عمر منصور.. رحالة مصري يجوب العالم على دراجة نارية لنشر السلام

قابل جدة أوباما في نيروبي وتحدث معها عن أحلامه ومغامراته

عشق عمر السفر وقد اعتاد منذ الطفولة مشاركة والده في رحلاته («الشرق الأوسط»)
TT

الثقة في الله والصبر على النجاح وبعض التحدي.. تميمة سحرية يتخذها الرحالة المصري الشاب عمر منصور ابن الـ35 ربيعا شعارا لخوض مغامراته في الطواف حول العالم على دراجته النارية حاملا علم بلاده وحالما بنشر رسالة السلام في كل أرجاء الدنيا.

عشق عمر قيادة الدراجات النارية منذ الطفولة وعشق معها السفر فكانت أولى رحلاته إلى محافظات مصر المختلفة لمدة شهرين بالموتوسيكل ومنها إلى فرنسا وإسبانيا وخليج المكسيك، حتى قام أخيرا برحلة بدأت من جنوب أفريقيا وانتهت في مدينة الإسكندرية، فأصبح أول مصري وعربي وأفريقي يعبر القارة الأفريقية بموتوسيكل! وكان يستعد في الأيام الماضية لجولة بالقطب الشمالي تشمل بعض العواصم العربية والأوروبية ولكنه تعرض لحادثة تصادم بسيارة - وهو يقود الموتوسيكل - ليتأجل حلمه قليلا - حتى يتماثل للشفاء.

يقول عمر: «أنا أعمل في مجال السياحة والمحاماة معا، أما عن بدايتي مع الموتوسيكل فكانت في سن العاشرة عندما اشترى لي والدي بعد إلحاحي أول موتوسيكل وكان صغيرا جدا ولا يتعدي 50 سي سي، ولكنى عشقت ركوبه وأخذ عشقه يكبر معي وذات يوم أثناء تجوالي قابلت سائحين يركبون موتوسيكلات ضخمة جدا ويحملون عليها الكثير من الأمتعة وعندما تحدثت معهم اكتشفت أنهم يقومون برحلة حول البحر المتوسط بالموتوسيكلات لنشر السلام في العالم فانبهرت بالفكرة وأصبح حلم حياتي أن أفعل مثلهم يوما.. خاصة أن عملي بالسياحة أتاح لي إتقان العديد من اللغات الأجنبية مثل الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية».

أما عن عشق عمر للسفر عامة فذلك كما قال يرجع لأصوله البدوية حيث ينتمي لقبائل «أولاد علي» الشهيرة، وقد اعتاد منذ الطفولة مشاركة والده في رحلاته فتعلم كيف ينصب الخيمة وكيف يجهز لأي رحلة، في سن صغيرة، بجانب التكيف مع أي ظروف صعبة، كالنوم في العراء وقلة الماء والقدرة على الصيد وهذا ما جعله مهيئا نفسيا لمخاطر وعواقب السفر وتغيرات الطقس من بلد لآخر.

يستطرد عمر: رحلاتي لمحافظات مصر كانت لاكتشاف إمكانية السفر بالموتوسيكل حول العالم، بينما البداية الحقيقية حينما رغبت في السفر لفرنسا بالموتوسيكل، وعندما أخبرت أصدقائي وعائلتي في مصر بذلك وصفوني بالمجنون والخيالي حتى فوجئوا باليوم الذي بدأت به الرحلة بالفعل، وقد استغرقت الرحلة ثلاثة أشهر تعلمت فيها أشياء كثيرة بالنسبة لأول رحلة دولية خارج مصر مثل إجراءات التأمين على الموتوسيكل وكيفية قراءة الخرائط والتعامل مع تقلبات الطقس وأنواع الطرق المختلفة مع جمع أكبر قدر من المعلومات حول البلد المتجه إليها بالإضافة لضرورة حصولي علي الأمصال والتطعيمات واستخراجي جواز سفر منفصل للموتوسيكل.

وأثناء عودتي من فرنسا رغبت في ركوب عبارة من جنوب فرنسا ومنها لتونس ثم ليبيا لأعود إلى مصر ولكن الإخوة في تونس رفضوا أن يعطوني التأشيرة ولا أدري لماذا فتركت الموتوسيكل عند أحد أصدقائي بفرنسا وسبحان الله كان ذلك سببا في عودتي لفرنسا في السنة التي تليها لآخذ الموتوسيكل وأبدأ رحلة جديدة إلى لوكسومبورغ ثم بلجيكا فألمانيا فهولندا ثم عدت إلى مصر بالطائرة.

