رؤساء الشركات عندما يتحولون للسياسة.. هل ينجحون؟

مناخ الأزمة المالية يجذب رجال الأعمال للترشح إلى المناصب السياسية في أميركا

TT

وصفت المرشحة الجمهورية الجديدة لمنصب حاكم ولاية كاليفورنيا ميغ ويتمان، نفسها وزميلتها المرشحة الجمهورية لشغل مقعد مجلس الشيوخ في الولاية ذاتها كارلي فيورينا بـ«الكابوس الأسوأ» للسياسيين، وزادت أنهما «اثنتان من سيدات الأعمال، من العالم الحقيقي، اللاتي يعرفن كيفية توفير الوظائف، وتحقيق التوازن في الميزانيات وإنجاز الأمور».

هل هي صائبة في ما قالت؟ هناك تاريخ طويل من محاولات الرؤساء التنفيذيين للشركات، القفز على المناصب الحكومية، ويرجع هذا التاريخ على الأقل إلى محاولة ويندل ويلكي الإطاحة بفرانكلين دي روزفلت عام 1940. هناك الكثير من الأمور في البيئة السياسية في عام 2010 تجعل انتخابات هذا العام أمرا جذابا بالنسبة للرؤساء التنفيذيين؛ فالناخبون حريصون على الإطاحة بالأفراد الذين يشغلون المناصب الحكومية، والميزانية الاتحادية وميزانيات الولايات غارقة في الخسائر المالية، وتتصدر البطالة قائمة اهتمامات الرأي العام في جميع استطلاعات الرأي تقريبا. وإذا كانت الحكومة تعمل مثل الشركات، فإن الرؤساء التنفيذيين، الذين أصبحوا مرشحين، يحبون إيصال رسالة مفادها: «علينا جميعا أن نكون أفضل».

وتكمن المشكلة، بصفة عامة، في أن الرؤساء التنفيذيين أصبحوا سياسيين بمستوى متوسط إلى حد ما من الأداء. نجد أن هناك بين الفينة والأخرى قصة من قصص النجاح، مثل مايكل بلومبيرغ، الملياردير وعمدة نيويورك، الذي كان جمهوريا ثم أصبح مستقلا، أو الديمقراطي مارك وارنر، الذي كون ثروة من الهواتف الجوالة قبل أن يصبح حاكم ولاية فيرجينيا، والآن هو عضو مجلس الشيوخ عن الولاية.

ومع ذلك، أمام كل واحد من هذه الشخصيات، يمكنك إحصاء الكثير مثل آل شيكشي، الذي كان في يوم من الأيام رئيس شركة «نورث ويست» للخطوط الجوية، وقدم 40 مليون دولار عام 1998 ليصبح في المركز الثاني بفارق عدد صغير من الأصوات في الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديمقراطي حول الترشح لمنصب حاكم ولاية كاليفورنيا. وهناك أيضا الرئيس السابق لشركة «آمواي» ديك ديفوس، وهو الجمهوري الذي دفع 35 مليون دولار عام 2006، ومني بهزيمة ساحقة على أيدي حاكم لا يحظى بالشعبية في ولاية ميتشيغان. أضف إلى ذلك المرشحين السابقين للانتخابات الرئاسية، بمن فيهم الملياردير في مجال معالجة البيانات روس بيروت عامي 1992 و1996، وستيف فوربس، أحد أقطاب صناعة النشر، عامي 1996 و2000. وحتى عندما ينجح الرؤساء التنفيذيون في الانتخابات، غالبا ما يفاجأون بمعرفة أن مهاراتهم في مجلس الإدارة لا تترجم بسهولة إلى مهارة في الحكم. واكتشف الرئيس الأسبق لمصرف «غولدمان ساكس»، جون إس كورزين، ذلك عندما أطاح به حاكم نيوجيرسي العام الماضي. وصرح الديمقراطي كورزين لـ«نيوزويك» في وقت لاحق: «ليست لديك المرونة التي كنت تتصورها. لا يوجد هناك ترجمة دقيقة». ويوافق وارنر على ذلك، حيث قال: «الفكرة التي تقول إنك ستدير الحكومة مثل إدارة إحدى الشركات، مجرد كلام وليست فعلا. في الوقت الذي تصبح فيه حاكما، عليك بناء توافق في الآراء أكبر بكثير مما تفعل في عالم الأعمال».

