اليونانيون يرفضون الرضوخ للإجراءات التقشفية ويعلنون «حرب احتجاج طويلة»

اليونان تصدر سندات خزينة تفوق قيمتها أربعة مليارات يورو

خرج عشرات الآلاف من الشعب اليوناني من العاملين في القطاع الخاص والعام إلى شوارع العاصمة أثينا في مظاهرات حاشدة أمس
TT

خرج أمس (الثلاثاء) عشرات الآلاف من أبناء الشعب اليوناني من العاملين في القطاع الخاص والعام، إلى شوارع العاصمة أثينا في مظاهرات حاشدة بعد أن تجمعوا في الميادين المختلفة باتجاه البرلمان اليوناني وسط أثينا. وهيمن على المتظاهرين الغضب العارم احتجاجا على الإجراءات التقشفية الحكومية ورفضا لمشروع القانون الجديد الخاص بتغيير نظام العمل والتأمينات الاجتماعية.

وكانت اتحادات نقابات العمال والموظفين التي تضم في عضويتها نحو ثلاثة ملايين عضو، قد دعت وللمرة الخامسة منذ أن أعلنت الحكومة الاشتراكية إجراءات التقشف - الإضراب العام في البلاد الذي وصفوه بأنه حرب طويلة ضد الحكومة، رافعين لافتات منها، «إنه لصراع طويل مع الحكومة»، «تخصيص المصارف»، «أعيدوا ما سرقتموه»، «طرد صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي»، «الأفضل أن نكون خارج الاتحاد الأوروبي»، «لا للإجراءات التقشفية».

ومن بين المشاركين في الإضراب الذي أصاب الحياة في اليونان بالشلل التام موظفو الوزارات الحكومية ومكاتب البلديات والمستشفيات والمصارف والمحاكم وكذلك عمال المصانع. بالإضافة إلى الصحافيين والعاملين في وسائل الإعلام المختلفة.

والإجراءات التقشفية اليونانية التي تزداد قسوة بمرور الوقت تأتي تلبية لمطالب الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي في مقابل قروض طارئة بقيمة 110 مليارات يورو سوف يوفرانها لليونان لمساعدتها في تقليل عجز موازنتها الذي وصل إلى مستوى قياسي بالنسبة للاتحاد الأوروبي، وبالفعل حصلت اليونان الشهر الماضي على أول قسط للعام الجاري من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وتمكنت أثينا أن تنجو من الإفلاس بعدما سددت مستحقات عليها بنحو 9 مليارات يورو الشهر الماضي.

في غضون ذلك، أعلن مسؤولون يونانيون أن اليونان سوف تصدر سندات خزينة، تفوق قيمتها أربعة مليارات يورو شهر يوليو (تموز) المقبل وهو أول إصدار لها منذ بدأت الاستفادة من مساعدة الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، ووصف مصدر حكومي هذا الإصدار بأنه «عادي». ويحدث كل ثلاثة أشهر لاستبدال السندات قصيرة الأجل، التي تبلغ موعد استحقاقها. وسوف تصل قيمة الإصدار إلى ما بين 4 و4.5 مليار يورو (5 إلى 5.6 مليارات دولار). وكما أعلنت المصادر فإن اليونان بحاجة إلى أن تكون حاضرة في سوق الديون، وسوف يستحق تسديد سندات خزينة بقيمة 4.56 مليارات يورو في شهر يوليو المقبل.

يقول لـ«الشرق الأوسط» يوأنيس زاخرياديس وهو أستاذ جامعي كان ضمن المتظاهرين: «السبب في الأزمة اليونانية هو الـ300 عضو تحت قبة البرلمان، فهم منذ 30 عاما وهم أنفسهم.. هم الذين سرقوا البلاد.. وأن كانت قد تغيرت الوجوه فهم نفس الأسماء.. نفس العائلات.. لا بد من أن يتحمل هؤلاء ما سرقوه أو ما تسببوا في سرقته وإيصال البلاد إلى هذا الحد».

