قرغيزستان: اعتقال «مدبر» الاضطرابات.. والمئات يفرون عبر الحدود

ارتفاع عدد القتلى إلى 117.. ودول الجوار لا تستبعد التدخل

مهاجرون فروا من العنف في قرغيزستان، ينتظرون السماح لهم بدخول أوزبكستان، أمس (أ.ب)
TT

أعلنت الحكومة القرغيزية المؤقتة أمس اعتقال «مدبر» أعمال العنف الطائفية الأخيرة، فيما ارتفع عدد الضحايا إلى 117 قتيلا وسط فرار مئات النساء والأطفال عبر الحدود إلى أوزبكستان. وجاء هذا فيما رفضت الدول المجاورة بقيادة روسيا، استبعاد، التدخل بالقوة في الاشتباكات العرقية في قرغيزستان.

ووصفت وزارة الداخلية القرغيزية أمس الوضع في اوش وجلال آباد الجنوبيتين، بأنه «متوتر». وأفادت وكالة «رويترز» نقلا عن شهود في اوش قولهم إن عصابات استأنفت إطلاق النيران أمس على السكان والمنازل في إحدى مناطق المدينة. وقالت الحكومة المؤقتة إن السلطات في جلال آباد ألقت القبض على شخص. ولم تكشف عن هويته لكنها كررت الاتهامات بأن أنصار كرمان بك باقييف، الرئيس الذي أطيح به في ابريل (نيسان) الماضي، هم الذين يقفون وراء أعمال العنف. وأصدر باقييف الذي يعيش بالمنفى في روسيا البيضاء بيانا من هناك أمس نفى فيه المزاعم بأنه وراء الاشتباكات. لكن قبة بك بايبولوف القائد في جلال آباد قال في تصريحات بثها التلفزيون: «هذه ليست سوى محاولة من أنصار باقييف وأقاربه للسيطرة على الحكم».

وكانت أعمال العنف العرقي بين السكان القرغيز والاوزبك قد انطلقت مساء الخميس الماضي وتصاعدت طوال مطلع الأسبوع. وقال شهود إن عصابات مسلحة ببنادق آلية وقضبان حديدية ومناجل أشعلت النيران في منازل وأطلقت النار على السكان الفارين. ولم تستطع الحكومة المؤقتة التي تولت الحكم بعد انتفاضة ابريل الماضي السيطرة بشكل كامل على جنوب البلاد الذي تفصله الجبال عن شمالها. وطلبت من روسيا في مطلع هذا الأسبوع الحالي إرسال قوات.

وذكرت وكالات أنباء روسية أن عددا من الجمهوريات السوفياتية السابقة بقيادة روسيا رفضت استبعاد التدخل بالقوة في الاشتباكات العرقية في قرغيزستان. واجتمعت المجموعة المعروفة باسم منظمة الأمن الجماعي أمس لمناقشة الوضع في المنطقة. ونقلت وسائل الإعلام الروسية عن الأمين العام للمنظمة نيكولاي بورديوجا قوله: «لدى منظمة الأمن الجماعي كل ما يلزم للتصرف في مثل هذه المواقف بما في ذلك قوة لحفظ السلام، وقوات للتدخل الجماعي السريع وقوات للانتشار الجماعي السريع لمنطقة آسيا الوسطى». وأضاف: «لكن ينبغي للمرء أن يفكر مليا قبل استخدام هذه الوسائل وأهم شيء هو استعمالها كمجموعة إجراءات متكاملة». وتضم المنظمة روسيا وروسيا البيضاء وأرمينيا وقازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وأوزبكستان.

في غضون ذلك، ذكرت وزارة الصحة القرغيزية أمس أن أعمال العنف أود بحياة 117 شخصا (93 في اوش و24 في جلال آباد) وتسببت في إصابة 1485 بجروح. وتجاوز هذا الرقم عدد القتلى في العاصمة بشكيك أثناء الإطاحة بالرئيس في ابريل الماضي.

وواصل مئات النساء والأطفال السير على طول الحدود بين أوزبكستان وقرغيزستان أمس في محاولة للهرب من أعمال العنف. وفر العديد من الناس بسبب اعتقادهم أن الحكومة عاجزة عن حمايتهم. ونقلت وكالة «رويترز» عن شاهد عيان قوله: «لم يكن لدينا سوى الهراوات وليس لدينا أي شيء ندافع به عن أنفسنا».

وحسب الوكالة نفسها، فإنه تم إيصال الخبز إلى بعض سكان اوش الذين كانوا يخشون التضور جوعا بعد إحراق متاجر البقالة. وكانت الحكومة المؤقتة قد أرسلت طائرتين محملتين بالأغذية والملابس والإمدادات الطبية إلى الجنوب. وتبرع سكان في شمال قرغيزستان بإمدادات إنسانية، فيما بدأ بعض السكان في العاصمة بشكيك بالتبرع بالدم.

في غضون ذلك، دعت منظمة المؤتمر الإسلامي إلى استعادة الهدوء والحياة الطبيعية في قرغيزستان. وعبر الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي، في بيان أصدره أمس، عن قلقه العميق إزاء هذه الأحداث المؤسفة، مناشدا مختلف شرائح ومكونات المجتمع القرغيزي التعايش السلمي في المنطقة التي عرفت هذه الأحداث. ودعا أوغلي سلطات قرغيزستان إلى اتخاذ الخطوات اللازمة من أجل استعادة الحياة الطبيعية ومنع تكرار مثل هذه الأحداث المأساوية مستقبلا. وحث الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، التي تتخذ من جدة السعودية مقرا لها، «جميع أفراد الشعب في قرغيزستان على التحلي بأقصى درجات ضبط النفس والاستمرار في التعايش السلمي في ظل سيادة القانون، والحفاظ على الوحدة الوطنية للبلاد».