إجراءات لمنع نشر رواية عن سونيا غاندي في الهند

يتناول ترجمة غير مصرح بها عن رئيسة حزب «المؤتمر الوطني»

شن حزب المؤتمر الوطني حربا من أجل الدفاع عن رئيسته سونيا غاندي بعد نشر كتاب إسباني يحمل عنوان «الساري الأحمر»، ويتناول ترجمة غير مصرح بها لها (أ.ب)
TT

وجهت انتقادات لاذعة داخل الهند لكتاب إسباني يحمل عنوان «الساري الأحمر»، ويتناول ترجمة غير مصرح بها عن رئيسة حزب المؤتمر الوطني الحاكم، سونيا غاندي، من تأليف كاتب إسباني. وقد شن حزب المؤتمر الوطني حربا من أجل الدفاع عن رئيسته سونيا غاندي أمام إرهاب «الساري الأحمر»، من خلال اتخاذ إجراءات لمنع نشر الرواية باللغة الإنجليزية داخل الهند، والذي يظهر على غلاف بعض الإصدارات صورا لسونيا غاندي. وتنتمي سوينا غاندي إلى عائلة نهرو غاندي، وهي من قيادات حزب المؤتمر الوطني التي سيطرت على الساحة السياسية الهندية منذ الاستقلال عام 1947. وكرئيسة لحزب المؤتمر الحاكم، ينظر إلى غاندي على أنها قوة مستترة في حكومة رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ.

وقد نشرت رواية المؤلف خافيير مورو «الساري الأحمر» لأول مرة باللغة الإسبانية في أكتوبر (تشرين الأول) 2008، وترجمت إلى الإيطالية والفرنسية والهولندية. ومن المقرر نشر الترجمة الإنجليزية من السيرة الذاتية، التي بيع منها أكثر من 200 ألف نسخة من طبعتها الإسبانية، داخل الهند.

ويشير الكاتب إلى أصول سونيا داخل إيطاليا، وزواجها من رئيس الوزراء الهندي السابق راجيف، وهو الابن الأكبر لرئيسة الوزراء الهندية أنديرا غاندي، وحفيد جواهر لال نهرو، أول رئيس وزراء في الهند، والأوقات الصعبة التي مرت بها بعد اغتياله ودخولها إلى الساحة السياسية.

وتركزت اعتراضات حزب المؤتمر الوطني في الأساس على فقرات تظهر سونيا وهي تريد العودة إلى إيطاليا مع راجيف وأطفالهم بعد الهزيمة الانتخابية التي منيت بها أنديرا غاندي في عام 1977. ويستخدم الكاتب الأسلوب الأدبي نفسه لإعادة تصوير الضغوط على سونيا من جانب أمها، باولا ماينو، وأختها الكبرى أنوشكا، للرحيل من البلاد والاستقرار في مسقط رأسهم في مدينة أوروباسانو بالقرب من مدينة تورين الإيطالية، في أعقاب اغتيال زوجها، رئيس الوزراء السابق راجيف غاندي، في 21 مايو (أيار) 1991. ولا يوافق حزب المؤتمر الوطني على هذه الفقرات، ويطلب حظر نشر الترجمة الإنجليزية للكتاب.

وقد أثار الكتاب زوبعة، في الوقت الذي أرسل محامو رئيسة حزب المؤتمر الوطني إخطارا قانونيا إلى المؤلف، وقالوا إن الكتاب يحتوي على «أشياء غير حقيقية، وأنصاف حقائق، وأكاذيب، وتصريحات مفترية».

وأرسل المسؤول عن الوحدة القانونية والحقوقية بحزب المؤتمر، أبهيشيك سينغفي، إخطارا قانونيا إلى مورو والناشرين، مع الإشارة إلى محتوى محدد داخل الكتاب، وذلك قبل سبعة أشهر. ومن بين التفسيرات التي ساقها سينغفي لانتقاد «الساري الأحمر» هو أنه عبارة عن عمل روائي، يعتمد على حياة شخص حي، وهذا أمر غير مقبول. ونقلت وسائل إعلام هندية عن المتحدث باسم حزب المؤتمر الوطني، أبهيشيك سينغفي، قوله: إن العمل «غير مصرح به تماما، وأنه افترائي وداعر».

