أمين العاصمة المقدسة لـ«الشرق الأوسط»: مكة تحولت إلى ورشة عمل للوصول إلى العالم الأول

مشاريع في الحرم الشريف والأحياء العشوائية ومداخل مكة ومخارجها

خلال السنوات الثلاث الأخيرة شهدت مكة المكرمة مشاريع تطويرية تقفز بها نحو العالم الأول (تصوير: عبد الله بازهير)
TT

من يشاهد العاصمة المقدسة عن قرب هذه الأيام، يراها ورشة عمل لا تهدأ ولا تكل، فلا شيء يعوق عقارب ساعاتها نحو العالم الأول، فهي تتجهز نحو التوثب بحزم مشاريع عملاقة وبمشاركة أفضل الشركات العالمية، وحين تقترب أكثر، على بعد أمتار قلائل من المسجد المكي، ترى كيف أن التنمية تطوق أروقة المسجد الحرام بساحاته وبمنطقته المركزية، وغير بعيد من ذلك، تعج المشاعر المقدسة بمشروع قطارات تصل بين عرفات ومنى ومزدلفة سخرت له شركات عالمية تسابق الثانية بالثانية، فقط من أجل خمسة أيام في كل عام، وحين تدلف ببصرك نحو العشوائيات ترى كيف أن الجرارات والمعدات تصطف لوأد كل ما يعيق عجلات التنمية والتطوير وكأن مكة بشعابها تستقبل عهدا جديدا في التاريخ.

وكشف الدكتور أسامة البار، أمين عام العاصمة المقدسة لـ«الشرق الأوسط» أن شركة «البلد الأمين» تهدف باعتبارها الذراع الاستثمارية لأمانة العاصمة المقدسة إلى إعداد برامج التنمية والتطوير العمراني وتنفيذها في مكة المكرمة مع تطوير الآليات والسبل اللازمة لتشجيع القطاع الخاص وتسهيل مهمته وإيجاد الفرص الاستثمارية بما يحقق أرباحا مجزية للشركات والمؤسسات العاملة في مجال التطوير العمراني في مشاريع مكة المكرمة ويساهم بفاعلية في دفع عجلة التنمية والتطوير في أنحاء العاصمة المقدسة وفقا للتطلعات السامية الكريمة والدعم والتوجيهات من القيادة السعودية، في بلد امتاز بأن يكون معطاء للارتقاء بالمدينة والخدمات المقدمة لقاطنيها وزائريها وضيوف الرحمن من حجاج ومعتمرين وتوفير سبل الراحة والطمأنينة والسلامة.

وأضاف البار: «وضعت شركة البلد الأمين ضمن أولوياتها مشاريع تطوير المناطق العشوائية وإيجاد مشاريع للإسكان العاجل لسد الفجوة المتوقعة والطلب المتزايد على الإسكان نتيجة أعمال الإزالة لمواقع التطوير والتوسعة للمسجد الحرام والخدمات الملحقة بها وكذلك مشاريع الطرق الرئيسية التي تنفذها أمانة العاصمة المقدسة ووزارة النقل».

وأبان في حديثه: «من أهم المشاريع التي تم تنفيذها مشاريع تطوير المناطق العشوائية حيث يتميز النسيج العمراني لأحياء مكة المكرمة القديمة بالنمو العفوي غير المنتظم شأنه شأن المدن الإسلامية حيث وفر هذا النمو خصائص بيئية واجتماعية تتلاءم مع احتياجات المجتمع في ذلك الوقت الذي كان يركز في تنقلاته على المشي واستخدام الدواب فقط، ووفر مباني تتلاءم مع المناخ السائد فكان التصاق المباني واستخدام الطرقات الضيقة وأساليب بدائية في عملية التهوية الطبيعية».

وأضاف أمين العاصمة المقدسة، أنه مع مرور الزمن وتغير نمط الحياة الاجتماعية أصبحت هذه الأحياء لا تتلاءم مع احتياجات السكان ولا تلبي طلباتهم ولا توفر لهم الخدمات اللازمة في ظل استخدام المركبات والتقنيات الحديثة ووسائلها المختلفة، كما أن الهجرة من القرى للمدن وبقاء أعداد من الحجاج والمعتمرين في فترات مختلفة، أوجدت أحياء عشوائية كان لنموها أثر سلبي على المدينة ولم تتمكن الجهات الخدمية من توفير الخدمات الضرورية لها وفق الأسس العلمية المتبعة فكان لا بد من مراجعة ودراسة أوضاع هذه الأحياء والارتقاء بها وفق أسس علمية روعي فيها النواحي التخطيطية والعمرانية والاجتماعية والاقتصادية.

