عمليات بغداد: اقتحام البنك المركزي نفذ على 4 مراحل.. ومسلحون حملوا رتبا عسكرية

المتحدث باسمها لـ«الشرق الأوسط»: المهاجمون استأجروا محلا بجوار البنك.. والقتلى ارتدوا أحزمة ناسفة

عناصر أمن ينتشرون أمس في أحد الشوارع المؤدية إلى البنك المركزي العراقي في بغداد غداة تعرضه لهجوم أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

عاود البنك المركزي العراقي نشاطه أمس بعد محاولة اقتحامه من قبل مسلحين مجهولين أول من أمس، التي أسفرت عن مقتل 18 شخصا وإصابة العشرات.

وقال مظهر محمد صالح مستشار البنك المركزي العراقي إن «العمل عاد بشكل طبيعي بعد العملية المسلحة التي تعرض لها من قبل مجموعة لم يتم التعرف على أجنداتها حتى الآن».

وأشار صالح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن مبيعات البنك وصلت أمس إلى 100 مليون دولار شاركت فيها نحو 10 مصارف عراقية، موضحا أن الحريق الكبير الذي تعرض له المصرف لم يتلف الأوراق المهمة في البنك مع وجود بدائل لكل الوثائق المخزنة في البنك، وأكد أن أموال البنك ما زالت محفوظة ولم تتعرض للسرقة.

وقال المستشار إن «محاولة اقتحام البنك باعتباره الواجهة المالية للعراق هي محاولة لزعزعة الوضع المالي العراقي والسياسي أمام دول العالم، ولكن هذا الأمر لم يتم للأطراف التي اشتركت أو خططت لهذه العملية».

وكانت قوة مسلحة ترتدي الزي العسكري الرسمي قد فجرت عبوات في مرآب البنك ثم اقتحمت البنك وأحرقت بعض طوابقه.

وفي سياق متصل، أكد مصدر في جهاز مكافحة الإرهاب أن «الفرقة الذهبية التابعة للجهاز هي التي واجهت المسلحين واقتحمت البنك بعد تسلل المسلحين إليه، كما قامت بتحرير المحتجزين وإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي خلال دقائق».

وأشار المصدر إلى أن اللواء فاضل البرواري قائد الفرقة قاد مع أفراد مجموعته الخاصة عملية الاقتحام وتم قتل عدد من المسلحين فيما فجر اثنان منهما نفسيهما في محاولة لمنع القوة المقتحمة من دخول المصرف وفر الآخرون إلى جهات مجهولة.

ومن جانبها، أعلنت قيادة عمليات بغداد أمس أن الحصيلة النهائية لعدد ضحايا الاعتداء الذي طال مبنى البنك العراقي المركزي في شارع الرشيد هي 18 قتيلا و55 جريحا.

وقال المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا في تصريح للمركز الوطني للإعلام، التابع للحكومة العراقية، إن «حصيلة الشهداء تشمل اثنين من رجال الدفاع المدني و3 من رجال حماية المنشآت، في حين تشمل حصيلة المصابين 6 جرحى من رجال الدفاع المدني و13 جريحا من رجال حماية المنشآت و5 عسكريين، بينهم آمر لواء الفرقة 43 الفرقة 11 في الجيش الذي قاد عملية تطهير البنك من عناصر المجموعة التي هاجمته».

وكشف عطا عن أن المحاولة التي نفذتها المجموعة المسلحة للسيطرة على البنك تمت على 4 مراحل، وأوضح أن المرحلة الأولى تمثلت في تفجير عبوة ناسفة قرب خزان وقود مولد كهربائي عند المدخل الخارجي للبنك المركزي، والثانية تمثلت في اشتباك المعتدين مع قوة حماية المدخل الخارجي للبنك تخلله تفجير أحد المهاجمين نفسه، موضحا أن المرحلة الثالثة تمثلت في وصول المهاجمين إلى ساحة البنك الداخلية وتفجير انتحاريين نفسيهما عند الباب الداخلي للبنك ومهاجمة القوة التي تحمي المدخل الخلفي له. وأشار إلى أن المرحلة الرابعة والأخيرة تمثلت في دخول عدد من المسلحين إلى مباني البنك وإضرام النار في عدد من الطوابق.

