المسؤولية الاجتماعية.. من نطالب ومن نستثني؟!

سعود الأحمد

TT

يبدو أن هناك شبه إجماع على أن مشاركة الشركات، وبالأخص البنوك، في المسؤولية الاجتماعية لا بد أن تقنن، لكن السؤال: ما هي المنشآت الاقتصادية التي يفترض مشاركتها.. من نطالب ومن نستثني؟! ولنتحدث عن المقاييس.. فالمفترض أن المنشآت التي لها تأثير سلبي على البيئة تكون مشاركتها أكبر في تمويل صندوق المسؤولية الاجتماعية، كأساطيل النقل الثقيل التي تلوث البيئة، ولها تأثير سلبي على الطرق البرية، ومثل الكسارات القريبة من المدن التي تلوث الهواء والطرق، وتسبب الحوادث المرورية، وتعطل حركة المرور، ومثلها مصانع الإسمنت وبلاط الرخام وكسر الرخام التي لا يوجد «بعد» مصدر معول عليه لحصر أضرارها، ومثلها المصانع التي تستهلك الطرق وتلوث البيئة وتستغل الثروات الطبيعية، ومنها شركات مصانع بلاط السيراميك والقيشاني والطوب الأحمر، فهذه المصانع تستهلك المادة الخام المعروفة بالطينة الحمراء أو الصلصالية «الثقيلة». وانظر إلى محاجر الطوب الأحمر في مدينة مرات (150 كلم غرب الرياض) لتشاهد عربات النقل الثقيل وهي تنقل هذه الثروة لمصانعها البعيدة عن «مرات»، وحتى اليوم لم تنل منها «مرات» إلا الغبار، حتى الطريق المؤدي لمحجر الطوب الأحمر لم يهن على المصانع سفلتته، بل حتى لم تنقل مخلفاتها من على جانبي الطريق! مع أن الطوب الأحمر يمكن اعتباره ثروة طبيعية يمكن استغلالها في ما هو أغلى من بناء الجدران، ليقتصر استخدامها على صناعة القيشاني والسيراميك، وصناعة الأواني الصينية بعد تغطيتها «بالقليز» المصقول. ولا ننسى مصانع الجرانيت التي تستخدم ثروة الصخور البركانية «النارية».. المستخرجة من باطن الأرض «بازلت».

مثل هذه المصانع التي تستهلك الثروة الطبيعية كمادة خام في صناعاتها، يجب أن يلتفت إليها لتشارك في المسؤولية الاجتماعية. هل أقامت مراكز لغسيل الكلى أو دارا للأيتام أو للنقاهة أو الصحة النفسية؟! فليس النفط وحده الثروة الطبيعية، الذي يجب أن يورد دخله للخزينة العامة للدولة! وأين هي الشركات الكبرى من هذه المسؤولية.. هل أسهمت بما يتناسب وحجم استفادتها!؟ أين «أرامكو»، و«سابك» و«الكهرباء» و«الاتصالات» وبقية الشركات المساهمة؟!.. وأرجو ألا يرد أحد بأن «أرامكو» هي التي أنشأت مدينة الظهران وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وأنشأت مدارس في بعض المدن والبلدات، وأن «سابك» والكهرباء وظفت ودربت الكثير من الشباب، لأن ذلك «كله» يمكن اعتباره نقطة في بحر مما يجب عليها أن تقدمه! وأين هي إسهامات تجار العقارات، بما يتناسب مع ما حصلوا عليه من إيرادات من المواطن، وما استغلوه من خدمات حكومية. وبالأخص أصحاب المخططات القديمة الذين اشتروها كأراضي خام بأثمان بخسة، أو تحت ذريعة «مساييل» مزارع... ومنها الإسهام في مخططات ظهرة البديعة (غرب الرياض)؟! عليه... يفترض أن يكون لهذه المنشآت تصنيف «خاص» يتناسب وحصص مشاركتها في تمويل المسؤولية الاجتماعية، ولذلك فالمشروع كبير وبحاجة لتوظيف طاقم مؤهل لتنفيذه.. يمكنه وضع معايير ومقاييس موضوعية مبنية على أسس علمية تحكم آلياته.

*كاتب ومحلل مالي