وزراء الخارجية العرب يبحثون خطة تحرك لإنهاء حصار غزة

ينتظرون عقد اجتماع وزاري ثان موسع للاستماع إلى مقترحات الدول العربية

الشيخ حمد بن جاسم وزير خارجية قطر يتحدث مع نظيره الفلسطيني رياض المالكي خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة أمس (إ.ب.أ)
TT

بحث مساء أمس وزراء الخارجية العرب خطط التحرك العاجلة والفورية لمواجهة اعتداءات إسرائيل على الشعب الفلسطيني، والتضامن مع تركيا واتخاذ إجراءات ضد قرصنة إسرائيل على «أسطول الحرية»، واستهل الوزراء اجتماعهم المحدود بالنظر في مشروع البيان الذي أعد على مستوى المندوبين وتم تبادل وجهات النظر للتوافق في القرار العربي ثم عقد اجتماع وزاري ثان موسع للاستماع إلى مقترحات الدول العربية.

وناقش الوزراء خلال اجتماعهم، الذي امتد إلى ساعات متأخرة من مساء أمس، كيفية التعامل مع الهجوم الإسرائيلي، كما ناقشوا خطة التحرك العربية على الساحة الدولية التي أعدها مجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين، وترتكز على الجوانب القانونية والسياسة والدبلوماسية، إضافة إلى الجانب الإعلامي الذي يهدف إلى تسليط الضوء على الجريمة الإسرائيلية بكل أبعادها.

ووفقا لمصادر مطلعة، فإن الخطة تركز على السبب الأساسي لكل مشاكل المنطقة المتمثل في الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، مع التأكيد على ضرورة رفع الحصار المفروض على قطاع غزة.

وقالت المصادر إن من بين الإجراءات المقترحة في الخطة، التحرك لدى المحاكم الدولية والوطنية لملاحقة مرتكبي الجريمة والقيام بنشاط سياسي على الساحة الدولية لإظهار مخاطر الهجوم الإسرائيلي على جهود السلام وبالتحديد الجهود التي تبذلها الإدارة الأميركية لإحياء عملية السلام.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن وزير الخارجية الأردني ناصر جودة اقترح اتخاذ الخطوات العملية التالية:

أولا: تكليف المجموعة العربية في نيويورك بالتحرك الفوري لعقد جلسة مستأنفة للجلسة الطارئة العاشرة للجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة، بهدف إصدار عدة قرارات أو قرار شامل يتضمن إدانة إسرائيل على اعتدائها الآثم على سفن مدنية في المياه الدولية، وتشكيل لجنة تحقيق دولية للتحقيق في هذا الاعتداء الآثم، ويتضمن القرار أيضا فرض إنهاء إسرائيل لحصارها الظالم وغير الإنساني على قطاع غزة وفتح إسرائيل للمعابر كافة مع القطاع، ويدين القرار استمرار إسرائيل في احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة كافة عام 1967 ويطالب بإنهاء هذا الاحتلال فورا وتحديد معالم الحل النهائي بتحقيق حل الدولتين بما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على كل الأراضي الفلسطينية طبقا لخطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967، ويطلب أيضا من محكمة العدل الدولية إصدار فتوى حول الآثار القانونية لاستمرار الاحتلال العسكري الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة كافة وفي القلب منها القدس الشرقية.

ثانيا: تكليف المجموعة العربية في جنيف، بالتحرك الفوري لعقد جلسة طارئة لمجلس حقوق الإنسان واستصدار قرار من المجلس يتضمن إدانة إسرائيل على هذه الجريمة، وفرض إنهاء الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة وإطلاق تحقيق دولي في ملابسات هذه الجريمة.

ثالثا: تكليف الأمانة العامة بالتشاور مع الدول العربية المعنية والمهتمة وعلى وجه السرعة، بدراسة إمكانية اللجوء إلى رفع دعوى ضد إسرائيل لدى محكمة العدل الدولية بخصوص اختراقها المتكرر للقانون.

وشدد جودة على أن استقرار هذه المنطقة لن يتحقق إلا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشرقية، وإحلال السلام الشامل الذي يتطلب إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وبشكل كامل، للجولان العربي السوري وبقية الأراضي اللبنانية التي تحتلها إسرائيل.

وقال «لن يثنينا وهم الحكومة الإسرائيلية الحالية بإمكانية إذعان وإخضاع العرب والفلسطينيين لمقاساتها للحل الذي تتوهم إمكانية فرضه بالقوة ومحاولة فرض الوقائع، عن التصدي لها بمنطق صاحب الحق الذي يبسط يده بثقة وصدق نوايا للسلام الحقيقي ويتصدى في الوقت نفسه بحزم وثبات، في إطار القانون الدولي والشرعية الدولية واحترام الالتزامات والاتفاقات الدولية والتمسك بالقيم الإنسانية، لكل سلوك وكل عمل وكل خرق وكل جريمة نكراء توصد أبواب السلام وتغلق النوافذ والدروب المؤدية إليه».

