مرشحة برلمانية في أميركا تثير دهشة الصحافيين لرفضها التعامل معهم

تساؤلات حول اختلاقها طريقة تبقيها تحت الأضواء أو افتقادها إجابات كافية

TT

هناك لعبة في نيفادا تدعى «أين شارون أنغل؟»، سئمت الصحافة المحلية من لعبها. فقد دأبت أنغل المرشحة لمقعد مجلس الشيوخ في الولاية، وهي عضو بارز في حركة «حفل الشاي»، على رفض الحديث إلى الصحافيين المحليين، وهو ما أدى إلى انتهاج بعض القنوات التلفزيونية المحلية سلوكا عدوانيا غير معتاد تجاهها. ففي إحدى الليالي خلال الشهر الحالي، لاحقها أحد المراسلين سيرا على الأقدام أثناء خروجها من مطعم، وكرر عليها سؤالا حول ما تعنيه تصريحاتها القاسية بشأن الكونغرس، لكنها تجاهلته وواصلت طريقها محاولة تجاوزه. وقد عرض شريط فيديو يصور هذه الواقعة في أنحاء الولاية.

أظهرت أنغل في صمتها تحولا في الصحافة السياسية، فالمرشحون السياسيون يعيشون ويموتون من خلال العروض التلفزيونية والمقابلات التلفزيونية التي تكمل الحملة الإعلانية لهم. لكن في السباقات المحلية عبر الولايات المتحدة هناك عدد قليل من الصحافيين الذين يسألون أسئلة بالنيابة عن الناخبين والمزيد من البدائل الإعلامية أكثر من ذي قبل، مثل برامج الراديو و«الفيس بوك».

بيد أن أنغل سرعان ما اكتشفت أن الطريق الأفضل لإيقاظ المحطات التلفزيونية من نومها هو رفض الرد على طلب المقابلات معها، وإن وصل العدد إلى 10 أو 20 طلبا.

وتقول بيت فاريل، مديرة الأخبار في قناة «كي آر إن في»، القناة المحلية التابعة لشبكة «إن بي سي»: «لا أتذكر أننا واجهنا من قبل مشكلة في الحصول على مقابلات، خصوصا مع المرشحين للكونغرس، الذين عادة ما يطرقون أبوابنا سعيا وراء إجراء مقابلة معهم».

وبعد أسابيع من الرفض الخاص، دعت قناة «كي آر إن في»، يوم الاثنين الماضي، أنغل إلى تفسير موقفها تجاه ناخبي نيفادا، في خطوة غير مسبوقة من قبل المحطة، وفي اليوم التالي وافقت على إجراء مقابلة وحيدة مع القناة شريطة أن تذاع يوم الثلاثاء.

في ولاية يقول الصحافيون إنهم قادرون على الوصول بسهولة إلى حاكمها، يتساءل كثيرون ما إذا كان رفض أنغل التعليق، عدا لمذيعي الراديو من أصدقائها، مؤشرا عن أمر أكبر. ويقول المراسلون إنهم يشكون في أن أنغل، التي دعت إلى إلغاء وكالة حماية البيئة وإلى تغيير نظام الضمان الاجتماعي، تخشى من الوقوع في نفس تجربة المقابلات التي وقع فيها راند بول في حملته لمجلس الشيوخ عن ولاية كنتاكي.

فقد تعرض بول، أحد أعضاء حركة «حفل الشاي» البارزين أيضا، إلى انتقادات واسعة على آرائه بشأن الحقوق المدنية بعد ظهوره على قناة «إم إس إن بي سي» الشهر الماضي، وهو ما أدى به إلى إلغاء موعده في برنامج «واجه الصحافة»، الذي يقدم مقابلات تلفزيونية سياسية بمعايير عالمية.

وقال مارك ماسيز، المنتج السابق لمحطات «نيويورك» و«ميامي» و«فينيكس» التلفزيونية، مؤلف كتاب «تغلب على الصحافة»: «لحظة سيئة واحدة يمكن أن تحول الحملة ككل»، مشيرا إلى الانتقادات التي وجهت إلى سارة بالين، بعد لقاء أجرته خلال الحملة الانتخابية الرئاسية في 2008، والتي قد تكون النموذج الأوضح على انحراف وسائل الإعلام، وهي نادرا ما تجري أي لقاءات في الوقت الراهن عدا لقناة «فوكس نيوز» التي تدفع لها لقاء مساهماتها.