وساق البار جملة من تقسيم المناطق العشوائية حين قال: «الأمانة قامت بإعداد دراسات مستفيضة للعديد من المناطق العشوائية إلا أن تنفيذ هذه الدراسات استوجب وضع آلية مناسبة لتسريع التنفيذ، وقسمت لائحة تطوير المناطق العشوائية في هذه المناطق إلى: (أ) مناطق عشوائية لا مقومات استثمارية بها تشجع القطاع الخاص بالمشاركة في تطويرها، وهذه المناطق قريبة من مركز المدينة والمحاور التجارية الهامة والشوارع الشريانية الرئيسية وتعتمد آلية التطوير على مشاركة الأمانة ممثلة في شركة البلد الأمين التابعة لها لأن المطورين من القطاع الخاص وذلك بتكوين شركة لتطوير المناطق المستهدفة. (ب) مناطق عشوائية ليس لها مقومات استثمارية ولا تشجع القطاع الخاص على المشاركة في تطويرها وتعتمد آلية التطوير على قيام الأمانة بدعم اقتصاديات المنطقة لترتقي إلى مستوى المناطق التي لها مقومات استثمارية لتشجيع القطاع الخاص على المشاركة في تطويرها.

وقال البار إن مناطق (ج) هي مناطق عشوائية لها إمكانية ذاتية للتحسين والتطوير وهذه المناطق العشوائية غير مرخصة تملكت بوضع اليد دون مستمسك شرعي وتقع غالبا في أطراف الكتلة العمرانية ومن خصائصها أنها قريبة الموقع من الكتلة العمرانية القائمة، ونسيجها العمراني ذو شوارع واسعة وممتدة وقابلة للربط مع شبكة الطرق الرئيسية أو مع الطرق السريعة، وتتوفر بها كذلك أراضي (فضاء) كبيرة غير مملوكة يمكن استغلالها لتوفير الخدمات والمرافق الضرورية ومشاريع إسكانية وتوسع عمراني للمدينة، وتوجد بها كذلك منشآت قائمة قابلة للاندماج ضمن المخططات الداخلية.

وأشار البار إلى أن آليات التطوير لتلك المواقع تعتمد على إعداد مخطط تطويري لكامل المنطقة وتحديد قيم وأسعار القطع وإزالة الإنشاءات المعترضة للتنظيم بالإضافة إلى بيع المواقع التي لا تعترض التنظيم لمن تحت يدهم وفق إجراءات محددة ووفقا للأسعار المحددة، وتسليم مواقع المرافق لجهاتها لإنشاء المرافق فيها، وتطوير الأمانة باقي المواقع والاستفادة من العائد لتطوير المدينة ومشاريع تطوير المناطق العشوائية والتأكيد على آليات حفظ حقوق المواطنين والملاك في جميع مراحل التنفيذ.

وأردف البار بالقول، مناطق (د) مناطق عشوائية بحاجة إلى معالجة جزئية عاجلة وهذه المناطق لا تحتمل التأخير لكثرة مشكلاتها الاجتماعية والبيئية وتأثيراتها لسلبية على المناطق المجاورة لها وتعتمد آليات التطوير لها على إيجاد برامج معالجة جزئية تشمل توسعة بعض الطرق، وأعمال السفلتة والإنارة والرصف والتشجير، وأعمال النظافة وحماية البيئة، وتوفير البنية التحتية والخدمات، وإزالة المباني المهجورة والآيلة للسقوط، وتساهم جميع الجهات الخدمية في تنفيذ الأعمال وفق اختصاص كل جهة.

