خادم الحرمين لقادة العشرين: تقلبات أسعار النفط تسببت في الإضرار بالبلدان المنتجة والبلدان المستهلكة

أكد استمرار بلاده في برنامجها الاستثماري في القطاعين الحكومي والنفطي.. ودعا إلى دعم الدول النامية والفقيرة

خادم الحرمين الشريفين وقادة مجموعة العشرين في صورة تذكارية إبان اجتماعاتهم في كندا أول من أمس (واس)
TT

أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أن المملكة العربية السعودية اتخذت عددا من الإجراءات في مجال السياسة المالية العامة والسياسة النقدية لمواجهة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، وأشار الملك عبد الله في كلمته التي وجهها إلى قادة دول مجموعة العشرين في اجتماعها المنعقد في مدينة تورونتو بكندا، أول من أمس، إلى استمرار المملكة في برنامجها الاستثماري في القطاعين الحكومي والنفطي، وذلك بإنفاق مبلغ 400 مليار دولار أميركي على مدى خمس سنوات، الذي سبق الإعلان عنه في واشنطن، مبينا أن هذا الإنفاق يعد من أكبر برامج التحفيز التي أعلنتها دول المجموعة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، وأن البرنامج ينفذ حاليا حسب ما هو مخطط له، بالإضافة إلى زيادة رؤوس أموال مؤسسات التمويل المتخصصة لتتمكن من توفير تمويل إضافي للقطاع الخاص، وبخاصة المشاريع الكبيرة والمؤسسات المتوسطة والصغيرة، مضيفا أن السعودية اتخذت عدة إجراءات في مجال السياسة النقدية والقطاع المالي والتجارة، وقد ساعدت هذه الإجراءات على الحد من تأثير الأزمة المالية العالمية وتعزيز أداء الاقتصاد السعودي.

ونوه الملك عبد الله بأن قدرة النظام المالي في المملكة العربية السعودية على الصمود تعززت على مدار السنوات الماضية، بفضل الإجراءات الصارمة والرقابة الاستباقية، وأن النظام المصرفي احتفظ بسلامة أوضاعه وبمستويات ربحيته ورسملته المرتفعة، حتى في أعقاب الأزمة العالمية الأخيرة.

وفيما يخص تطورات أسواق النفط، أكد الملك عبد الله بن عبد العزيز أن التقلب الشديد في أسعار النفط الذي شهده العالم عامي 2008 و2009 تسبب في الإضرار بالبلدان المنتجة وكذلك البلدان المستهلكة، «لذلك ينبغي على البلدان المستهلكة أن تنظم الأسواق المالية وأسواق السلع الأولية بصورة أقوى وأكثر فعالية، ومن جانبها فإن المملكة مستمرة في تطبيق سياستها البترولية المتوازنة للإسهام في استقرار أسواق النفط، ومن ذلك رفعها طاقتها الإنتاجية إلى 12.5 مليون برميل يوميا».

وطالب خادم الحرمين الشريفين الدول المستهلكة بالتعاون مع الدول المنتجة لضمان استقرار الأسواق، وأمن الطلب والإمدادات «لأهمية ذلك، ولضمان تدفق الاستثمارات المطلوبة في الطاقة الإنتاجية، وأن من المهم العمل على تعزيز إمكانيات حصول الدول، الفقيرة خصوصا، على الطاقة، من خلال تبني سياسات وبرامج عملية لتنفيذ مبادرة الطاقة من أجل الفقراء، حيث ان تعزيز إمكانيات الوصول إلى مصادر طاقة نظيفة ومتنوعة وموثوقة ومعقولة التكلفة يعد أمرا أساسيا لتحقيق النمو والتنمية المستدامة، وأن لا يتضمن النهج الذي نتبعه في مساندة ودعم التكنولوجيات النظيفة تحاملا أو تحيزا ضد النفط وغيره من أنواع الوقود الأحفوري».

وتطرق خادم الحرمين الشريفين في كلمته إلى أهمية دعم الدول النامية، وبخاصة الفقيرة، التي تضررت جراء الأزمة، مبينا أن المملكة العربية السعودية عملت جهدها على مساعدتها على تخفيف وطأة الأزمة العالمية عليها من خلال زيادة مساعداتها التنموية والإنسانية الثنائية والمتعددة الأطراف، وفي دعم تعزيز موارد بنوك التنمية الإقليمية والمتعددة الأطراف.

ورحب خادم الحرمين الشريفين بالتقدم المحرز بشأن قضايا إصلاح حقوق التصويت ورأس المال في البنك الدولي للإنشاء والتعمير وبشأن إصلاحات صندوق النقد الدولي، مؤكدا أهمية تناول مقترحات الإصلاح كحزمة متكاملة.

وفيما يخص قضايا التجارة الدولية، أكد الملك عبد الله بن عبد العزيز أن استمرار انتعاش التجارة العالمية «يعد مطلبا ضروريا للإسهام في تعجيل وتيرة النمو العالمي، وهذا يتطلب تجنب القيود الحمائية واتخاذ تدابير ملائمة لمساندة التمويل المرتبط بالنشاط التجاري»، وفي هذا السياق دعا خادم الحرمين الشريفين الدول المتقدمة إلى معالجة دعمها المنتجات التي تمتلك فيها الدول الفقيرة ميزة نسبية، مشيرا إلى أنه تماشيا مع التزام المملكة العربية السعودية بحرية التجارة «فإنها تواصل القيام بجهودها لدعم مبادرات تحرير التجارة على جميع المستويات. كما تواصل المملكة تقديم التمويل لأغراض التجارة من خلال عدد من البرامج والصناديق الوطنية والإقليمية».

وكان الملك عبد الله قد وجه في مستهل كلمته شكره إلى الحكومة الكندية على الجهود التي بذلتها في الإعداد والتنظيم، مشيرا إلى أهمية هذا الاجتماع الذي يأتي بعد اجتماع بتسبورغ، الذي تقرر فيه أن تكون هذه المجموعة المحفل الرئيسي للتعاون الاقتصادي الدولي، موضحا أنه قرار ينسجم مع التطورات على خريطة الاقتصاد العالمي، ويستجيب إلى الحاجة لوجود مجموعة أكثر تمثيلا لاقتصادات الدول المتقدمة والنامية على حد سواء.

وأشار إلى نجاح مجموعة العشرين في الاستجابة للأزمة المالية العالمية بما اتخذته من تدابير جنبت العالم الوقوع في الكساد، إلا أن الأوضاع الاقتصادية العالمية الهشة تجعل من إعلان النجاح مؤجلا، ولذا فمن المهم أن يكون النمو العالمي أقوى وأكثر توازنا وقدرة على الاستمرار، من خلال تبني إجراءات منسقة من قبل دول المجموعة، وفي الوقت نفسه مراعاة الاحتياجات والظروف الخاصة بكل دولة.

وتطرق خادم الحرمين الشريفين إلى الأنظمة المالية، مؤكدا أهمية إصلاحها من أجل تفادي وقوع الاقتصاد العالمي في أزمات مماثلة في المستقبل، مشيرا إلى أن تطبيق أنظمة إشرافية ورقابية قوية تعد بديلا أنسب من فرض ضرائب على المؤسسات المالية.

ويضم الوفد السعودي المشارك في أعمال القمة الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية.

كما يضم الوفد وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف، ومحافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد الجاسر.