مجلس وزاري إسرائيلي مصغر يقر سياسة تخفيف الحصار.. وواشنطن تدعمها

باراك في واشنطن لإحباط أي مخططات لإقامة لجنة تحقيق دولية في حادث «أسطول الحرية».. ونتنياهو يلتقي أوباما يوم 6 يوليو المقبل

TT

أيد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية أمس، قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول تخفيف الحصار عن قطاع غزة.

وخول المجلس لنتنياهو الاجتماع مع مبعوث الرباعية الدولية، توني بلير،ووضع خطة لتطبيق تخفيف الحصار عن القطاع تماشيا مع نتائج الاتصالات التي أجريت مع الأسرة الدولية في الأيام الأخيرة.

والتقى نتنياهو بلير فعلا لوضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل اتفاق، كان مفترضا أن يعلن عنه أمس.

ووصفت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية ما جرى في المجلس الوزاري المصغر بأنه إعلان مبادئ فقط دون الدخول في أي تفاصيل تتعلق برفع الحصار.

وأوضحت الصحيفة أن «نتنياهو يطالب بمزيد من الوقت والتشاور مع المجتمع الدولي لتحديد ماهية البضائع التي سيسمح لها بالدخول إلى غزة، والاستفادة من الدعم الدولي للخطوة سياسيا ودعائيا».

ورفضت السلطة الفلسطينية وحماس سياسة تخفيف الحصار، وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إنه «لا يوجد بين بين، إما حصار أو لا حصار». بينما قدم البيت الأبيض أمس دعمه التام لقرار إسرائيل السماح بدخول «منتجات لأغراض مدنية» إلى قطاع غزة، معتبرا أن ذلك سيسمح بتحسين ظروف عيش الفلسطينيين فيه.

الى ذلك, ففي وقت أطلقت فيه إسرائيل حملة دبلوماسية واسعة لمنع إبحار أي سفن جديدة إلى قطاع غزة، وضع سلاح البحرية وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في حالة تأهب قصوى، وقررت الحكومة الإسرائيلية التصدي للسفن التي تنوي الانطلاق من لبنان وإيران باتجاه القطاع ومنعها بالقوة من الوصول إليه.

وأكدت مصادر عسكرية إسرائيلية أنه لن يسمح للسفن من الاقتراب من شواطئ غزة. وقالت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أمس، إنه تم إعطاء الأوامر الخاصة بعملية الاستيلاء المحتملة على السفن اللبنانية والإيرانية، وأطلق على التحضيرات الجارية اسم «رياح السماء 8».

وقال سلاح البحرية الإسرائيلي إنه استخلص العبر من عملية السيطرة على قافلة السفن السابقة، وأهمها أنه لم يضع في احتمالاته تعرض الجنود «لاعتداء» من جانب ركاب السفينة.

ونبّه تقرير داخلي أعده مركز الأبحاث السياسية في وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى أنه يمكن وصول أكثر من 20 سفينة إلى قطاع غزة في نطاق 8 رحلات بحرية دولية خلال الشهرين المقبلين، بينها رحلة بحرية إيرانية ورحلتان تركية ولبنانية.

وفي محاولة من إسرائيل لتجنب تكرار الإحراج الذي تعرضت له أثناء استيلائها على «أسطول الحرية» نهاية الشهر الماضي، أطلقت الحكومة الإسرائيلية جهودا دبلوماسية واسعة النطاق سعيا للضغط على الحكومة اللبنانية لمنع انطلاق الرحلة البحرية المرتقبة من الشواطئ اللبنانية نحو غزة.

وحسب صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، فإن الإدارة الأميركية وفرنسا وإسبانيا وألمانيا والأمم المتحدة، وجهوا إلى الحكومة اللبنانية رسائل شديدة اللهجة بوجوب منع رحلة السفينتين اللبنانيتين إلى غزة، بعدما طلبت إسرائيل منهم ذلك.

وتوجهت إسرائيل أيضا إلى الفاتيكان، وطلبت من «الكرسي الرسولي» الإيعاز إلى راهبات ينوين المشاركة في رحلة السفينة اللبنانية «مريم» بعدم فعل ذلك. كما توجهت إسرائيل إلى مصر طالبة منها نقل رسائل إلى لبنان بهذا الخصوص.

وتقول «هآرتس» إن إسرائيل أوضحت للأمم المتحدة ومجلس الأمن أنها تعتزم ممارسة حقها في إيقاف السفينتين اللبنانيتين.

