ديل بوسكي: بإمكاننا الفوز باللقب وكتابة صفحة جديدة من التاريخ

الإسبان يشيدون بمنتخب بلادهم ويتطلعون إلى تحقيق حلم المونديال بقيادة فيا

TT

بدأ معظم أفراد الشعب الإسباني أمس يشعرون بالرضا أخيرا عن منتخب بلادهم المشارك في بطولة كأس العالم2010 لكرة القدم بجنوب أفريقيا بعد فوز الفريق (1/0) على جاره المنتخب البرتغالي ضمن منافسات دور الـ16 من البطولة بمدينة كيب تاون.

وظلت الجماهير، ووسائل الإعلام الإسبانية تنتقد المدرب فيسنتي ديل بوسكي ولاعبيه منذ بداية مشوارهم بالبطولة وحتى قبل مباراة البرتغال، في أعقاب هزيمة الفريق في مباراته الافتتاحية بالمونديال أمام سويسرا، ثم فوزه غير المقنع على هندوراس وتشيلي. ولكن ردود الفعل التي أعقبت الفوز على البرتغال جاءت إيجابية بشكل كبير، بل هستيرية في بعض الأماكن.

شاهد أكثر من 15 مليون إسباني المباراة، أغلبهم في الأماكن المفتوحة بمهرجانات كأس العالم في المدن الكبرى. وكما كان متوقعا، سيطر الماتادور الإسباني على المباراة منذ بدايتها بفضل أسلوب لعب الفريق الذي اعتمد على الاستحواذ على الكرة، «تيكي تاكا»، الذي سبق أن قاده إلى لقب بطولة الأمم الأوروبية يورو 2008.

ظل الانتظار القلق هو سيد الموقف حتى سجلت إسبانيا هدفها الحاسم بالمباراة والذي كان أول هدف يدخل مرمى البرتغال الحصين طوال البطولة. وكالعادة، كان ديفيد فيا بطل الفريق الإسباني، حيث تمكن من كسر حاجز الصمت وترجمة سيطرة الفريق إلى تقدم مادي. وعلقت القناة التلفزيونية الخامسة في إسبانيا على الهدف بقولها: «أخيرا، اخترقنا جدران أريحا»، في إشارة إلى صلابة الدفاع البرتغالي مع تفجر مشاعر السعادة والارتياح في أرجاء البلاد.

وفجرت صافرة نهاية المباراة في كيب تاون شعورا شاملا بالبهجة في أنحاء إسبانيا، حيث كانت الجماهير تلوح بالأعلام من شرفات المنازل، وأطلقت السيارات نفيرها.

ومن المتوقع أن تصل نسبة المشاهدة التلفزيونية بين جماهير إسبانيا إلى رقم قياسي يبلغ 20 مليون متفرج، عندما يلتقي فريقهم مع باراغواي في دور الثمانية للبطولة بعد غد، حيث يستعين ديل بوسكي من جديد بفيا لقيادة خط هجومه.

سجل فيا أربعة من أهداف إسبانيا الخمسة بالمونديال حتى الآن حتى أصبح اعتماد الفريق عليه في التسجيل من أبرز النقاط السلبية التي تحدثت عنها وسائل الإعلام في إسبانيا أمس. ومن بين الأسئلة التي طرحتها محطة «كادينا كوبي» الإذاعية هو: «من سيسجل الأهداف إذا أصيب فيا، أو ابتعد عن مستواه؟». وكتبت صحيفة «إل بيريوديكو» الصادرة في برشلونة إن «هناك اعتمادا واضحا على فيا وهذا أمر مثير للقلق».

وأشارت «إل بيريوديكو» وعدد من الصحف الأخرى إلى «الحالة البدنية المزرية» لفيرناندو توريس، زميل فيا الحاضر الغائب، في هجوم إسبانيا. وأشارت محطة «كادينا سير» الإذاعية إلى أن ديل بوسكي يجب أن يدفع بمهاجم أتلتيكو بلباو الشاب فيرناندو لورنتي بدلا من توريس في مباراة بعد غد أمام باراغواي.

شارك لورنتي في مباراة البرتغال بدلا من توريس بعد مرور ساعة تقريبا من وقتها ليمنح الهجوم الإسباني نشاطا وبريقا، على عكس توريس الذي اجتهد كثيرا، ولكنه لم يفلح في التسجيل. ومن الجوانب الأخرى التي انتقدتها وسائل الإعلام الإسبانية أمس، عدم فعالية منتخبها بالقدر الكافي أمام المرمى، فقد أشارت صحيفة «ماركا» التي تصدر في مدريد إلى أن «منتخب إسبانيا احتاج لعشر فرص تهديفية واضحة لكي يسجل هدفا واحدا». بينما جاء رد فعل باقي وسائل الإعلام الإسبانية إيجابيا تماما.

وحصل منتخب إسبانيا الباحث عن لقبه العالمي الأول على دعم الصحافة المحلية المشككة عادة، بعد تأهله إلى ربع النهائي. وعنونت «أل بايس» بعد فوز إسبانيا على البرتغال (1/0) في الدور الثاني: «إسبانيا بدأت تحلم»، في حين قالت «أ.ب.ث» إن: «الحلم يبقى حيا». ونال المهاجم ديفيد فيا، الذي رفع رصيده إلى أربعة أهداف على رأس ترتيب الهدافين واقترب من رقم راؤول غونزاليس كأفضل هداف مع منتخب إسبانيا (42 لفيا مقابل 44 لراؤول)، إشادة أكثرية الصحف بعد تسجيله هدف الفوز.

