دبلوماسي فرنسي: 3 قضايا تعكر صفو العلاقات المغربية الفرنسية

سفير باريس في الرباط: لم نفرض مشروع القطار السريع

TT

تطرق دبلوماسي فرنسي لأول مرة علنا إلى بعض الأمور التي «تعكر صفو العلاقات» المغربية الفرنسية. ولم ينف برونو جوبير السفير الفرنسي في الرباط وجود «سوء تفاهم بين الطرفين» حول بعض القضايا، وقال إن في مقدمها المشكلات المتعلقة بالتأشيرة، لكن جوبير دعا الطرف المغربي إلى عدم تضخيمها، مشيرا إلى أن القنصليات الفرنسية تبذل قصارى جهدها في هذا المجال، وأن 90 في المائة من طلبات التأشيرة التي يتقدم بها المغاربة تتم الموافقة عليها. وقال السفير الفرنسي الذي كان يتحدث الليلة قبل الماضية خلال لقاء مع منتسبي غرفة التجارة الفرنسية بالدار البيضاء، إن المسألة الثانية التي تعكر صفو العلاقات المغربية - الفرنسية تتعلق بعدم تلبية السلطات الفرنسية لكل طلبات الأسر المغربية لمتابعة أبنائها الدراسة في فرنسا، وعزا سبب ذلك إلى محدودية العرض الفرنسي الذي يواجه طلبا داخليا في تزايد مستمر كل سنة.

أما المسألة الثالثة التي تعكر صفو العلاقات بين البلدين كما يرى السفير الفرنسي فتتعلق بالجدل المثار في فرنسا حول مسألة إعادة توطين مجموعة من الشركات الفرنسية لأنشطتها في المغرب. وقال برونو جوبير إن على فرنسا أن تجد حلا متوازنا لهذه المشكلة، يضمن الحفاظ على وتيرة العمل في فرنسا مع استفادة الشركات الفرنسية من الفرص التي يتيحها المغرب للرفع من تنافسيتها.

وبشأن الجدل الذي أثير في المغرب حول حصول فرنسا على صفقة بناء شبكة قطارات فائقة السرعة في المغرب، قال السفير الفرنسي «إن بعض الأوساط تنظر لهذه الصفقة كما لو أن فرنسا فرضت على المغرب مشروعا مكلفا. في حين أن الحقيقة مختلفة تماما»، مشيرا إلى أن «المغرب يتوفر على بنية نقل من ضمنها شبكة سكك حديدية قديمة، غير مرتبطة بالكهرباء في جزء منها، فيما يحتاج جزء آخر إلى إعادة بناء. والقرار الذي اتخذه المغرب في هذا المجال، والذي فاجئنا ببعد نظره، هو أنه بدلا من إعادة الهيكلة المكلفة جدا لشبكة عمرها خمسين سنة من أجل ترقيتها إلى مستوى المواصفات المعايير الأوروبية، فإن المغرب قرر تحقيق قفزة نوعية عبر إطلاق مشروع شبكة القطارات فائقة السرعة، خاصة أن محور الدار البيضاء - طنجة أصبح يتطلب القيام بمثل هذه القفزة نظرا للتطور الاقتصادي السريع الذي يعرفه».

وأضاف السفير الفرنسي أن المغرب عندما توجه لفرنسا من أجل تحقيق هذا المشروع بادرت باريس لدعم قراره واختياره، مشيرا إلى أن المشروع المغربي للقطارات فائقة السرعة يستفيد من تمويل فرنسي بقيمة 250 مليون يورو. وقال «في مجال القطارات الفائقة السرعة لدينا ما نقدمه. وقلنا لماذا لا ننقل هذه التقنية الموجودة في إسبانيا وفرنسا وباقي أوروبا إلى المغرب». وأضاف السفير الفرنسي أنه خلافا لما تروجه بعض الأوساط فإن أغلبية الاستثمارات في بناء شبكة القطارات الفائقة السرعة ستبقى في المغرب، مشيرا إلى أن الجزء الأكبر من الاستثمار سيتجه للأشغال الكبرى، خاصة في المناطق القريبة من طنجة حيث الصعوبات المرتبطة بضعف استقرار التربة، والتي ستكون موضوع منافسة مفتوحة بين الشركات المغربية.

ونوه السفير الفرنسي بالقافلة التجارية المشتركة التي نظمتها مؤخرا هيئات ترويج الصادرات في المغرب وفرنسا باتجاه بلدان أفريقيا الغربية. وقال إن أمام المغرب وفرنسا عملا كبيرا للقيام به معا في أفريقيا، سواء في المجالات الأمنية ومكافحة الإرهاب أو في المجالات الاقتصادية والتجارية.

وفي موضوع آخر، قال برونو جوبير إن فرنسا تدعم بقوة الاقتراح المغربي لحل نزاع الصحراء عبر منح المحافظات الصحراوية استقلالا ذاتيا في إطار نظام الجهوية الموسعة تحت السيادة المغربية. وقال جوبير «لن ندخر جهدا لدعم المساعي المغربية لإيجاد حل سلمي لهذه القضية التي طالت أكثر من اللازم». وأوضح السفير الفرنسي أن موقف فرنسا فيما يتعلق بنزاع الصحراء يدعم المقترح المغربي، الذي وصفه بالجدية والمصداقية. وقال «في هذه المسألة ننطلق من النظر إلى الأمور ببساطة، فبالنسبة لنا نعتبر أن المقترح المغربي للاستقلال الذاتي، الذي يتمتع بالجدية والمصداقية، هو الذي سيمكن من التوصل إلى حل سلمي لهذه القضية. ونؤكد أننا سنواصل دعمه، وأننا لن نتراجع في هذه المسألة».

وعدا القضايا الثلاث، أكد جوبير أن العلاقات السياسية المغربية الفرنسية ممتازة على جميع المستويات، مشيرا إلى أن أهم مجموعة صداقة في البرلمان الفرنسي هي مجموعة الصداقة المغربية الفرنسية التي تضم 180 برلمانيا، إضافة إلى تنوع وتشعب مجالات التعاون بين البلدين.