أردوغان «البطل الذي يفتقده الفلسطينيون» ويتفوق على نصر الله بصوره في الضفة وغزة

محلل سياسي: تركيا لا تريد أن تترك المنطقة لإيران

TT

يتبادل رائد أبو بكر من رام الله صور رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مع رفاقه على «فيس بوك»، ويضعون صوره وأعلاما تركية وفلسطينية مشتركة، ويعلقون على كثير من الملصقات الكاريكاتيرية التي تظهر أردوغان بطلا وهو يهاجم الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس.

يناقش أبو بكر ورفاقه طبيعة الدور التركي على الصعيد الفلسطيني بكثير من الحماسة، وينضم إليهم أعضاء متحمسون من كل الدول العربية، يرون أردوغان بطلا جديدا.

وتظهر نقاشات على «فيس بوك» أن بعض الفلسطينيين وحتى العرب كانوا ينتظرون حربا تركية - إسرائيلية، أو قطيعة على الأقل، بعد الاعتداء الإسرائيلي الدامي على سفينة مرمرة التركية التي كانت تحمل مساعدات إلى قطاع غزة، في المياه الإقليمية نهاية مايو (أيار) الماضي، لكن ورغم عدم حدوث ذلك، ظل أردوغان بطلا في عيون كثير من الفلسطينيين.

إضافة إلى «فيس بوك» تشاهد صور أردوغان في المقاهي الكثيرة والمحال التجارية المنتشرة في رام الله وبقية المدن الفلسطينية، وكذلك سيارات خاصة وأجرة.

وقبل تأزم الموقف التركي - الإسرائيلي خاصة بعد الحرب العدوانية على غزة والاعتداء على أسطول الحرية، كانت صور الشيخ حسن نصر الله، زعيم حزب الله الأكثر والآن يحتل المرتبة الثانية. وقال أبو بكر لـ«الشرق الأوسط»: «إنه بطل، إنه أكثر من بطل، إنه رمز بالنسبة لي». واشتد إعجاب أبو بكر بأردوغان بعدما هاجم بيريس في منتدى دافوس العام الماضي، وقال أبو بكر «إنه جريء، إنه الأجرأ بين كل الزعماء في العالم». ويرى أبو بكر أن انتشار صور أردوغان والأعلام التركية في الأراضي الفلسطينية، جاء كجزء من رد الجميل على الموقف المناصر.

هذا الشعور حمل محمود حسن زعرب (57 عاما) من خان يونس جنوب قطاع غزة، على إطلاق اسم رئيس الوزراء التركي الثلاثي «رجب طيب أردوغان» على عدد من أحفاده وأبنائه، الذين سمى بعضهم رجب طيب أردوغان، وبعضهم رجب أو طيب أو أردوغان فقط.

وامتلأت الاستراحة التي يملكها زعرب على شط البحر في خان يونس بصور أردوغان والأعلام التركية حسب قوله، بعد أن كانت بيت عزاء لضحايا «مرمرة». وقال زعرب إن موقفه هذا يأتي تقديرا وشكرا للذين فقدوا حياتهم في سبيل رفع الحصار عن غزة، وأضاف للصحافيين: «إنهم لم يتخلوا عن نداء غزة ولبوا صرختها في الوقت الذي لم يرمش فيه جفن الأخ والشقيق».

ويدافع زعرب عن الموقف التركي في وجه من يشكك بأهدافه، ويقول لضيوفه: «اطمئنوا، القضية الآن في أيد أمينة». ويعرض زعرب مجموعة من المسلسلات التركية المدبلجة لضيوفه، وقال إنه اشترى جهاز بروجكتور، لتحفيز زبائنه على تأييد المواقف التركية السياسية والإنسانية الداعمة للفلسطينيين.

ومن بين المسلسلات التي يعرضها زعرب «صرخة حجر» الذي يتحدث عن الانتفاضة الفلسطينية، ويحاكي الواقع النضالي للفلسطينيين. وقالت شيرين (31 عاما)، من القدس، لـ«الشرق الأوسط»، إنها ترى في أردوغان زعيما يمكن أن يرفع الحصار عن غزة، معتبرة مواقفه أفضل من مواقف الفلسطينيين أنفسهم. لكن ليس هذا رأي جميع الفلسطينيين. فقد تحولت جلسة نقاش سياسية في غزة في الأسبوع الماضي إلى فرصة لدى البعض لمهاجمة الدور التركي، والتشكيك بأهدافه. وقال أبو عبد الله (30 عاما)، من غزة، لـ«الشرق الأوسط»: «أردوغان لديه أهدافه، إنه ليس بطلا، إنه يبحث عن دور في المنطقة». واتفق معه غسان الإمام (27 عاما)، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «أردوغان لديه أهداف شخصية، أنا أراه متعاطفا معنا وليس بطلا». وتساءل: «لماذا يسمونه بطلا؟ لا أعرف، هذه عاطفة مبالغ فيها، نحن عاطفيون كثيرا». وأضاف: «تركيا لديها هدف من اثنين، إما أنها تريد أن تدخل الاتحاد الأوربي أو تعيد الحكم العثماني، يعني حكم المنطقة».

ويعقب المحلل السياسي هاني المصري على الآراء المختلفة في الشارع الفلسطيني بقوله، «إنه (أردوغان) بطل وإن لديه أهدافه أيضا». ومن وجهة نظره فإن الفلسطينيين يرون فيه البطل الذي يفتقدونه. وأردف: «أعتقد أن أردوغان أحرج القيادات الفلسطينية والعربية». ويأخذ المصري على الفلسطينيين المبالغة في ردة الفعل. وقال: «الفلسطينيون انقسموا، هناك من يرى أردوغان بطلا سيحرر فلسطين، وهناك من يقلل من الدور التركي تماما». وأضاف: «هو لن يحرر شيئا، ولكن الدور التركي مهم ومؤثر ويجب استغلاله.. لاحظ أن أردوغان يتحدث عن غزة فقط، القضية الفلسطينية هي قضية احتلال وقدس واستيطان وليس حصار غزة فقط، لكنه لا يريد حربا مع إسرائيل، إن لديه مشاريع عسكرية واقتصادية بمليارات الدولارات مع إسرائيل، إنه يمكن أن يصطدم معها في سعيه لإيجاد دور ولكن ليس الحرب».

ويرى المصري، أن تركيا تستغل بذكاء كبير الفراغ الحاصل نتيجة «تراجع الدور الأميركي والإسرائيلي، والشلل المصري، والانقسام الفلسطيني». وقال: «تريد تركيا أن تملأ هذا الفراغ الإقليمي.. تبحث عن دور في المنطقة، وهذا لا يمكن إلا من خلال أن تأخذ موقفا من القضية الأهم والأكثر تعقيدا، القضية الفلسطينية». ويساعد تركيا حسب المصري أنها تنطلق من موقع معتدل، وقال: «لا تريد أن تترك المنطقة لإيران هذا شكل من أشكال الصراع أيضا».