وراحت وسائل إعلام إسرائيلية تصور مشاركين في السفينة اللبنانية على أنهم متطرفون، ونقلت صحيفة «يديعوت أحرنوت» عن رجل الأعمال الفلسطيني، ياسر قشلق، أحد القائمين على السفينة اللبنانية «مريم»، لقناة «المنار»، دعوته الإسرائيليين لمغادرة فلسطين واصفا إياهم بـ«حثالات أوروبا».

وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية إن إسرائيل تجري اتصالات مع الكثير من الدول سعيا لمنع انطلاق السفينتين اللبنانيتين بالطرق الدبلوماسية، وذلك تجنبا للاستيلاء بالقوة عليهما.

وما زالت تداعيات السيطرة على «أسطول الحرية» التي راح ضحيتها 9 أتراك، تتفاعل وأدى ذلك إلى توتر كبير وغير مسبوق في العلاقات بين تركيا وإسرائيل، فيما ظلت الخلافات متواصلة بين إسرائيل والأمم المتحدة ودول عربية وغربية، حول مسألة تشكيل لجنة تحقيق دولية، إذ شكلت إسرائيل لجنة تحقيق إسرائيلية بمراقبين دوليين، ولم تقبل بلجنة دولية بمشاركة إسرائيلية.

وطار أمس، وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك إلى الولايات المتحدة، في زيارة تنتهي الخميس، وسيلتقي خلالها نظيره الأميركي روبرت غيتس، ووزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، ومستشار الرئيس أوباما لشؤون الأمن القومي جيمس جونز، والسكرتير العام للأمم المتحدة، بان كي مون، وزعماء بعض الدول الذين سيشاركون في مؤتمر الاشتراكية الدولية.

وحسب مصادر إسرائيلية، فإن باراك سيضغط على الإدارة الأميركية لإحباط أي مخططات لإقامة لجنة تحقيق دولية في الجريمة الإسرائيلية ضد «أسطول الحرية».

كما يبحث باراك، مصير محادثات التقارب مع السلطة الوطنية الفلسطينية، وسبل الانتقال إلى المفاوضات المباشرة.

وفي سياق متصل، جدد الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس شروط إسرائيل لرفع الحصار عن القطاع، وقال بيريس «في اليوم الذي يقوم فيه قادة الفلسطينيين في غزة بنبذ (الإرهاب) ويفرجون عن الجندي الأسير جلعاد شاليط، ويتوقفون عن إطلاق الصواريخ وعن المحاولات لاختطاف جنود، لن تكون هناك حاجة لمواصلة الحصار المفروض على قطاع غزة».

وأضاف بيريس أمام اجتماع الوكالة اليهودية في القدس، «إذا كانت وجهة غزة نحو السلام فلن تكون هناك حاجة لتنظيم قوافل سفن أخرى باتجاهها».

وفي سياق ذلك، أعلن السكرتير العام للبيت الأبيض، رام إيمانويل أمس أن رئيس الوزراء الإسرائيلي سيجري محادثات مع الرئيس أوباما في البيت الأبيض في السادس من يوليو (تموز) المقبل.

وقال إيمانويل خلال مقابلة لتلفزيون «إيه بي سي» إن «الرئيس اقترح السادس من يوليو.. وستكون الزيارة الخامسة لرئيس الوزراء إلى البيت الأبيض للعمل حول مجموعة مسائل تتعلق بعملية السلام وأمن إسرائيل وقضايا أخرى تتعلق بالمنطقة (الشرق الأوسط)».

وكان نتنياهو أرجأ زيارته للولايات المتحدة التي كانت مقررة أصلا في الأول من يونيو (حزيران) الحالي بعد أن اختصر زيارة رسمية لكندا إثر الهجوم الإسرائيلي على أسطول المساعدات الإنسانية إلى غزة الذي أوقع تسعة قتلى.

وردا على سؤال، قال إيمانويل إنه يعتقد شخصيا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي من القادة المستعدين للمجازفة لتحقيق السلام. وتابع: «أود أن أقول إن نتنياهو كان واضحا دائما بشأن نواياه وما عليه القيام به».

وزاد إيمانويل قائلا: «الرئيس (أوباما) كان واضحا أيضا بما علينا القيام به للإفادة من هذه الفرصة لإرساء السلام الذي ستشعر معه إسرائيل أنها بأمان وسيلبي تطلعات سيادة الفلسطينيين وهو أمر ممكن».

وقال إيمانويل: «كنا قريبين في كامب ديفيد عام 2000 (من اتفاق) وآن الأوان الآن نظرا إلى المرحلة التي وصلنا إليها لإيجاد توازن مناسب يعطي لإسرائيل التعهد الذي تحتاجه لضمان أمنها وتلبية حاجات الفلسطينيين المتعلقة بالسيادة».