية إعلامية.

- شكلت لجنة التحقيق العسكرية من جهة، وأعلنت بلسان وزير دفاعها أن إسرائيل تعرف كيف تتعلم الدروس من الأخطاء وتعرف كيف تعالج هذه الأخطاء.

- قررت التعامل بشكل مغاير مع السفينة الأيرلندية، التي تحمل اسم «راشيل خوري»، نسبة إلى المواطنة الأميركية الشابة، التي حضرت إلى غزة للتضامن مع أهلها وقتلتها قوات الاحتلال سنة 2003 في رفح عندما حاولت التصدي لجرافة إسرائيلية تهدم بيتا فلسطينيا. وكان قائد هذه السفينة قد أبلغ إسرائيل بقدومه مع 15 شخصا من نشطاء السلام في أيرلندا، مؤكدا أنهم جميعا رجال سلام وليسوا مسلحين. وقال دراك غرهام، أحد منظمي هذه الرحلة إنهم تأخروا عن ركب أسطول الحرية لأسباب فنية، وبعدما علموا بالهجوم الإسرائيلي الدموي على سفينة «مرمرة»، «زدنا إصرارا على مواصلة الرحلة لمناصرة غزة وأهلها وآمل أن تكون إسرائيل قد استفادت من أخطائها». وأعلنت إسرائيل أنها ستتيح للسفينة أن تصل إلى ميناء أسدود ووعدت بنقل البضائع التي تحملها (مواد وأدوات طبية ومدرسية) إلى قطاع غزة.

وما زالت هذه العملية العدوانية تثير ردود فعل صاخبة وتوترا شديدا في إسرائيل. فمن جهة ظهرت الصحافة بموقف عام ضد العملية مكررة كمطلب إجراء تحقيق مهني جدي حولها ومعاقبة المسؤولين عن الفشل. وتركز الهجوم على القيادة السياسية، التي اتخذت القرار المبدئي بالسيطرة بالقوة على سفن الأسطول، وهو أساس الخطأ، حيث إن نتيجته الدامية واضحة ومعروفة سلفا. ووجهت السهام إلى نتنياهو وباراك بشكل خاص، لأن كثيرا من الوزراء تنصلوا من المسؤولية وادعوا أنهم لم يكونوا شركاء في القرار. إلا أن مقالات كثيرة انتقدت الجيش أيضا، وهذه سابقة. فقد اعتادت وسائل الإعلام الإسرائيلية مساندة الجيش في كل الحروب والعمليات، على الأقل في أيامها الأولى، بينما وجهت الانتقادات هذه المرة في خضم الحدث. وقالوا إن الجيش فشل من الناحية الاستخبارية حيث لم يعرف ماذا يدور على متن السفينة وفشل في السيطرة، حيث قتل تسعة أشخاص وجرح 43 شخصا في عملية سيطرة على سفينة مدنية.

وبدا أن التوتر الإسرائيلي انصب، أمس، على النائبة حنين زعبي، عضو قيادة حزب التجمع الوطني، التي وجدت على متن سفينة «مرمرة» خلال الهجوم الدامي عليها.. وكشفت أن الجيش أطلق الرصاص على المتضامنين الأجانب قبل أن تتم عملية الإنزال. فقد هاجمها نواب اليمين، من أحزاب الائتلاف وحتى من حزب كديما المعارض. واتهموها بالخيانة والتعاون مع الإرهاب. وأقدمت النائبة ميري ريغف، وهي من حزب الليكود وكانت ناطقة بلسان الجيش الإسرائيلي، على شتم الزعبي باللغة العربية. وقد هب النواب العرب يدافعون عنها ويهاجمون الحكومة ونوابها على تصرفاتهم.