الحريري: حق لبنان على أشقائه أن يدركوا أهمية الاستقرار لقضيتهم

ويليامز لـ «الشرق الأوسط»: التوطين مسألة تخص الطرفين ووحدهما يقرران فيها

رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري خلال افتتاح اللقاء حول العلاقات اللبنانية الفلسطينية في بيروت أمس (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

سعيا لسحب السجال الحاصل لبنانيا حول الحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين من التداول الإعلامي اليومي ولوضع حد للتأويلات وربط موضوع إعطاء الحقوق بالتوطين، جمع رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في السراي الحكومي، وفي لقاء تحت عنوان «العلاقات اللبنانية - الفلسطينية، إنجازات، رؤية ومستقبل»، ممثلي الفصائل والفعاليات الفلسطينية بممثلي الأحزاب اللبنانية وفعاليات المجتمع اللبناني، فتصارح الطرفان ليجدد الفلسطينيون دعوتهم اللبنانيين لإقرار حقوقهم الإنسانية وليشدد أصحاب الدار على أنه وفي مقابل إعطاء الحقوق يجب إتمام الواجبات.

اللقاء أعاد إطلاق عمل لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني التي كانت قد بدأت مهامها في عام 2005. فبعد توقف لنحو عام في 2009 عادت اللجنة اليوم وبحلة جديدة ترأسها السيدة مايا المجذوب وتضم ممثلين عن الوزارات اللبنانية بغياب تمثيل فلسطيني، فاللجنة وبحسب المجذوب «أداة حكومية تحظى بتأييد واسع هدفها الترجمة الفعلية للبيان الوزاري فيما يخص العلاقات اللبنانية - الفلسطينية». وأوضحت المجذوب لـ«الشرق الأوسط» أن عمل اللجنة دوري، فهي تعقد اجتماعات شهرية تخرج برؤى ومبادرات تعرضها على الطرف الفلسطيني لإيجاد حلول للملفات الشائكة ووضع آليات عمل بتنسيق لبناني - فلسطيني».

وفي إطار مشاركته في اللقاء الحاشد، شدد المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان مايكل ويليامس على أن «التوطين مسألة تخص اللبنانيين والفلسطينيين وهم يقررون فيها، لا الأمم المتحدة أو المجتمع الدولي». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن ندعم الأونروا بكل إمكاناتنا ماليا ومعنويا، كما نساهم مساهمة فاعلة في إعادة إعمار مخيم نهر البارد، لكن تراجع موازنة الأونروا سببه المباشر الأزمة الاقتصادية العالمية، لذلك كلنا مدعوون من دول عربية ومجتمع دولي لتقديم المساعدات للمساهمة في رفع المستوى الحياتي للاجئين في لبنان ومنحهم أبسط الحقوق الإنسانية».

من جهته شدد رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري على أن «موضوع إعطاء الحقوق الفلسطينية غير خاضع للجدل أو النقاش، فلبنان لن يتخلى عن التزامه القومي والإنساني تجاه الشعب الفلسطيني، كما أن المسألة يجب أن تخرج من التجاذب وألا تتحول إلى نقطة خلافية بين اللبنانيين، أو بين اللبنانيين والفلسطينيين».