قضى وارنر فترة ولايته في ريتشموند في خفض الميزانيات، ورفع الضرائب، ورؤية مجلس تشريعي يسيطر عليه الجمهوريون يقلل من أهمية الكثير من مقترحاته الأولية. وقال: «لقد تعرضت لضغوط شديدة لأكثر من عام».

ولكنهم لا يزالون يحاولون. وبالإضافة إلى المرشحين اللذين يترشحان للمرة الأولى، وسيكونان على رأس البطاقة الجمهورية في كاليفورنيا خلال العام الحالي، توجد ليندا مكماهون، الرئيسة السابقة لمؤسسة «المصارعة العالمية الترفيهية»، التي تسعى للفوز بترشيح الحزب الجمهوري على مجلس الشيوخ في كونيتيكت. ولا يكون التاريخ الطويل في مجال العمل ميزة على الدوام، في عام تعاني فيه الشركات الأميركية من جراح تشبه الجراح التي تئن منها الحكومة. وقد تجنبت ويتمان، الرئيسة التنفيذية السابقة لـ«إي باي»، أسئلة عن دورها السابق كمديرة لـ«غولدمان ساكس»، وهو مصرف استثماري في وول ستريت رفعت لجنة البورصة والأوراق المالية دعوى قضائية ضده وتتهمه بالاحتيال. وتضمنت فترة فيورينا العاصفة كرئيسة لـ«هيوليت باكارد» عملية إرسال وظائف إلى الخارج، وانتهت بإقالتها في 2005.

وبالنسبة إلى مكماهون، فإن التسجيل الموجود على «يوتيوب» عن أسلوب إدارتها في الحلبة - الذي تصفعها فيه ابنتها - يمثل أقصى ما يحلم به منافس يبحث عن شيء ضدها.

وعلى الرغم من مزاعمهم بأنهم يتوخون الحرص في النفقات، نجد أن الكثير من الرؤساء التنفيذيين الذين تحولوا إلى العمل السياسي ينفقون بحرية على حملاتهم الانتخابية. وفي الواقع، فإن ما جذب في البداية بعض الرؤساء التنفيذيين إلى العمل السياسي والعكس، هو قدرتهم على تمويل حملاتهم من أرصدتهم الخاصة. ولا يعد ذلك الاستثمار الأكثر أمنا، حيث إن المرشحين الذين يعتمدون على أنفسهم في التمويل يخسرون دائما تقريبا.

وقد حطمت ويتمان جميع أرقام الإنفاق القياسية في كاليفورنيا، حيث أنفقت 71 مليون دولار من أموالها من أجل كسب الانتخابات التمهيدية ضد مفوض التأمين ستيف بويزنر، وهو رجل أعمال سابق في وادي السليكون أنفق 24 مليون دولار من ماله الخاص. وتؤكد على أن الاستثمار يتسم بالحكمة، فقد جاء في إطار خطة تشمل أيضا «وضع الأساس» لمعركة انتخابات عامة ضد الحاكم السابق إدموند جيرالد براون الابن (الديمقراطي) الذي قضى معظم حياته في الساحة السياسية، وتقول ويتمان: «نحن ملتزمون بالميزانية والاستراتيجية. وبالطبع، الفارق هو أننا جمعنا هذا المال من أشخاص يريدون طوعا الاستثمار في حملتي، علاوة على أموال استثمرتها في الحملة. ولذا، فإنها ليست أموال دافعي الضرائب». وقد يكون الرؤساء التنفيذيون غير مجهزين للعمل السياسي البطيء المخيب للآمال، مثل الاجتماعات التي لا تحقق تقدما، وخلافات التصويت، وقضاء أعوام من أجل تحقيق أشياء بسيطة، ناهيك عن انتهاء الخصوصية التي استمتعوا بها. ويقول المستشار الديمقراطي تاد ديفين: «إنها لغة مختلفة تماما، ويشعر الكثير منهم بالغضب».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»