وزاد البار: «في كل هذا السياق فإن الأمانة متمثلة في شركة البلد الأمين وبتوجيه مباشر من الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة مكة المكرمة، رئيس اللجنة التنفيذية لمشروع معالجة وتطوير المناطق العشوائية، تقوم حاليا بإعداد الدراسات التنفيذية لتحديد المناطق وفق التصنيف المشار إليه والعمل على تطويرها وفق الآلية المحددة لكل تصنيف، وستشمل المناطق العشوائية (قوز النكاسة، جبل الشراشف، الكدوة، الكنكارية، الملاوي، الجميزة)».

وحول مشاريع الإسكان الميسر، قال إن شركة «البلد الأمين» أعطت أولوية لمشاريع الإسكان الميسر وذلك لتحقيق أهداف من أهمها تنفيذ توجيهات خادم الحرمين الشريفين بتطوير العشوائيات والحد من انتشارها، وإنشاء ضواح سكنية متميزة ذات بيئة عمرانية مستقرة وصحية وآمنة وذات حياة اجتماعية جذابة للعيش والاستثمار والعمل، وتنفيذ حلول عملية لضواحي الإسكان الميسر وبناء مشاريع مثمرة مع القطاعات العامة والخاصة العاملة في مجال الإسكان تحقق الربح والفائدة للجميع، بالإضافة إلى دعم التطوير الاجتماعي والاقتصادي لمدن السعودية. وتابع البار: «إن مكة المكرمة حظيت خلال عهد خادم الحرمين الشريفين، خصوصا خلال الثلاثة أعوام الأخيرة بالكثير من المشاريع التطويرية، ومن أبرزها توسعة المسجد الحرام الأكبر على مدى التاريخ، حيث تم إضافة أكثر من 400 ألف متر مربع إلى مساحة المسجد الحرام، ومشروع التوسعة كان نقطة ارتكاز للمشاريع في مكة، إذ إن هناك مشاريع أخرى تتمثل في الطرق الدائرية التي حصلت على الاعتمادات اللازمة لها سواء في ميزانية وزارة النقل أو الأمانة، كما أن هناك المشاريع التطويرية التي تنطبق عليها لائحة مشروع تطوير الأحياء العشوائية»، مؤكدا أن نزع الملكيات لصالح المشاريع التطويرية لن يخضع لمسمى الإزالة، وستكون عقاراتهم عبارة عن مشاركة بقيمة العقار المنزوع في الشركة المطورة كأسهم لمن رغب، كاشفا أن المناطق التي أخذت الأولوية في تطوير المناطق العشوائية من قبل اللجنة الوزارية للمشروع هي: قوز النكاسة والكدوة وجبل الشراشف وحي الزهور والمنطقة الواقعة جنوب جبل عمر امتدادا إلى دحلة الرشد.

واختتم البار بقوله إن شركة «البلد الأمين» تقوم حاليا بدراسة باكورة مشاريعها للإسكان الميسر في إحدى ضواحي مكة وسيساهم القطاع الخاص بالمشاركة مع شركة «البلد الأمين» في تنفيذ هذا المشروع كأولوية وذلك لتنفيذ وتوفير مساكن لأصحاب العقارات المزالة لصالح المشاريع التنموية في العاصمة المقدسة وستتبعه مشاريع أخرى تساهم في تلبية الطلب والاحتياج للمساكن.

من جانبه، علق طلال مرزا، رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية لـ«الشرق الأوسط» بأن وصول مكة المكرمة إلى العالم الأول وفقا لتطلعات أمير المنطقة لن يكون صعبا عندما تكون الرؤية واضحة والتخطيط الشامل للمدينة واضحا والمشاركة فاعلة بين القطاع الخاص والأجهزة الحكومية المعنية بالتطوير، لافتا إلى أن القطاع الخاص يأمل من الأمانة الكثير لإنجازه وتحسين آلياته، خصوصا فيما يتعلق برخص البناء وغيرها من التراخيص، إذ إنه على الرغم من تكليف المكاتب الهندسية بأدوار الأعداد والتدقيق فإن الإجراءات باتت أيضا طويلة بسبب إجراءات داخل الأمانة، مؤملا أن تكون لدى أمانة العاصمة المقدسة خطة لتقليص فترات الإنتاج والإنجاز.