وعنونت «أل موندو»: «فيا يعيد إحياء حلم إسبانيا» إلى جانب صورة مهاجم برشلونة الجديد في لحظة تسجيل الهدف. وعلقت «أل بايس»: «فيا على غرار القليل من اللاعبين أمام المرمى، هو منجم ذهب، أو حتى أفضل، هو حقل نفط بحد ذاته».

وتحدثت «أ.ب.ث» عن «فيا الماتادور (مصارع الثيران)».

كما اختصت وسائل الإعلام لاعب خط وسط برشلونة تشافي، الذي اختير رجل المباراة (أفضل لاعب في المباراة)، بقدر خاص من الإشادة كما فعلت مع فيا. وكتبت صحيفة «سبورت» الكتالونية أن تشافي هو ملك أسلوب الأداء الإسباني المعروف باسم «تيكي تاكا» وأنه كان يمسك بجميع خيوط مباراة البرتغال. كما أشادت وسائل الإعلام بالمدافعين غيرارد بيكي وسيرخيو راموس، إلى جانب لورنتي. وانتقدت معظم وسائل الإعلام في إسبانيا خطة المدرب البرتغالي كارلوس كيروش في المباراة. وأكدت محطة «راديو ماركا» الإذاعية أن «خطة كيروش بالدفاع في العمق والاعتماد على الهجمات المرتدة انهارت تماما عندما سجل فيا هدف إسبانيا، ولم تكن لديه خطة بديلة». كما لقي النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، لاعب ريال مدريد الإسباني، نصيبه من الانتقادات بسبب سلوكه بعد المباراة، حيث نشرت «آس» صورة للاعب الشهير وهو يبصق على قدم مصور تلفزيوني عقب نهاية اللقاء.

من جانبه، أكد مدرب المنتخب الإسباني لكرة القدم فيسنتي ديل بوسكي أن بإمكان فريقه كتابة صفحة من التاريخ في نهائيات كأس العالم لكرة القدم المقامة حاليا بجنوب أفريقيا. وقال ديل بوسكي عقب تأهل منتخب بلاده إلى الدور ربع النهائي على حساب البرتغال: «سنرى إذا ما سنكون محظوظين، لكن بإمكاننا كتابة صفحة من التاريخ». وأضاف: «كنا نشعر بارتياح في هذه المباراة، كنا حذرين بخصوص التحركات الدفاعية. إذا واصلنا اللعب بالطريقة التي لعبنا بها فسيكون من الصعب الفوز علينا، لكن يجب توخي الحذر». وتابع: «كنا نعرف أننا في أفضل حالاتنا وأننا عملنا بطريقة جيدة في التدريبات». أما ديفيد فيا، مسجل هدف الفوز وشريك الأرجنتيني غونزالو هيغواين والسلوفاكي روبرت فيتيك، في صدارة لائحة الهدافين برصيد 4 أهداف، فقال: «انا سعيد جدا، كنا في مواجهة منافس كبير ومعقد ولا يخرج إلى الهجوم إلا نادرا». وأضاف: «نستحق الفوز والتأهل. بفضل الصبر والحظ، نجحت في تسجيل هدف». وختم: «الباراغواي سيكون منتخبا أصعب بكثير من البرتغال، لأنهم الآن في ربع النهائي».

كما أكد نجم خط وسط المنتخب الإسباني، تشافي هيرنانديز، أن فريق بلاده، قدم أمام البرتغال المباراة الأفضل له حتى الآن في مونديال جنوب أفريقيا. وقال تشافي عقب اللقاء الذي اختير أفضل لاعب فيه: «لقد استمتعنا، ولا سيما في الشوط الثاني».

وأضاف: «ربما كانت (مباراة البرتغال) مباراتنا الأفضل منذ بداية المونديال». وأكد لاعب وسط برشلونة أن إسبانيا «قدمت عملا رائعا على المستوى الجماعي». وأوضح: «حاولنا أن نكون أنفسنا، وألا نخسر طريقة اللعب التي نشعر بالراحة خلالها والتي طبقناها كل تلك الأعوام.. لقد رأيت إسبانيا رائعة في الشوط الثاني».

بدوره، أكد المدافع غيرارد بيكيه أن المباراة «لم تكن سهلة على الإطلاق». وأوضح: «لعبنا أمام واحد من أفضل منتخبات هذا المونديال.. لكننا كنا مترابطين جدا في الدفاع، وعندما نكون كذلك نتمكن من صنع الكثير من الفرص في الهجوم».

أما مدرب البرتغال كارلوس كيروش فقال: «استحوذ الإسبان على الكرة وبهذا الأسلوب لم نكن نملك أي فرصة لتحقيق الفوز. نجحت إسبانيا في ترجمة سيطرتها واستحواذها على الكرة بالفوز». وأضاف: «للأسف، أهدرنا بعض الفرص في وقت كانت فيه الفرص متساوية بين المنتخبين. حاولنا التسجيل والفوز وأظهرنا جودة دفاعية كبيرة أيضا. يجب أن نحيي جميع اللاعبين البرتغاليين».

وبخصوص تغيير هوغو الميدا في الشوط الثاني قال كيروش: «كان ذلك منتظرا من خلال خطة اللعب: دفعنا به لإزعاج الدفاع الإسباني قبل أن ندفع بالأسلحة الهجومية السريعة»، مشيرا إلى أن «الحكم اتخذ قرارات لم تكن في صالحنا، ولولا ذلك لتمكنا من تطوير خطتنا الهجومية أكثر».