مصائب كارثة خليج المكسيك فوائد عند البعض

تكلفة تنظيف المنطقة قد تصل إلى 7 مليارات دولار

TT

إذا كان هناك فائز من وراء أزمة البقعة النفطية في خليج المكسيك، فهو الشبكة الواسعة من الشركات التجارية التي شهدت زيادة كبيرة في الأعمال المعروضة عليها والمرتبطة باحتواء والتخلص من التسريب النفطي من إحدى الآبار النفطية التابعة لشركة «بريتيش بتروليم» في المنطقة.

ويعكف المئات من المقاولين على الاضطلاع بمهام معقدة ومعتادة، سواء كان ذلك بناء أجهزة إنسان آلي ترسلها «بريتيش بتروليم» على بعد 5000 قدم تحت سطح الماء لالتقاط صور حية لمنبع التسرب النفطي، أو توفير قوارب لكشط النفط من على سطح الماء. أيضا، ازدهرت صناعة البيوت الصغيرة لخدمة العمال المعنيين بتنظيف بقعة الزيت البالغ عددهم 24600 فرد، وتوفير خدمات الطعام والنظافة لهم.

في هذا السياق، أكد مايكل إي. هوفمان، مدير شؤون الأبحاث لدى «فندرليك سكيوريتيز»، وهي شركة سمسرة تتخذ من ممفيس مقرا لها، أن المحللين يقدرون تكلفة تطهير موقع بقعة النفط بما يصل إلى 7 مليارات دولار، لكن من غير المحتمل أن تتجه جميع هذه الأعمال إلى صالح شركة واحدة، نظرا إلى أنه لا تتوافر لدى أي شركة الموارد الكافية للاضطلاع بهذه المهمة بمفردها. حتى الآن، تبدو هذه الجهود بمثابة طبقات من المقاولين الذين يستأجرون مقاولين آخرين.

وعلق هوفمان بالقول: «لا أعتقد أن الحال انتهى بأي شخص إلى القول: (لقد جنيت أرباحا طائلة بسبب هذا التسرب النفطي)، ذلك لأن الأموال يجري توزيعها على نطاق واسع للغاية».

بيد أن ذلك لم يحل من دون محاولة «وول ستريت» التكهن بالشركات التي ستجني الأرباح الكبرى من وراء هذه الكارثة. في غضون أسبوعين من التفجير الذي تم على بعد عميق تحت سطح الماء في 20 أبريل (نيسان)، ارتفعت أسعار أسهم «كلين هاربرز»، وهي شركة مقرها بوسطن متخصصة في مجال إدارة النفايات الخطرة، بصورة بالغة تجاوزت 20 في المائة. خلال الفترة ذاتها، ارتفعت أسعار أسهم «نالوك هولدنغ كو»، التي تنتج مادة «كوريكزيت» الكيماوية، إلى أعلى مستوى لها خلال عام كامل تقريبا.

في 18 مايو (أيار)، أعلنت «كلين هاربرز» أنها تتوقع حدوث ارتفاع تتراوح قيمته بين 53 مليون دولار و70 مليون دولار في أرباح الربع الثاني من العام نتيجة الأعمال التي تقوم بها بخصوص حادث التسريب النفطي. يذكر أن الشركة التي وصلت عائداتها إلى مليار دولار عام 2009، سبق أن تولت أيضا إزالة الحطام من موقع مركز التجارة العالمي بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.

ومع ذلك، اعتادت «كلين هاربرز» بدرجة أكبر على التعامل مع حوادث التسريب النفطي الصغرى، مثل تلك التي تحدث لدى وقوع حادث تصادم لشاحنة تنقل نفط على طريق سريع.

من جهته، أشار بيل غيري، مستشار الشؤون العامة داخل «كلين هاربرز»، إلى أنه «بالنسبة إلى الجميع، يبدو حجم هذه الأعمال مختلفا تماما عما اعتادوا عليه».

