مبعوث الأمم المتحدة للصومال لـ «الشرق الأوسط»: أستعد لمغادرة منصبي في يوليو

ولد عبد الله: الأزمة الصومالية موجودة قبلي وستستمر بعدي * دبلوماسي تنزاني أبرز المرشحين لخلافته

TT

قال أحمد ولد عبد الله مبعوث الأمم المتحدة الخاص لدى الصومال لـ«الشرق الأوسط»: «إنه قرر نهائيا التقاعد والتخلي عن منصبه بحلول شهر يوليو (تموز) المقبل، لكنه نفى في الوقت نفسه أن يكون لقراره هذا أي علاقة بتصريحاته المثيرة للجدل خلال الأزمة التي اندلعت مؤخرا داخل ترويكا السلطة الانتقالية في الصومال التي يقودها الرئيس المؤقت الشيخ شريف شيخ أحمد».

وعلمت «الشرق الأوسط» أن بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة يتجه لتعيين دبلوماسي من تنزانيا لخلافة ولد عبد الله، فيما قالت مصادر صومالية إن سالم أحمد سالم الأمين العام السابق لمنظمة الوحدة الأفريقية هو أبرز المرشحين حظوظا لتولي هذا المنصب.

وقال ولد عبد الله في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا حيث يشارك في آخر اجتماع له بمقر الاتحاد الأفريقي هناك، إنه أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة في شهر أبريل (نيسان) الماضي بأنه لا يرغب في البقاء في منصبه أو التجديد له لتولي فترة ثانية. وأضاف: «العمل في الأمم المتحدة صعب ومعقد، طلبت عدم التجديد لي لفترة ثانية لكني سأبقى مستشارا للأمين العام في قضايا أخرى». وتابع: «سأغادر موقعي في شهر يوليو (تموز) المقبل، هذا قرار نهائي، ولايتي هي الأطول من نوعها مقارنة بمن سبقوني في هذا المنصب، أنا شخصيا راض عن عملي لكني أشعر بالأسف كون الصومال وخصوصا العاصمة مقديشو ما زالت حتى الآن رهينة لمنافسات شخصية».

وأوضح أنه قدم خطة جديدة للاتحاد الأفريقي تتضمن عدة عناصر لدعم السلام والاستقرار في الصومال، ولتقديم الدعم في ميدان الأمن والاقتصاد كما حدث في مؤتمر إسطنبول الأخير بالإضافة إلى العمل على ضمان حقوق الإنسان. وشدد على ضرورة تقديم الدعم لمنظمة الإيقاد ولقوات الاتحاد الأفريقي، معتبرا أنه من الضروري مساندة هذه القوات ودفع رواتبها وزيادة حجمها وتوفير كافة المساعدات اللوجستية والعسكرية التي تحتاج إليها.

ولفت إلى أن خطته تنص على أن أي شخص أو جهة في الصومال أو خارجه ضد الاستقرار يجب أن تطبق عليه قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بمكافحة الإرهاب. ونفى ولد عبد الله لـ«الشرق الأوسط» أن يكون قراره بالتخلي عن منصبه له صلة بالجدل الذي أثارته تصريحاته المؤيدة لقرار الرئيس الصومالي الشيخ شريف شيخ أحمد بطرد رئيس وزرائه عمر عبد الرشيد شارمارك على خلفية خلافه مع رئيس البرلمان السابق عدن مادوبي، قبل أن يتراجع الشيخ شريف لاحقا عن إقالة شارمارك.

وقال: «ليس لاستقالتي علاقة بهذا الأمر، كنت وما زلت أؤيد موقف الرئيس شريف والحكومة، هذا واضح على كل حال، لكن قراري بمغادرة موقعي قرار شخصي». وأضاف: «توليت منصبي للمرة الأولى في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2007 وأمضيت نحو ثلاث سنوات في المنصب وهي فترة طويلة مقارنة بمن سبقوني، لكن الآن لدي أمور شخصية علي الاهتمام بها».

واستطرد قائلا: «لدي احترام كبير للأمين العام وهو من عينني، لكن لدي مسؤوليات أخرى وعائلية وهذه فرصة كي أجدد احترامي لكل زملائي في المنظمات الإقليمية والعربية الذين تعاملت معهم عن قرب في الملف الصومالي». ورأى المبعوث الأممي أن الأزمة الصومالية طويلة وفيها جوانب تجارية واقتصادية ومالية وتهريب للأموال بالإضافة إلى التجارة غير الرسمية، مشيرا إلى وجود المتطرفين الإسلاميين وعدم وجود خبرة لدى المسؤولين الحكوميين بالإضافة إلى الحرب الأهلية الدائرة منذ عام 1991.

وأكد ولد عبد الله على ضرورة استمرار المجتمع الدولي في تقديم كافة أنواع الدعم للسلطة الانتقالية كي تتمكن من بسط هيمنتها على كافة الأراضي الصومالية. ومضى إلى القول بأن: «هناك مسؤولية على المجتمع الدولي في مساعدة الشعب الصومالي الذي بات رهينة لأقليات سياسية».

ودافع ولد عبد الله عن الفترة التي أمضاها في موقعه، مفندا الاتهامات التي رددها ضده بعض المسؤولين الصوماليين خاصة من المناوئين للسلطة الانتقالية، وأضاف: «الكل حاربوني وهذا طبيعي، الأزمة الصومالية لها أكثر من عشرين عاما ولو قالوا إنني السبب أو من سبقني فهذا أمر غير محترم، الأزمة موجودة قبلي، وستستمر بعدي، دعهم يقولوا ما يشاءون، أي محلل موضوعي لا يمكن أن يعير أدنى اهتمام لهذه الاتهامات الكاذبة». كما نفى ولد عبد الله مسؤوليته عن الأزمة المالية التي تواجهها الحكومة الصومالية ووصلت إلى حد عدم قدرتها على دفع رواتب القوات الموالية لها أو رواتب أعضاء البرلمان وقال: «رواتب الشرطة والجيش والنواب يدفعها الاتحاد الأوروبي ونحن نقوم فقط بمهمة تسليمها، للأسف طلبنا منذ أكثر من سنة ونصف بعض الرواتب لكننا لم نتلق أي ردود». وتابع: «مكتب الأمم المتحدة في نيروبي يطالب يوميا بدفع الميزانية المقررة لدعم السلطة الانتقالية وتمكينها من دفع مستحقات عليها، لكن الشرط هو الاستقرار لأنه غير معقول أن يدفعوا رواتب بلا هدف». وأكد ولد عبد الله أنه كان يتمنى أن يحقق نتائج أكثر إيجابية للصومال، مضيفا: «أنا أدعم هذا الشعب والدولة وخصوصا الرئيس وحكومته ونحتسب أنهم ضحية للتنافسات واستمرار الحرب الأهلية التي تخلو من العقلية السياسية»، ومع ذلك لم يتخل المبعوث الأممي عن تفاؤله المحدود بشأن إمكانية حدوث انفراجة في الأزمة السياسية في الصومال، وقال: «هناك دوما حلول للحروب الأهلية كما حدث في سيراليون وليبيريا، لا يمكن استمرار الوضع الحالي في الصومال إلى ما لانهاية، الشيوخ والنساء والأطفال أصبحوا رهينة». وختم تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» بقوله: «أنا متأسف لأن الصوماليين ما زالوا يتهربون من تحمل مسؤولياتهم ويلقون بالتبعية على الآخرين».