أما جورجينا باباديمتريو فقالت لـ«الشرق الأوسط» متسائلة.. لماذا لا يتم تخصيص البنوك.. لماذا لا يتحمل الأثرياء وأصحاب رؤوس الأموال وملاك المصارف هذه الأزمة.. لماذا يتحمل الشعب الفقير أو الطبقة الفقيرة فقط هذه الأزمة.. هذا شيء غير عادل!.. لا بد أن تسقط الحكومة، إن لم تعدل عن سياستها السلبية تجاه الطبقات الفقيرة..

ووفقا للمعلومات الواردة، من الوكالة المكلفة بإدارة الديون، فسوف تصدر أثينا بالتالي 2.16 مليار يورو من السندات لمدة ستة أشهر وسنة في 16 يوليو المقبل، و2.4 مليار يورو من الأسهم لثلاثة أشهر بعد نحو أسبوع، بالإشارة إلى أن إصدار السندات هذا، هو الأول بالنسبة إلى اليونان منذ وضع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد خطة الإنقاذ البالغة قيمتها 110 مليارات يورو على مدى ثلاثة أعوام.

ووفقا للمقربين، فإن هذه الخطة سوف تساعد اليونان على الخروج من أزمة عجزها المالي، حيث كانت اليونان قد غرقت في ديون قاربت 300 مليار يورو. واضطرت إلى الاقتراض بمعدلات فوائد باهظة، ورأت نفسها ملزمة باعتماد إجراءات تقشف قاسية، مما سبب إضرابات متتالية في البلاد، وتكرار الإضرابات العامة والاحتجاجات الشعبية والعمالية.

يذكر أن اليونان قد جمعت في 20 أبريل (نيسان) الماضي مبلغ 1.95 مليار يورو من سندات الخزينة لـ13 أسبوعا، ولاقت هذه السندات نجاحا كبيرا، لكنها اضطرت إلى دفع معدلات فوائد مرتفعة للغاية.

يشار إلى أن إجراءات الإصلاح الجديدة هي القيام باستقطاعات في المعاشات ورفع سن التقاعد، وبهذا الشكل يحدد سن 60 عاما كحد أدنى للحصول على المعاش في القطاع العام و65 عاما في القطاع الخاص لكلا الجنسين، وينص قانون المعاشات الجديد على العمل لمدة 40 سنة للحصول على معاش تقاعد بغض النظر عن العمر.

من جانبه دعا وزير المالية جورج باباكوستاندينوس، المصارف اليونانية لتخفيض معاشات المديرين والموظفين الكبار، وقال في اجتماع اتحاد المصارف اليونانية: أنا متفائل من نتيجة محاولة الحكومة إنعاش الوضع المالي، وأضاف: المصارف اليونانية كانت وستكون محصنة تجاه تداعيات الأزمة المالية، وسوف تلعب المصارف الدور الطليعي على صعيد إعادة بلورة علاقتها بالمجتمع.

أما رئيس بنك ألفا بيستيوس اليوناني يانيس كوستوبولوس وهو أكبر ثالث بنك يوناني في البلاد فقد صرح بأن اقتصاد بلاده يسير على الطريق الصحيح، مؤكدا أن بلاده ستجد مخرجا من الأزمة وهي أقوى من ذي قبل، وفي حديثه أمام جمعية أصحاب الأسهم في البنك، قال كوستوبولوس إن «المؤشرات الاقتصادية تكشف أن الركود في عام 2010 لن يكون خطيرا مثلما كان متوقعا، مما يفتح طريقا مبكرا للتعافي الاقتصادي، وطبقا للتوقعات الرسمية، سيسجل الناتج المحلي الإجمالي في اليونان انخفاضا في عام 2010 للعام الثاني على التوالي بنسبة 4 في المائة، بينما تشير العديد من التوقعات إلى أن الانخفاض قد يكون شديدا.