وتابع مرزا: «إن القطاع الخاص شريك مهم في عمليات التنمية، ولذا نأمل أن يكون هناك تعاون ومشاركة دائمة فيما بين أمانة العاصمة المقدسة والغرفة التجارية الصناعية ممثلة للقطاع الخاص، لعرض وصناعة الفرص الاستثمارية والتشجيع على الاستثمار والمشاركة في تحقيق الخطط»، مفيدا بأن على الأمانة أن تسهم في الدفع بدفة القطاع الخاص إلى النجاح، حيث إن القطاع الخاص ليس مصلحة خاصة بل إنه شريك في التنمية وفي تنشيط الدورة الاقتصادية وفي خلق الفرص الوظيفية.

إلى ذلك، قال الدكتور طلال قطب رئيس مجلس إدارة مؤسسة مطوفي حجاج إيران لـ«الشرق الأوسط» إن مشروع توسعة جسر الجمرات بمبلغ فاق الخمسة مليارات ريال سعودي يظل من المشاريع الكبرى التي تميزت بها العاصمة المقدسة في قفزها نحو العالم الأول، وهو ما نتج عنه خدمة جليلة لأكثر من ثلاثة ملايين زائر سنوي يفدون إلى العاصمة المقدسة، وأفضى إلى انحسار التدافع وقلة الوفيات حيث دفع حرص الحكومة السعودية في راحة الحجاج إلى البدء بالعمل على تنفيذ مشروع عملاق على مدار سنوات أربع ماضية كانت نتيجته الخروج بحج نظيف في منطقة الجمرات خال من حوادث الدهس والتدافع والوفيات.

وأبان قطب أن العالم أجمع رأى بأم عينيه في تنفيذ المشروع الضوابط الشرعية في الحج وازدياد عدد الحجاج المستمر وتوزيع الكتلة البشرية وتفادي تجمع الحجاج عند مدخل واحد وذلك عن طريق تعدد المداخل والمخارج في مناطق ومستويات مختلفة تناسب أماكن قدوم الحجاج إلى الجسر ومنطقة الجمرات حيث يبلغ عددها 11 مدخلا ومثلها من المخارج، كما يحتوى المشروع على أنفاق لحركة المركبات تحت الأرض لإعطاء مساحة أكبر للمشاة في منطقة الجسر ومخارج للإخلاء عن طريق 6 أبراج للطوارئ مرتبطة بالدور الأرضي والأنفاق ومهابط الطائرات، بالإضافة إلى توسيع مشروع المسعى والذي أضفى الراحة والطمأنينة حيث قلت الإصابات والازدحامات والأمراض المعدية، ولاقى صدى عالميا واسعا.

وأبان الدكتور طلاب قطب أن دخول السعودية في منظومة القطارات في نقل الحجاج والمعتمرين هو امتداد حقيقي وتوثب واضح نحو القفز للعالم الأول، وينبغي الاستمرارية في طرح المشاريع العالمية التي تحقق راحة المعتمرين والحجاج وهو ما تعكف عليه الحكومة السعودية بحزمة واسعة من مشاريع تقوم على تنفيذها شركات عالمية واسعة الاختصاصات في النقل حيث شاهدنا تدشين قطارات العاصمة المقدسة وقد خصصت مقاعد بها لكبار السن والعجزة من ضيوف الرحمن، وسيكون من شأن الخدمة حماية أعداد كبيرة تتعرض سنويا للاختناقات والتدافع جراء ركوب أكثر من خمسة وعشرين ألف حافلة تجوب كل عام أروقة المشاعر المقدسة.

وقال في حديثه إن الحكومة السعودية أخذت على عاتقها الأخطار المحتملة جراء انهمار السيول كالتي حصلت في موسم الحج المنصرم، وذلك في رفع مستوى القطارات إلى عشرة أمتار، بغية الأخذ بعين الاعتبار السيول التي قد تأتي من وادي نعمان في الجانب الآخر من المشاعر المقدسة على الرغم من قيام أمانة العاصمة المقدسة بأخذ الاحتياطات اللازمة لصد الأخطار المحتملة والتي قد ينتج عنها سيول محتملة، حيث سيمكن القطار حجاج بيت الله الحرام من الانتقال من منى إلى عرفات إلى مزدلفة ثم إلى منى وهو ما سيسهل في رمي الجمرات بسلاسة لأول مره في تاريخ الجمرات.