وأكد أن المندوب الأردني الدائم في جنيف بادر إلى عقد اجتماع لمندوبي دول منظمة المؤتمر الإسلامي، وعلى أثره تقرر دعوة مجلس حقوق الإنسان للانعقاد وأخذ التدابير اللازمة إزاء هذا الاعتداء، وتفيد التقارير الواردة من جنيف أن المجلس أقر بالفعل التحقيق الدولي. وجاء اجتماع وزراء الخارجية بعد اجتماع المندوبين الدائمين الذي رفع مسودة بيان للاجتماع الوزاري، يتضمن أفكارا حول الإجراءات القانونية والسياسية والدبلوماسية المقترح اتخاذها للتعامل مع هذه الجريمة الإسرائيلية. ورفض الأمين العام والمندوبون الإفصاح عن مضمون مسودة البيان، مؤكدين أن هذا البيان عبارة عن مقترحات يمكن تغييرها من قبل وزراء الخارجية، معتبرين الإعلان عنها سابقا لأوانه.

وأكد عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، في تصريحات له مساء أول من أمس، أن عنوان هذه المرحلة يجب أن يكون رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع عزة أو كسره، ويجب أن يصل إلى نهاية فورية.

وقال موسى في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع الأول لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين، إن هذا الحصار مرفوض من دول العالم كلها، ويجب أن يرفع أو يكسر، وهناك محاولات عالمية جارية حاليا لتحقيق ذلك، فلا يمكن العمل على تجويع الفلسطينيين ثم يُطلب السكوت عن ذلك.

وأشار إلى أن الجامعة العربية تجري مشاورات مع عدد من وزراء الخارجية العرب والأوروبيين وغيرهم في هذا الشأن.

وقال: «تلقينا اتصالات من مسؤولي عدد من الدول، منهم رئيس وزراء اليونان ووزيرا خارجية إيطاليا وإسبانيا، وعدد من دول الأخرى، بشأن هذا الموضوع، فهناك انزعاج كبير من الدول مما حدث وتأثيره على مجريات الأمور في المنطقة.

وأوضح أنه تحدث هاتفيا مع وزير الخارجية التركي قبل دخوله قاعة مجلس الأمن، مؤكدا أن هناك تحركا مشتركا بين الجامعة العربية وتركيا.

وفيما يتعلق بالموقف الأميركي من الحادث، قال موسى إن البيان الذي سمعناه من الجانب الأميركي كان واضحا فيه رفضهم للاعتداء العسكري على المهمة الإنسانية، أما بيان مجلس الأمن فكان يجب أن يكون أقوى من ذلك، وأن يشكل رسالة رفض لما حدث وألا يتكرر، وأن يؤكد أن موضوع الحصار يجب أن يصل إلى نهاية فورية.

وحول تأثير هذا الهجوم على المفاوضات غير المباشرة.. قال إنه مما لا شك فيه أن الهجوم الإسرائيلي سيؤثر على الأجواء التي يمكن في ظلها إجراء مفاوضات منتجة ومفيدة، لافتا في الوقت ذاته إلى أن الفلسطينيين يعتبرون أن المفاوضات تدور بينهم وبين الإدارة الأميركية.

وطلبت سورية من مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين قطع أي علاقات بين الدول العربية وإسرائيل، وسحب التغطية العربية للمفاوضات غير المباشرة وإنهاء الحصار على قطاع غزة فورا.

وقال السفير يوسف أحمد، مندوب سورية الدائم لدى الجامعة العربية، في تصريح عقب ختام اجتماع مجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين، مساء أول من أمس (الثلاثاء)، إن سورية تقدمت بهذه الطلبات لمجلس الجامعة في مواجهة هذا العدوان الإسرائيلي الغاشم.

وكشف مصدر دبلوماسي عربي شارك في الاجتماع، أن دولة قطر طالبت بضرورة رفع الحصار عن قطاع غزة ووضع آليات محددة لفك الحصار.

وقال المصدر إن مندوب قطر في الجامعة العربية، السفير صالح بو العينين، أكد خلال الاجتماع ضرورة اتخاذ كافة الخطوات القانونية من أجل تقديم الذين وقفوا وراء الهجوم للمحاكمة، خاصة أنها ارتكبت في أعالي البحار على بعد 70 ميلا بحريا من الشواطئ الإسرائيلية، وهذا يعتبر من أعمال القرصنة البحرية، التي يجرمها القانون الدولي.

وقال إن ممثل قطر أشاد بقرار فتح معبر رفح، وطالب مصر بفتح المعبر باستمرار، وأوضح المصدر أن البيان يتضمن الشكر لتركيا، والتأكيد على أهميتها كدولة صديقة، مشيرا إلى أن هذا الحادث سيعمق التعاون العربي التركي، وسيعمل العرب بكل السبل على تعزيز هذا التعاون لأن تركيا دولة محورية في المنطقة، خاصة أنها تدافع عن القضايا العربية.