المسيحيون يتخوفون من التوطين.. والمسلمون يقاربون الملف من الناحية الإنسانية

الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين تعيد إظهار الانقسام الطائفي في لبنان

TT

فجّر رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط قنبلته تحت قبة البرلمان اللبناني حين أعاد ودون سابق إنذار المطالبة بإقرار الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين. وكان جنبلاط قد لمح في وقت سابق في مؤتمرات صحافية وحتى في ندوات عامة إلى وجوب تفعيل التحركات في هذا الصدد، إلا أن طرح الملف داخل الهيئة العامة لمجلس النواب أثار «غرائز وحفيظة» نحو نصف أعضاء البرلمان، خصوصا المسيحيين منهم، لتحسسهم أن الطرح جدي هذه المرة كونه حصل في إطار الهيئة المولجة إقرار هذه الحقوق.

هنا سقطت التحالفات السياسية ليظهر الانقسام الطائفي. الأحزاب والكتل المسيحية التي فرقتها السنوات والملفات جمعتها «الحقوق المدنية للفلسطينيين» فتكاتف تكتل التغيير والإصلاح الذي يرأسه العماد ميشال عون، وحزب الكتائب الذي يرأسه أمين الجميل، والقوات اللبنانية التي يتزعمها سمير جعجع في مواجهة تيار المستقبل الذي يرأسه رئيس الحكومة سعد الحريري واللقاء الديمقراطي الذي يتزعمه وليد جنبلاط وكتلة التمنية والتحرير التي يرأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري وكتلة الوفاء للمقاومة أو كتلة حزب الله.

وأحال رئيس المجلس النيابي نبيه بري الملف إلى لجنة الإدارة والعدل النيابية «لفض المشكلة» فيما أُعلن وعلى طاولة الحوار تفعيل عمل لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن أنه فيما سترأس السيدة مايا المجذوب الجانب اللبناني في اللجنة، لم يحدد الطرف الفلسطيني وحتى أمس ممثله على طاولة الحوار اللبنانية - الفلسطينية، علما أن هناك حديثا جديا عن انطلاق عمل اللجنة في الأسبوع المقبل. ورأت المصادر أنه «ينبغي على الفلسطينيين اليوم التوجه إلى الزعماء المسيحيين، بعدما أجمع المسلمون على (دعمهم للقضية الفلسطينية المحقة)، ليتحاوروا معهم ويبددوا من هواجسهم سعيا لإقرار حقوقهم المدنية، وخاصة حقي العمل والتملك، في أسرع وقت ممكن قبل أن ينام اللبنانيون على القضية في حال استجد ما هو أهم على أجندتهم».

وشدد عضو كتلة الكتائب اللبنانية سامي الجميل على ضرورة «التفكير في كيفية تأمين الحقوق الإنسانية للفلسطينيين، من دون ضرب مصلحة اللبنانيين والفلسطينيين» معتبرا أن الدولة اللبنانية دولة مضيفة وليست مسؤولة عما حصل للفلسطينيين، والمطلوب من المجتمع الدولي والدول العربية المساعدة في هذا الأمر».

ولفت الجميل إلى أن «ثمة خطة إسرائيلية أعلنها حزب العمل الإسرائيلي للتخلص من اللاجئين الفلسطينيين عبر استيعابهم في الدول التي يوجدون فيها، وقد طرح هذا الأمر خلال حوار فلسطيني - إسرائيلي بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن». وفي هذا الإطار، رأى النائب الجميل أنه «عندما يحصل اندماج للفلسطينيين في المجتمع اللبناني، وبالتالي انتهاء مبدأ العودة، يتحقق المشروع الإسرائيلي».

من جهته، اعتبر عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب آلان عون أن «موضوع الحقوق المدنية والإنسانية للفلسطينيين يستحق أن يدرس من خلال مشروع متكامل يحدد حاجاتهم الاجتماعية والمعيشية ويسعى إلى تحقيقها»، رافضا في المقابل مقاربة هذا الموضوع «بالطريقة التي اعتمدت من خلال تمرير قوانين عُدّت (سلقا) وإنما يجب أن يحال هذا الموضوع إلى النقاش وصولا إلى صياغة حل متكامل ورؤية شاملة تلحظ كل جوانب الملف».

ورأى عضو كتلة التنمية والتحرير هاني قبيسي أن «الجميع أكدوا ضرورة إعطاء الفلسطينيين حقوقهم المدنية، وهذا لا يتعارض مع التوطين المرفوض، بالإضافة إلى أن هذا الأمر مذكور في الدستور، ويجمع عليه الجميع والدولة اللبنانية». واعتبر رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي أنه يجب «مقاربة الموضوع بعيدا عن الاصطفافات السياسية والطائفية»، معلنا عن تأييده «منح الفلسطينيين الحقوق الإنسانية الأساسية مع وضع الضوابط القانونية والسياسية التي تتوافق مع الواجبات المفروضة على الإخوة الفلسطينيين ومقتضيات الدستور اللبناني لجهة رفض التوطين والتمسك بحق اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان في العودة إلى بلادهم».

إلى ذلك اعتبر مسؤول العلاقات الدولية في حركة حماس أسامة حمدان أن «مسألة إقرار قانون حقوق اللاجئين الفلسطينيين لم تنتهِ بعد»، ولفت إلى أن «رئيس مجلس النواب نبيه بري أجل طرح المشروع لمدة شهر»، مرجحا أن هذا الوقت ربما يكون لبحث القانون على أمل أن يتم وضع الأمور في نصابها الصحيح.