وعلق الدكتور حبيب زين العابدين، وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية أثناء مرحلة تدشين القطارات بأن المشروع يشتمل على عشرين قطارا وكل قطار به 12 عربة، تحمل ما بين 250 إلى 300 حاج ويصل طول كل قطار إلى 300 متر، وعند جمع أطوال الـ20 قطارا يصل طولها إلى أكثر من 6 كيلومترات، مضيفا أنه تم تصنيع هذه القطارات على أعلى المستويات وأفضل المواصفات، وجهزت بأحدث الأجهزة ومن الممكن قيادتها من دون سائق، ويتم التحكم في سيرها تلقائيا، وإن وجد السائق فهو للحالات الطارئة.

وأضاف أن هناك تحكما في الحشود والمراقبة في كل محطة من محطات قطار المشاعر، بوجود غرفة رئيسية للمراقبة الإجمالية وهي مرتبطة بمركز القيادة والسيطرة في مشعر منى، مزيدا بأن هذا المشروع يعد امتدادا للمشاريع التي تم تنفيذها في عهد الأمير متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية الأسبق.

وفي شأن متصل قال عبد المحسن آل الشيخ، رئيس المجلس البلدي في العاصمة المقدسة لـ«الشرق الأوسط» إن المنجزات مع تعددها ستكون واضحة للعيان عن قريب، وإن السعودية لا ينقصها شيء بغية الوصول للعالم الأول بل من الممكن أن تكون في مقدمة الدول في جميع المجالات، فالمرتكزات والمعطيات الأساسية التي تبنى عليها الحضارات وتعيش رغدها الأمم متوفرة بفضل الله، ومن أهمها الطموحات العالية لأبناء هذا البلد بهمم شامخة يدعمها اختلاف المنابع والمشارب التي حصلوا عليها ونهلوا منها طيلة حياتهم، بالإضافة إلى الإمكانات المادية التي أنعم الله بها على هذه البلاد، وثالثا الشريعة السماوية التي تنظم حياة المجتمع في سمو ورقي، ووجود المقدسات في الحرمين الشريفين فرض عليها خصوصية لا توازيها خصوصية في العالم أجمع، وفي ظل وجود كل هذه الامتيازات ينبغي لنا أن نسابق الزمن ونركز الجهود للوصول إلى العالم الأول وإلى كل الأهداف المنشودة.

وأضاف كذلك أن هناك مشاريع عملاقة تطل على العالم أجمع وهي تعطي الحرمين بسخاء لا تريد من أحد جزاء ولا شكورا وهذا يعني أن السعودية حكومة وشعبا تغلبت على رعونة الجبال وعوائق التنمية بالتخطيط الدؤوب ومحبة أبنائها لهذا البلد، ومن يشاهد بعين ثاقبة عقارب الساعة التي لا تهدأ أبدا وتتحرك بثبات نحو العالم الأول، يلمح كذلك حرص السعوديين قاطبة على تقديم كل ما هو نافع للمسلمين بحكم موقعها الجغرافي وتوسطها كمحور للعالم الإسلامي أجمع.

وأبان رئيس المجلس البلدي أن التكلفة الباهظة لتوسعة المسجد الحرم المكي هي من الشواهد النيرة التي يسجلها التاريخ ويطلبها العالم الأول حيث أحدثت التغييرات التطويرية التي نفذتها الحكومة السعودية في تطوير وتوسعة المسعى انسيابية فريدة من نوعها شهدها المسجد الحرام هذا العام تجلت في يومي الثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة، حيث أدى الانتهاء من تجهيز الأدوار المختلفة للمسعى إلى استيعاب حشود أكثر من مليونين و300 ألف قدموا لأداء النسك هذا العام، والمنطقة المركزية وما تحفل به من تطوير تظل راسخة كعجلة تنموية يعرفها البعيد والرقيب، وأيضا المشاعر المقدسة وما حصل فيها من مشاريع الخيام والتي أنشئت لحماية الحجاج من الحرائق وهو كان أكبر هاجس أمني قد يرهق الدولة أو من الأمور الصعبة على حجاج بيت الله ناهيك عن مشروع الجمرات العملاق وعرفات ومزدلفة وتدشين مشروع القطارات.