وذكر عطا أن «القوة التي قامت بتطهير البنك كانت بقيادة فوج مغاوير الفرقة 11 وسرية استطلاع الفرقة السادسة، وتم إسناد هذه القوة بفوج من جهاز مكافحة الإرهاب».

كما كشف عطا عن أن التحقيقات أفضت إلى أن المسلحين كانوا يرتدون الزي العسكري. وأن أحد «أفراد المجموعة الإرهابية التي حاولت اقتحام البنك كان يحمل رتبة نقيب، يرافقه شخص يحمل رتبة ملازم أول وثالث يحمل رتبة ملازم، فيما ارتدى باقي أفراد المجموعة زي الجنود».

وأثيرت تساؤلات حول أهداف المسلحين، فإذا كان الغرض السطو على خزائن البنك، كما ذكرت مصادر، فإن هذا الهدف يبدو شبه مستحيل، آخذين بعين الاعتبار عدد المهاجمين المحدود وتنفيذ العملية في وضح النهار ووقوع البنك المركزي في قلب بغداد حيث تنتشر القوات الأمنية العراقية، ناهيك عن الخزائن الحصينة التي يتمتع بها البنك. كما تثار تساؤلات عن الغرض من قيام المسلحين بإضرام النيران في بعض طوابق البنك إذا كان الهدف من محاولة الاقتحام هو السرقة. ويرجح مراقبون أن الهدف من العملية إخفاء وثائق قد لا ترغب أطراف أو شخصيات لها ارتباطات بالحكومة الاطلاع عليها، عبر إحراقها.

وحول الأهداف من عملية الاقتحام، قال اللواء عطا لـ«الشرق الأوسط» أمس إن جميع الاحتمالات ما زالت مفتوحة بين محاولة التدمير أو السرقة، على الرغم من التحصين الذي يمتلكه البنك، وأن الجهات التحقيقية سائرة بالعمل للكشف عن كل خيوط العملية وفيما إذا كان هناك عدد من المشتركين فيها لا يرتدون الزي العسكري.

وقال عطا لـ«الشرق الأوسط» إن 7 من عناصر المجموعة التي هاجمت البنك المركزي من الذين قتلوا كانوا يرتدون جميعهم أحزمة ناسفة، لكنه لم يحدد العدد الكلي للمجموعة المهاجمة للبنك.

وكشف عن أن التحقيقات الأولية بينت أن المهاجمين لم يستخدموا سيارات للوصول إلى مكان البنك المركزي فقد كانوا قد استأجروا محلا لبيع الملابس النسائية (الزي الإسلامي) على بعد 75 مترا من البنك، وأنهم، وحسب اعترافات صاحب المحل، قد استأجروا منه المحل قبل نحو الأسبوع بمبلغ 300 ألف دينار عراقي (نحو 250 دولارا) وأن صاحب المحل اعترف أيضا بأنهم سلموه مبلغا عن تأجير المحل لـ6 أشهر.

وأكد عطا أن المجموعة لم تبرم عقدا مع صاحب المحل وأنهم وعدوه بإعطاء المستمسكات بعد فترة من الوقت. وأشار إلى أن الأفلام التسجيلية التي تم العثور عليها بأجهزة المراقبة تبين أنهم لم يقتحموا البنك بل إن عملياتهم تمت من خلال الباحة الأولية للبنك، وأن اشتباكهم مع القوات الأمنية أدى إلى تفجير عدد منهم، بينما فجر الآخرون أنفسهم أيضا بعد دخول القوات الأمنية إلى هناك.