أما عن رحلته إلى قارة أفريقا التي التقى خلالها جدة الرئيس الأميركي أوباما فيقول، السفر لأفريقيا كان واحدا من أحلام حياتي، فقد جذبتني هذه القارة بحضارتها وطبيعتها الساحرة، وقد كانت هذه الرحلة أطول وأصعب وأمتع رحلة قمت بها حتى الآن ولهذا فأنا أشعر معها أنني كسرت تحديا كبيرا. فقد بدأت من جنوب أفريقيا أولا لتفادي الأمطار الموسمية في وسط أفريقيا والتي كنت سأتعرض لها لو كنت سافرت بالموتوسيكل من مصر ولهذا شحنت الموتوسيكل بالطائرة وسافرت على متنها وبدأت من الجنوب واستمرت الرحلة 6 أشهر طلبت خلالها أن أقابل عائلة الرئيس أوباما ولكن كانت قد غادرت بالفعل إلى نيروبي لاستعدادهم للذهاب لأداء فريضة الحج وقد ساعدني مدير شركة «مصر للطيران» والسفير المصري في نيروبي في الوصول إليهم.

وهناك التقيت «ماما سارة أوباما» وهي شخصية متواضعة جدا وقريبة من الشعب، وأدار الحديث بيننا عمة أوباما التي تجيد الإنجليزية حيث كانت تترجم فيما بيننا لأنها (الجدة) لا تجيد سوى اللغة السواحيلية، في البداية عرفتها بنفسي ولماذا أنا هنا، وسألتها «ماذا تعرفين عن مصر»؟ فأجابت بأنها تعرف الأهرامات و«الرئيس حسني مبارك» وعندما رأتني آكل بيدي اليسرى تعجبت كثيرا لأني مسلم فقلت لها إنني «أشول» فابتسمت. وقد أرادت ماما سارة أن تركب الموتوسيكل خلفي ولكن حالتها الصحية حالت دون ذلك فقامت عمة أوباما بالركوب خلفي وكانت سعيدة جدا وفي النهاية أخبرتني ماما سارة أنها على وشك إقامة جمعية اسمها «الجدات» هدفها القضاء على مرض الملاريا الذي يعد أشهر مرض في أفريقيا وقالت لي إنها لم تعلن الموضوع رسميا بعد وقامت بلصق ملصق الجمعية على الموتوسيكل الخاص بي، أثناء هذه الرحلة أيضا أقيم لي مؤتمر صحافي في نيروبي أعدته «مصر للطيران» بمشاركة السفير المصري ألقيت خلاله خطبة عن أهدافي من السفر حول العالم.

يوضح عمر كيفية نشره للسلام من خلال رحلاته قائلا: أنا مؤمن بأنه على كل فرد أن يقوم بخدمة وطنه بالطريقة التي تناسبه، فوجدت أن من واجبي تبني قضية معينة في كل رحلة أقوم بها وأن أحاول الاعتماد على نفسي كفرد في نشر رسالتي، ففي رحلاتي للغرب كنت حريصا أن أريهم صورة الشخص العربي المتحضر وأن أريهم أن العرب مثقفون، ومولعون بالرياضة وبالتعرف على الثقافات المختلفة.

وفي رحلتي لأفريقيا كان شعاري «وحدة أفريقيا» بهدف تقريب الدول الأفريقية من بعضها وإعطاء صورة للغرب عن أفريقيا بأنها قارة آمنه للسفر والسياحة لأن هناك اعتقادا سائدا أنك إذا كنت من شمال أفريقيا فأنت إرهابي ومتطرف وإذا كنت من الجنوب فأنت همجي قبلي مصاب بالإيدز أو الملاريا وهكذا أردت أن أثبت لهم أنني أقمت في أفريقيا لعدة أشهر وحيدا متنقلا على موتوسيكل وتمت معاملتي بكل تحضر واحترام.

وأخيرا يقول عمر «على الرغم من عدد الدول الكبير التي قمت بزيارتها فإنني حتى هذه اللحظة لم أجد من يدعمني في رحلاتي باستثناء شركة مصر للطيران التي قامت في رحلتي الأخيرة بشحن الموتوسيكل إلى جنوب أفريقيا حيث كانت الراعي الرسمي للمؤتمر الذي أقيم لي هناك، كما أحلم بأن أجد فريقا من محبي السفر بالموتوسيكل لنسافر سويا لأن هذا سيحقق الأهداف بشكل أكبر».