وفي بعض الفقرات لجأ مورو إلى وسيلة لسرد حوارات، كما لو كان حاضرا خلال مناسبة ما. كما زعم مورو أن حزب المؤتمر يحاول «إرهاب» الشركات الهندية لعدم نشر الكتاب. ويقول مورو: «لقد كتبت تقريرا روائيا عن حياتها، ولكن لا يعني ذلك أنه شيء غير صحيح. ويحاول أبهيشيك سينغفي والمراقبون التابعون له تخويف دور النشر الهندية حتى لا تنشر كتابي. وكل ما أستطيع أن أقوله هو أنهم لن ينجحوا في ذلك». ونقلت وسائل الإعلام الهندية عن مورو: «لا أعرف كيف وضع أبهيشيك سينغفي، وآخرون أيديهم على الكتاب، على الرغم من أنه لم يدخل إلى السوق حتى الآن».

ولم يكن كتاب مورو السبب الوحيد وراء استثارة هذه الشكوك، فقد دفع فيلم بوليوود «راجنيتي» حزب المؤتمر إلى اقتحام عالم الفن، عندما قام تابعون للحزب بمراجعة الفيلم بعد أن أقره مجلس رقابة الأفلام الهندية.

وقد جذبت القصة السياسية في الفيلم انتباه حزب المؤتمر، بسبب مماثلتها، كما يزعم، لحياة عائلة غاندي، وبدا أن زي بطلة الفيلم كاترينا كييف، وأسلوبها يشبه سونيا غاندي بدرجة كبيرة.

وخضع الفيلم، الذي حقق إيرادات كبيرة، إلى عملية رقابة غير مسبوقة على يد ثلاثة ممثلين من حزب المؤتمر، وكان تصنيف الفيلم ضمن الأفلام التي لا يسمح بمشاهدتها لمن دون 18 عاما، ولكن جعلته اللجنة المختصة من الأفلام المسموح بمشاهدتها لمن دون الثانية عشر، تحت إشراف الوالدين.

ويهتم حزب المؤتمر بأي إشارة إلى العائلة الأولى داخل الحزب، سواء أدبيا أو سينمائيا. وقال مورو على التلفزيون إنه دهش لتردد حزب المؤتمر في قبول سونيا كـ«امرأة ربما ترغب في مغادرة الهند». وجاء في رسالة عبر البريد الإلكتروني من خبراء سونيا القانونيين (أكسون بارتنرز) أن مورو أُخطر في 2009، بأن كتابه به الكثير من الأكاذيب والافتراءات، وأنه اخترع حوارات داخل علامات تنصيص.

ومع ذلك وجه سياسيون ومثقفون انتقادا إلى ضيق صدر حزب المؤتمر الوطني. ووصف الحزب السياسي المعارض «بهاراتيا جاناتا» الإجراءات الرقابية بأنها ردة إلى حالة الطوارئ في السبعينات، عندما حظر رئيس الوزراء آنذاك أنديرا غاندي الكتب والأفلام والصحف التي ينظر إليها على أنها مناوئة للحكومة. ويقول سوهل سيث، وهو شريك إداري في شركة الاستشارات «كوسليج الهند»: «يعود ذلك إلى ثقافة التملق داخل الحزب».

ويقول المؤرخ البارز راماشاندرا جوها إنه ضد هذا النوع من السلوك وضد الرقابة. وقال: «أعارض رقابة الدولة على الفن. وإذا كان هناك من يختلف مع كتاب، فعليه أن يرد على ذلك بكتاب آخر، وليس من خلال حظر من جانب الدولة أو الحزب».

ودائما ما كان حزب المؤتمر يسعى إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد ذكر عائلة نهرو غاندي في الأفلام والكتب والرسوم الكرتونية. وفي 2006، تعثر مشروع المخرج جاغموهان موندرا الطموح، الذي كان يسعى من خلاله إلى عمل فيلم عن سيرة سونيا غاندي الذاتية مع تجسيد الممثلة الإيطالية مونيكا بيلوتشي للدور الرئيسي، وذلك بعد أن أعرب حزب المؤتمر عن اعتراضه، وبعد ذلك قدم إنذارا قانونية يطلب منه التراجع عن ذلك.

وكان حزب المؤتمر قد أكد على أنه لا يمكن عمل فيلم عن جوهر لال نهرو بسبب إشارة عن علاقة حب بين رئيس الوزراء الأول وإدوينا مونتباتن، وعلى الرغم من أن كتاب مورو جاء في شكل رواية، وربما لا يؤذي المشاعر العامة، لا يعرف هل سيتم نشر الكتاب داخل الهند أم لا.