ورأى الحريري أن «هناك واجبات إنسانية واجتماعية وأخلاقية، لا بد للدولة اللبنانية أن تتحمل مسؤولية القيام بها، فلبنان لن يتهرب من هذه الواجبات، التي يجب أن تكون واضحة وضوح الشمس، وغير خاضعة لأي تأويل أو التباس. فلا مكان في واجبات لبنان تجاه الإخوة الفلسطينيين لأي نافذة يمكن أن تطل على التوطين أو أي إجراء يناقض حق العودة وينزع عنهم هوية فلسطين». وقال الحريري: «اسمحوا لي أن أذهب بالصراحة إلى ما هو أبعد من واجبات الدولة الاجتماعية والإنسانية لأشير أيضا إلى واجب الدولة في تأمين سلامة المقيمين على أراضيها، كل المقيمين، من دون استثناء وبسط سيادتها على كافة الأراضي خارج وداخل المخيمات. إن بناء الدولة اللبنانية أولوية، ولا بد من تصويب التعاطي، وبناء الثقة بعيدا عن المزايدات. فالكل يعلم أن الواقع الأمني للمخيمات الفلسطينية، هو واقع مأساوي أيضا، يلقي بظله على حدود واجبات الدولة اللبنانية ومواقف العديد من الأطراف منها». وأضاف: «لكن من حق لبنان على أشقائه الفلسطينيين المقيمين على أرضه بشكل خاص، أن يدركوا أهمية الاستقرار في لبنان لقضيتهم، وأن أي شكل من أشكال الفوضى لن يجعلنا نتقدم شبرا واحدا في اتجاه فلسطين. فلسطين تبتعد عنا، كلما أوغلنا في الفوضى، وأفسحنا المجال لتحويل المخيمات في لبنان أو غير لبنان إلى ساحات للخروج على القانون على صورة كارثة نهر البارد».

وأكد الحريري أن «الحكومة ستتحمل مسؤولياتها تجاه الشعب الفلسطيني الذي يعيش في لبنان، ولكن على المجتمع الدولي أيضا أن يتحمل مسؤوليته تجاه هؤلاء الفلسطينيين بأن يكون لهم الحق بالعودة إلى وطنهم فلسطين وعاصمتها القدس».

أما السفير الفلسطيني في لبنان، عبد الله عبد الله، فشدد على أن «المطالبة بالحقوق المدنية أو الإنسانية للفلسطينيين لا تحمل مخططا سياسيا أو أمنيا أو عسكريا»، لافتا إلى أن «الفلسطينيين على هذه الأرض هم ضد التوطين، ومتمسكون بحق العودة، بل هم تحت القانون اللبناني وتحت السيادة اللبنانية». واعتبر عبد الله أن «الحق الفلسطيني لن يؤثر على النسيج الاجتماعي اللبناني»، مشيرا إلى أن «الفلسطيني الذي يطالب بالعمل لن يزاحم اللبناني أبدا، بل يطالب بأن يكون متساويا بغير اللبنانيين الموجودين في لبنان». وقال: «نريد أن يعامل الفلسطيني معاملة عادية وأن يكون جزءا من الحركة الاقتصادية في هذا البلد». ودعا مدير مكتب «الأونروا» في لبنان، سالفاتوري لومباردو، إلى «ضرورة فصل السياسة عن موضوع الحقوق الإنسانية للفلسطينيين». وقال لـ«الشرق الأوسط»:» تشهد الأونروا أزمة مالية مستشرية ونحن ندعو الدول المانحة لرفع قيمة مساعداتها، كوننا على أهبة الاستعداد وفي حال توفرت الأموال للمساهمة في مساعدة لبنان على تأمين الحقوق الفلسطينية».

ووضع أمين سر حركة فتح في لبنان فتحي أبو العردات (أبو ماهر) اللقاء الذي أقامه الرئيس الحريري في خانة «العمل التراكمي باتجاه إعطاء الفلسطينيين اللاجئين في لبنان حقوقهم». وأعرب أبو العردات عبر «الشرق الأوسط» عن تفاؤله لما لمسه الفلسطينيون خلال اللقاء من «وحدة في الرؤية بين اللاجئين واللبنانيين تجاه تأمين الحقوق الإنسانية» وقال: «نحن مستعدون للتعاون مع الدولة اللبنانية لحل كل الملفات الخلافية ومن ضمنها ملف السلاح الفلسطيني على أن يتم ذلك خارج إطار المقايضة مع الحقوق الفلسطينية وعلى قاعدة الحوار الذي يؤدي لوضع آلية واضحة للتنفيذ».