وعلى الرغم من ذلك، ليس من الضروري أن يترتب على هذا أن تجني صناعة تطهير البقع النفطية أرباحا طائلة من وراء حادث خليج المكسيك، نظرا إلى أن هوامش الربح ربما تكون ضيقة داخل الصناعة. علاوة على هذا، تراجعت أسعار أسهم كل من «كلين هاربرز» و«نالوك» منذ بلوغها المستويات المرتفعة سالفة الذكر، خصوصا بعدما شرع نقاد في التشكيك فيما إذا كان «كوريكزيت» الذي تنتجه «نالوك» شديد السمية على نحو يجعل من غير المناسب استخدامه في المحيط.

هناك أيضا من بين الشركات التي تحصل على أعمال من «بريتيش بتروليم» تخسر أعمالا تجارية في جهات أخرى بسبب تداعيات التسريب النفطي. على سبيل المثال، استعانت «بريتيش بتروليم» بـ«أوشنيرينغ»، وهي شركة متخصصة في إنتاج أجهزة الإنسان الآلي مقرها هانوفر، وذلك بهدف صنع أجهزة إنسان آلي تساعد في محاولات الشركة إصلاح الكسر الذي لحق بالبئر النفطية على عمق بعيد تحت سطح الماء. إلا أن «أوشنيرينغ» اضطرت إلى تقليص تقديراتها لعائداتها لعام 2010 بسبب التعاقدات التجارية الكثيرة التي تخسرها من عملاء تضرروا من التجميد الذي فرضته وزارة الداخلية على أعمال التنقيب في أعماق المحيط بمنطقة خليج المكسيك لمدة ستة أشهر.

المعروف أن «بريتيش بتروليم» ترتبط بتعاقدات مع شركتين وطنيتين لتطهير مكان أي حادث تسريب نفطي ضخم بالمنطقة، وهما مجموعة «مارين سبيل ريسبونس كورب» غير الهادفة إلى الربح، ومقرها هيرندون، و«ناشونال ريسبونس كورب»، وهي شركة فرعية تتبع «سيكور هولدنغز»، ومقرها فورت لودرديل في فلوريدا.

وتقوم هاتان الشركتان بدورهما بالاستعانة بمقاولين آخرين للمساعدة في نشر سفن وطائرات لنشر مواد كيماوية لتشتيت البقعة النفطية. يذكر أن «سيكور» التي عملت أيضا في جهود الإعمار في هاييتي، تملك أيضا «أوبريانز ريسبونس منيدجمنت»، التي تقرض بعض موظفيها إلى «بريتيش بتروليم» للعمل بها كمستشارين في هوما بلويزيانا وموبيل في ألاباما.

في تلك الأثناء، أدى وجود آلاف العمال المعنيين بتنظيف البقعة النفطية إلى خلق طلب على خدمات خاصة بهم.

في شركة «جوز سيبتيك كنتراكترز»، ومقرها في كت أوف في لويزيانا، يعمل الموظفون طوال أيام الأسبوع لتلبية الطلب على المراحيض المتنقلة. في العادة، تملك الشركة ما يتراوح بين 300 و400 مرحاض وتؤجر قرابة نصفها. إلا أن أحد الموظفين أشار إلى أنه لم يتبق لدى الشركة حاليا سوى قرابة 20 مرحاضا فقط.

كما تتولى «ويست منيدجمنت»، شركة التخلص من القمامة البالغ قيمتها 11.8 مليار دولار، إزالة القمامة المتخلفة عن الطاقم المعني بالتخلص من البقعة النفطية يوميا، وهذا الطاقم يعمل على امتداد الساحل في المنطقة الحدودية بين لويزيانا وميسيسيبي حتى فلوريدا. وأعلنت الشركة أنها تعمل على تعزيز جهودها للتعامل مع النفايات الملوثة، سواء كانت مياها ملوثة أو رمالا مغطاة بالنفط.

من جهته، قال هوفمان إن مستوى الفرص التجارية المتاحة يعتمد على حجم النفط الذي يصل إلى الشاطئ، مضيفا: «إذا وقع إعصار ودفع كل هذا النفط إلى داخل الشاطئ، ستصبح هذه قصة مختلفة تماما».

* شارك في إعداد التقرير دانا هيدجبيث في بورت فورشون

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»