الجزائر: رهينة أفرجت عنه «القاعدة» يناشد السلطات عدم متابعة شقيقه بسبب دفع فدية الخاطفين

«الشرق الأوسط» التقته في بلدة بغلية شرق العاصمة

محمد رزيق مع والدته («الشرق الأوسط»)
TT

ناشد جزائري، أفرج عنه تنظيم القاعدة مقابل فدية، سلطات بلده عدم متابعة شقيقه قضائيا بسبب دفع مال للخاطفين حتى يسترجع حريته. وتجند أهل ببلدة بغلية التي تبعد نحو 70 كلم شرق العاصمة، وتقع في أحد أخطر معاقل الإرهاب، تضامنا مع أسرة المختطف محمد رزيق بتنظيم مظاهرة حاشدة، دفعت المسلحين إلى إطلاق سراحه.

واستعاد رزيق حريته السبت الماضي بعد احتجاز في معاقل الجماعة الإرهابية دام 23 يوما، وهو يعاني حاليا من أزمة نفسية حادة، بحسب الخبير الطبي الذي عاين حالته.

وزارت «الشرق الأوسط» رهينة «القاعدة» سابقا، في بيته في بلدة بغلية وبها تعرض مقر الدرك الوطني الأسبوع الماضي، لتفجير راح ضحيته مدني، وأصيب اثنان بجروح خطيرة، أحدهما نائب رئيس بلدية بغلية.

وقال محمد، الذي كان تحت تأثير مهدئات، إنه عاش ظروفا صعبة في معاقل الجماعة الإرهابية. ورفض الخوض في تفاصيل احتجازه.

وزاد قائلا: «لنترك هذا الأمر ليوم آخر.. أنا متعب حاليا وأريد أن أرتاح». وأضاف: «إنني أخشى على شقيقي كريم من دخول السجن، أناشد السلطات وأناشد رئيس الجمهورية أن يأخذوني إلى السجن بدلا منه، لا يعقل أن يصيبه مكروه بسبب أنه أنقذ حياتي».

وتعود مخاوف محمد (29 سنة)، إلى احتمال قوي بمتابعة شقيقه الأكبر بتهمة «دعم الإرهاب» بسبب الفدية التي دفعها للخاطفين والتي يجرمها القانون.

وفي بلدة بغلية بالتحديد، سجن العام الماضي شخص ثري لأنه دفع فدية لنفس الجماعة الإرهابية، لإنقاذ نجله المختطف.

وتعرف عائلة رزيق بكونها من أغنى عائلات بغلية، إذ يستثمر أفرادها أموالا كثيرة في زراعة الكروم، ويملكون شركة للإسمنت، ولهم استثمارات أخرى خارج ولاية بومرداس، وهو سبب استهدافهم من طرف مجموعة تنتمي لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

وتعتبر الفدية شريانا مهما يمكن الإرهاب من شراء الأسلحة والذخيرة والمؤن، وهي ظاهرة أخذت أبعادا خطيرة في الساحل الأفريقي.

وكان كريم عائدا من إحدى المزارع التي تملكها العائلة في المنطقة، عندما اعترض طريقه مسلحون في وضح النهار واقتادوه إلى معقل يقع في غابة ميزرانة، بحسب مصادر محلية، التي تشتهر بكونها منطلقا لشن اعتداءات إرهابية على أهداف عسكرية ومدنية في ولايتي بومرداس وتيزي وزو وحتى الجزائر العاصمة.

وتلقى كريم اتصالا هاتفيا في اليوم نفسه، من الجماعة الخاطفة تخبره بأنها ستذبح شقيقه محمد في حال لم يدفع 30 مليون دينار جزائري (ما يعادل 300 ألف دولار). ويقول كريم عن ذلك: «لقد كنت أنا المستهدف بحسب تحذيرات بلغتني من مصالح الأمن منذ شهور، لهذا صدمت ولم أعرف ما أفعل في تلك اللحظة، لكنني كنت مستعدا لتقديم كل ثروتي لإنقاذ شقيقي، الذي كلمته مرتين هاتفيا وكان منهارا ومتوترا، وقال لي: افعل أي شيء، استجب لمطالبهم.. المهم أن أغادر هذا المكان في أقرب وقت».

ويقول كريم إن الاتصالات التي جرت بينه وبين الخاطفين، كانت مصالح الأمن على دراية بها. وبعد أخذ ورد مع الجماعة الخاطفة، تراجع سقف المطالب المالية إلى 30 ألف دولار، وهو مبلغ وضعه كريم بين يدي مسلحين كانا يرتديان لباسا أفغانيا.

وروى كريم لـ«الشرق الأوسط» كيف قدم الفدية، وقال: «ركبت سيارتي واتجهت إلى تادمايت (تبعد 20 كلم عن بغلية)، بناء على اتفاق مع الخاطفين. ولكن قبل ذلك أبلغت أجهزة الأمن بكل التفاصيل. التقيت في مكان معزول قريب من سفح جبل، شخصين ملتحيين وسلمتهما المبلغ، وقال لي أحدهما: سنتصل بك لنبلغك كيف وأين ستسترجع شقيقك. لكن اللافت أنهما لم يعدا المبلغ وغادرا المكان بسرعة نحو الجبل». كان ذلك الجمعة الماضي.

وفي اليوم الموالي تلقى كريم اتصالا من الخاطفين، واتجه نحو بلدة ماكودة القريبة، وبها وجد محمد في انتظاره. ويعتقد كريم أن المظاهرات الصاخبة والإضراب الذي شنه تجار بغلية الأسبوع الماضي تضامنا مع عائلة المختطف، «هو ما دفع الإرهابيين إلى مراجعة سقف مطالبهم وإلى القبول بأي مبلغ كان معي، فهم شعروا لأول مرة بعداء غير مسبوق من سكان المنطقة بعدما فرضوا عليهم سنوات طويلة دفع (ضريبة الجهاد)، وهي أموال الفلاحين والمزارعين الأغنياء والبسطاء».