أمين عام «الناتو» يدعو البلدان المسلمة للمساهمة بجنود وتدريبات ومساعدات مالية في أفغانستان

دعاها إلى المساعدة في جهود تدريب قوات الشرطة والجيش الأفغاني

TT

دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) أندرس فوغ راسموسن البلدان المسلمة إلى لعب دور أكبر في أفغانستان من خلال نشر جنود لدعم قوات «إيساف» الدولية، والمساعدة على تدريب القوات الأفغانية تمهيدا لتسليمهم السلطة، وتقديم مساعدات مالية للحكومة الأفغانية لتدريب قواتها. وقال في لقاء مع مجموعة من الصحافيين في مقر «الناتو» ببروكسل شاركت فيه «الشرق الأوسط»، إن البلدان المسلمة يمكنها أن تساهم في إعادة الاستقرار إلى أفغانستان بسبب خلفيتها الثقافية والدينية. وعدد راسموسن الذي تسلم مهامه كأمين عام «الناتو» في أغسطس (آب) العام الماضي، مجموعة من الإمكانيات حيث يمكن للبلدان المسلمة أن تساهم في إعادة الاستقرار إلى أفغانستان. وقال ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، إن البلدان المسلمة «يمكنها أن تساهم بشكل فعال عبر إرسال تعزيزات عسكرية، وهذا ما سيؤكد أن الحرب هناك ليست حربا ضد الإسلام بل ضد الإرهاب». ودعاها أيضا إلى المساعدة في جهود تدريب قوات الشرطة والجيش الأفغاني لتمكينهم من تسلم مسؤوليات إدارة البلاد بأنفسهم. ويعتبر «الناتو» أن تدريب الشرطة والجيش الأفغاني هو مفتاح الخروج من أفغانستان. إلا أنه يواجه نقصا في عدد المدربين الذين يحتاجهم، خصوصا مع تلكؤ عدد كبير من البلدان الأوروبية في إرسال تعزيزات إضافية إلى أفغانستان بسبب الأزمة الاقتصادية، وعدم قدرتهم على تبرير الحرب بشكل كاف لشعوبهم. وبدأ «الناتو» قبل عام مراجعة لاستراتيجيته، وهي الثالثة منذ تأسيس الحلف، وسيتم إعلانها في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ومن أهم العناصر الجديدة التي سيدخلها «الناتو» في استراتيجيته، إشراك بلدان من خارج دول «الناتو» الـ28، في عملياته وتشديده على ضرورة أن تلعب تلك البلدان دورا أكبر إلى جانب «الناتو».

ومن هذا المنطلق، شدد راسموسن أمس على أنه من مصلحة البلدان المسلمة أن تساهم بشكل فعال في جهود إعادة الاستقرار إلى أفغانستان، رغم أن بعض البلدان الأوروبية بدأت تتراجع عن دعم مهمة «الناتو» في أفغانستان. وقد أعلن عدد من البلدان الأوروبية أنها ستبدأ سحب قواتها تدريجيا من أفغانستان، آخرها هولندا وإيطاليا. كما لمحت بريطانيا التي تساهم بثاني أكبر قوة في أفغانستان، بأنها تريد سحب قواتها من هناك خلال 5 سنوات. وتواجه ألمانيا ضغوطا أيضا للانسحاب، وترفض إرسال تعزيزات إضافية. ولكن راسموسن شدد على أنه رغم ذلك، على البلدان المسلمة أن تشارك بلعب دور أكبر. وقال: «أؤمن أن البلدان المسلمة تدرك أن خروجا مبكرا سيترك أفغانستان للإرهابيين وسيتمكنون من توجيه اعتداءات على بلدان أخرى، كما أنهم سيزعزعون استقرار المنطقة والبلدان المجاورة، خصوصا باكستان القوة النووية، وهذا أمر خطير». وأضاف: «بعض البلدان المسلمة عانت من اعتداءات إرهابية، ويريدون محاربة الإرهابيين والمتطرفين، لذلك من مصلحتهم أن يساهموا في جلب الاستقرار لأفغانستان».

ودعا راسموسن أيضا البلدان المسلمة إلى تقديم مساعدات مالية للحكومة الأفغانية لتجهيز جيشها وقواتها الأمنية، وقال: «لدينا صندوق ائتماني لتمويل الجيش الأفغاني، من غير الممكن للحكومة الأفغانية أن تمول هذا العدد الكبير من جيوشها وشرطتها، هم بحاجة إلى مساهمات مالية إضافية. وكذلك هم بحاجة إلى مساعدة في تمويل برامج لإعادة دمج مقاتلين سابقين من طالبان في المجتمع». ولكن بالإضافة إلى كل المساهمات العسكرية والمالية، شدد أمين عام «الناتو» على أن البلدان الإسلامية يمكنها أن تساهم بإعادة بناء المجتمع الأفغاني، وأن «تكون شريكا فعالا ومهما» في هذا المجال، «بسبب خلفيتهم الثقافية ووعيهم الديني». ونفى راسموسن أن تؤثر إقالة الجنرال ستانلي ماكريستال من منصبه كقائد للقوات العسكرية في أفغانستان، على استراتيجية الحرب هناك، وقال: «لن نغير استراتيجيتنا هناك، لأنها تعطي إشارات نجاح». وعدد بعض هذه الإشارات الإيجابية، ومنها إعمار 3500 مدرسة يتعلم فيها 7 ملايين طالب. وأشار أيضا إلى أن 85 في المائة من سكان البلاد لديهم اليوم قدرة على الحصول على تغطية صحية مقابل 6 في المائة في السابق، كما أن 5 ملايين لاجئ أفغاني عادوا إلى البلاد. واعتبر راسموسن أن هذه الإشارات دليل على أن الاستراتيجية المعتمدة هناك ناجحة.

وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما قد أقال جنرال الحرب من منصبه الأسبوع الماضي بعد مقال نشرته مجلة «رولينغ ستون» حول الجنرال ينتقد فيه أوباما وتردده في اتخاذه قرار إرسال 30 ألف جندي إضافي طالب بها، ويهزأ ببعض المسؤولين في الإدارة الأميركية. وبرر أوباما الإقالة بأن تصريحات الجنرال لم تكن لائقة لرجل في منصبه، واستبدله بمديره الجنرال ديفيد بترايوس الذي يتمتع بثقة الرئيس. ويأمل «الناتو» بأن يتمكن من إعلان خط بدء مرحلة نقل السلطة للقوات الأفغانية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وشدد راسموسن على أن الحلف لا يدرس «خطة خروج»، ولكن خطة «لنقل السلطة» إلى الأفغان. وفي وقت تخسر الكثير من البلدان الأوروبية ثقة شعوبها في مشاركتها في الحرب في أفغانستان، ويتحضر عدد منها للمغادرة، أكد أمين عام الحلف أن القوات الدولية «ستبقى بقدر ما يقتضي الأمر». وقال: «سنبقى بقدر ما يحتاج الأمر لإنهاء عملنا. لن نترك الأفغان في وضع يعيد طالبان إلى السلطة، الشعب الأفغاني يمكنه الاعتماد علينا، ولكن لن نبقى هناك للأبد». وأضاف: «لسنا قوات احتلال، ونريد الأفغان أن يتحملوا مسؤولية بلادهم».