مشروع الموازنة العامة اللبنانية للسنة الحالية يحرك تساؤلات سياسية عن «تجاوزات» السنوات الماضية

بري طالب بتفسيرات عن كيفية إنفاق 11 مليار دولار

TT

بالتزامن مع جلسات الحكومة اللبنانية المخصصة لدرس الموازنة العامة للسنة الحالية، والمرجح إقرارها في جلسة يعقدها مجلس الوزراء غدا أو يوم الاثنين المقبل على أبعد تقدير، تصاعدت المواقف السياسية من هذه الموازنة، واستكمل الهجوم المركّز عليها من رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، بموقف لافت لرئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي طلب «تفسيرات عن كيفية صرف 11 مليار دولار من خارج القاعدة الاثني عشرية»، وهو ما فسره مراقبون بأنه «موقف اعتراضي على مشروع الموازنة وبنودها، وهو ما ينذر بأن مخاضها سيكون عسيرا عند انتقالها إلى المجلس النيابي، اللهم إذا اجتازت عقبة المناقشات الحكومية بسلام، خصوصا بعد أن طلب عون من وزرائه في الحكومة مغادرة جلسات مجلس الوزراء المخصصة للموازنة في حال إقرار أي بند فيها لا يحظى بموافقتهم.

وفي هذا الإطار أوضح عضو كتلة التحرير والتنمية التي يرأسها بري، النائب ميشال موسى لـ«الشرق الأوسط» أن «موقف الرئيس بري ليس اتهاميا ولا هو منطلق من خلفيات سياسية، وهذا الموقف لا يعبر عن اعتراض على الموازنة التي تناقشها الحكومة حاليا، لكن كل ما في الأمر أن رئيس المجلس بصفته رئيسا للسلطة التشريعية التي من واجبها المراقبة والمساءلة، من حقه أن يطلب تفسيرا حول الآلية القانونية التي على أساسها جرى صرف مبلغ 11 مليار دولار، ومن حقه أن يحصل على أجوبة تثبت أن عملية الصرف راعت الأصول، وأقله أن يقدم قطع حساب فيه، وهذا القطع هو أشبه ما يكون ببراءة الذمة». وأشار إلى أن «صرف المبلغ المشار إليه حصل في الفترة التي لم تقر فيها موازنات»، وعن سبب إثارة الموضوع الآن لفت موسى إلى أن «هذا الكلام بمناسبة درس الموازنة وإقرارها وليس لأي سببٍ آخر، خصوصا وأنها المرة الأولى التي يعمل فيها على إقرار موازنة عامة منذ خمس سنوات». من جهته رد وزير المال السابق جهاد أزعور على ما أثاره بري، فرأى أن «هذا الرقم مبالغ فيه وأقله غير دقيق على الإطلاق»، وقال: «لا أدري من أعطى دولة الرئيس بري هذا الرقم الذي حسب ما علمت أنه وضع في التداول منذ أيام، وعلى أي أساس جُمع هذا الرقم، وكيف جرى احتسابه؟ وهل يتضمن المبالغ التي صرفت على كهرباء لبنان من خلال تحويلات وسلف لا تدخل في الموازنة؟ وهل يتضمن أيضا خدمة الدين العام ومشاريع نفذت بهبات خارجية؟ من المؤكد أنه تصعب الإجابة على أرقام ليست بمتناولنا». وأكد أزعور أنه «من الطبيعي أن يطرح الرئيس بري الأسئلة وأن يستفسر عن أي أمر لأن هذا حقه وفي صلب مسؤولياته، ومن واجبنا أن نقدم الأجوبة، لكن يُفهم من الطريقة التي يطرحها وكأنه يوحي بوجود خطأ، وانطلاقا من ذلك لا بد من سؤالين أساسيين: الأول هل تخطينا خلال السنوات الماضية حدود القوانين والدستور؟ الجواب كلا، فنحن في المرحلة التي كنا فيها في الحكومة السابقة منذ منتصف 2005 وحتى منتصف 2008 احترمنا قواعد الدستور وقانون ديوان المحاسبة في عملية الصرف والإنفاق. والثاني: هل قمنا بواجباتنا؟ الجواب نعم، فنحن طيلة السنوات الثلاث أرسلنا الموازنات إلى المجلس النيابي ولم تقر، وكان يترتب علينا حينذاك مسؤولية إدارة شؤون البلاد والمرافق العامة والمحافظة على الاستقرار، وهذا يمكن مناقشته بشكل موضوعي». وذكّر أزعور أنه «ما بين عامي 2005 و2008 ورغم كل الصعوبات التي مرت بها حكومتنا بدءا من حرب تموز الإسرائيلية إلى حرب نهر البارد مرورا بإقفال المجلس النيابي وعدم إقرار الموازنات، تحملنا المسؤولية بكل أمانة وقمنا بواجبنا تجاه الناس وحافظنا على الدولة ومؤسساتها وعلى الخزينة وأعتقد أن كل الذين كانوا في الحكومة في تلك المرحلة مستعدون لتوضيح كل النقاط. ونحن بدورنا نطالب بطرح الموضوع بشكل علني وشفاف وهذا من حق الناس أيضا».