ويقول الصحافيون الذين عرفوها لسنوات، إن أنغل، المشرعة المحلية الجمهورية، كانت صديقة للصحافة المحلية على طول الخط لدى الإعلان عن حملتها للترشح لمقعد مجلس الشيوخ، لكن ذلك تغير كليا بعد اختيارها من قبل حركة «حفل الشاي» لخوض المنافسة أمام هاري ريد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ في الانتخابات التي ستجري خريف هذا العام. ونقل عن المتحدث باسمها جيري ستاسي: «إنها غير مهتمة بالحوار مع وسائل الإعلام أو أي شيء آخر».

استراتيجية أنغل، إذا أمكن الزعم أنها استراتيجية، مثال على سياسة الاختيار والانتقاء السائدة في المشهد الإعلامي. ففي أعقاب الفوز المؤهل للترشح على المنصب، أجرت مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» وأجرت مقابلات مع الكثير من مذيعي المحطات الإذاعية من المحافظين، مثل بيل ماندرز من محطة «كي أو إتش»، القناة الإذاعية الحوارية الأكثر سيطرة في رينو. وقال ماندرز: «أجابت على كل سؤال وجّهته إليها»، على الرغم من أنه نصحها بإجراء مزيد من المقابلات.

وتقول إنيتي دامون، المراسلة السياسية في صحيفة «رينو غازيت جورنال»، التي انتقلت مؤخرا إلى صحيفة «لاس فيغاس صن»: «إنها تتحدث إلى قاعدة دعمها الشعبي ممن يدعمون حملتها بالمال». ودعا جاسون باسكو، مدير الأخبار في قناة «كي تي في إن»، التابعة لقناة «سي بي إس» في رينو، هذا التكتيك بأنه «ذو تأثير سلبي على المواطنين الذين يتصل بعضهم بالمحطات ويسأل أسئلة حول وجهات نظر أنغل السياسية»، وأشار إلى أن منابر الإنترنت المتعددة مثل «يوتيوب» و«تويتر» التي سمحت بتحرير الصلات بين المرشحين والناخبين زادت من جرأة حملتها. وقال: «قد يعتقدون أنهم قادرون على الوصول إلى الجمهور الذي يرغبون بصورة مباشرة، بيد أنني أعتقد أن ذلك لا يستهدف الجمهور الذي لم يحسم رأيه بعد».

وقال الجمهوريون إن الصحافيين سيسمعون من أنغل في الوقت المناسب، ما إن تستقر على تشكيل الفريق الذي سيخوض معها السباق الرئاسي. وقال ماسيز: «إذا لم ترد على كل التساؤلات، فقد يكون السبب في ذلك أنها لا تملك الإجابة بعد».

وقد جعلت حملة ريد من صمت أنغل مادة لها، حيث نشرت لجنة الحزب الوطني في الولاية رسما كاريكاتيريا لها يصورها وهي تختبئ في خندق تحت الأرض من فريق تصوير.

وقال ماندرز الذي وضع ملصقا على الاستوديو الإذاعي يحمل عبارة «انتخب أي شخص إلا هاري ريد»، إن ريد هو من يجيد الكر والفر، إذ لم يُجرِ سوى ثلاث مقابلات فقط خلال سبع سنوات، لكنّ مديري المحطات التلفزيونية يخشون من عقد هذه المقارنة، قائلين إن ريد وفريقه عملوا على إظهار أنه لا يجهل شؤون ولايته. وقال باسكو: «قد تجده يراوغ في عدم الإجابة على الأسئلة، لكنك على الأقل تستطيع إجراء مقابلة معه».

ويقول مراسل محطة «كي إل إيه إس»، ناثان باكا، الذي طارد أنغل بعد خروجها من المطعم، إن أحد مساعديها وصفه بالأبله، لكنّ مسؤولي الحملة نفوا ذلك قائلين إن مسؤول الحملة الذي قصده الصحافي لم يكن موجودا في تلك الليلة. ولخص جون رالستون كاتب الرأي السياسي الذي سيجري معها لقاء هذا الأسبوع في برنامج «وجها لوجه»، في أحد البرامج الحوارية، بأن إحدى المشكلات التي تواجهها أن البريد الصوتي للمتحدث باسمها دائما مشغول.

وعندما اتصل المتحدث باسمها أخبر رالستون أنهم كانوا يريدون المذيع الأكثر دراية كي يجري معها اللقاء. وقال رالستون: «قد يكون هذا نوعا من الإطراء، لكنهم قد يكونون تلقوا نصائح بإجراء المقابلة في التاسع والعشرين من يونيو (حزيران) للتخفيف من أي أخطاء، فالانتخابات على بُعد أربعة أشهر».

* خدمة «نيويورك تايمز»