وكانت أمانة العاصمة المقدسة أعلنت أخيرا قرب الإعلان عن المخطط الشامل لمكة المكرمة، والذي سيتم الكشف عن معالمه بشكل مفصل خلال الأشهر القليلة المقبلة، وأن نظام الارتفاعات للمباني الجديد الذي كان الحديث المستمر للمجالس الاقتصادية المكية، وسيتم كشف الستار عنه والرفع لاعتماده من قبل وزارة الشؤون البلدية والقروية بعد نحو أربعة أشهر، بعد أن أنهت الشركة المكلفة به دراساتها ومسحها الميداني حيث أتت المطالبة بالكشف عن المخطط العام، وعن مشروع دراسة نظام الارتفاعات للمباني، وضرورة أخذ الأمانة لرؤى وتطلعات رجال الأعمال في التخطيط والتطوير فيما يعنى بالمجالات الاستثمارية، وأن تعمل الأمانة على تحسين آليات العمل فيها خصوصا في مجال تراخيص البناء، وأن تعمل أيضا على تقليص المدد الزمنية للإجراءات بين أروقتها، وأن تحافظ على المعالم الأثرية من الاندثار نتيجة التطوير الذي صحبه تحرك الآليات الثقيلة في شتى أنحاء المدينة لإنجاز المشاريع التطويرية المختلفة.

وتشهده مكة ورش عمل مختلفة في سبيل تنمية الاستثمارات العقارية وكيفية تسهيل الإجراءات تحقيقا للتوجيهات السامية، ولمناقشة العوائق والعقبات التي تعترض التنمية الاقتصادية فيما يخص أمانة العاصمة المقدسة، وإلقاء الضوء فيما يتعلق بالمدن الصناعية الجديدة، ومعرفة الفرص الاستثمارية المتاحة في مجال تدوير النفايات والاستفادة منها، ومطالبات بمنح المستثمرين أراضي بأجور رمزية للاستثمار عليها وإنشاء المراكز الطبية والمطاعم وهو ما اصطدم مع موقف الأمانة التي أكدت أن جميع الفرص الاستثمارية تخضع في طرحها لنظام المناقصات ويتم ترسيتها على العرض الأفضل.

بالإضافة إلى استعراض ومناقشة المخطط الإرشادي وأنظمة البناء وتنمية المناطق الجبلية وتطوير البناء بها من خلال وضع المعايير العمرانية والبيئية التي تحدد المتطلبات اللازمة لتنمية وتخطيط المناطق الجبلية ووضع التوصيات التأشيرية التي تسهم في استدامة مقوماتها وخصائصها، فضلا عن الشروع في «طريق الملك عبد العزيز» والذي تنفذه «شركة مكة للتنمية والتطوير العقاري» لإزالة أكثر من 1175 عقارا في أحياء الحفائر وشارع منصور والرصيفة تعترض سير أعمال المشروع، وأن أعمال تنفيذ المشروع ستستمر لمدة ثلاثة أعوام وستنفذ على ثلاث مراحل، وقال: «المرحلة الأولى تنقسم إلى ثلاث جزئيات هي المرحلة (أ) من المشروع ستشمل المناطق الواقعة غرب مشروع جبل عمر وحتى شارع جرهم وتبلغ مساحتها 176 ألف متر مربع، أما المرحلة (ب) فتشمل منطقة حي الزهارين بالرصيفة حتى منطقة الطريق الدائري الثالث وتبلغ مساحتها 289 ألف متر مربع، بينما تشمل المرحلة (ج) منطقة جامع الملك عبد الله بمساحة تقدر بـ130 ألف متر مربع، وأما المرحلة الثانية فتعنى بتنفيذ الطريق الجنوبي للمشروع وتقدر المساحة الإجمالية للموقع بـ226 ألف متر مربع، وأما المرحلة الثالثة فتشمل منطقة مسجد الملك عبد الله حتى شارع جرهم شرقا وحتى شارع عبد الله عريف غربا وتقدر هذه المساحة بنحو 381 ألف متر مربع، ويبلغ إجمالي العقارات التي سيتم إزالتها لمصلحة هذا المشروع ما يقارب 3703 عقارات بقيمة تعويضات تصل إلى ما يقارب 6 مليارات ريال».