وفاة أبو داود.. أحد مؤسسي «أيلول الأسود» في دمشق عن عمر يناهز 73 عاما

من القدس إلى ميونيخ وتاريخ حافل

TT

عن عمر يناهز 73 عاما، توفي في العاصمة السورية دمشق أمس محمد داود عودة المعروف باسم أبو داود أحد كبار قيادات حركة فتح، الذي اتهمته إسرائيل بالوقوف وراء عملية ميونيخ التي احتجز فيها فدائيون فلسطينيون 11 رياضيا إسرائيليا خلال دورة الألعاب الأولمبية في ألمانيا عام 1972. وقتل في العملية خمسة من الفدائيين وشرطي ألماني وجميع الرياضيين الإسرائيليين؛ اثنان منهم على أيدي الفدائيين، والباقي برصاص القوات الخاصة الإسرائيلية التي جاءت لتحريرهم من الحجز والشرطة الألمانية أثناء تبادل لإطلاق النار في مطار ألماني.

وقال علي بدوان أحد الشخصيات الوطنية الفلسطينية في دمشق، إن أبو داود الذي كان يعاني من فشل كلوي وارتفاع في ضغط الدم والسكري، توفي أمس في مستشفى الأندلس في دمشق وووري جثمانه الثرى في مقبرة الشهداء القديمة في مخيم اليرموك على مقربة من قبر خليل الوزير نائب قائد الثورة الفلسطينية الذي اغتالته إسرائيل في تونس عام 1988.

وأضاف بدوان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن جميع الفصائل والقوى الفلسطينية بما فيها حركتا حماس والجهاد الإسلامي، شاركت في تشييع جثمان أبو داود. ولد أبو داود، في بلدة سلوان قرب القدس عام 1937 وعاش فيها إلى أن احتلتها إسرائيل عام 1967. عمل مدرسا للفيزياء والرياضيات في إحدى مدارس مدينة أريحا بالضفة الغربية، قبل أن ينتقل للعمل في الكويت.

كان عضوا في المجلس الثوري لحركة فتح حتى المؤتمر السادس الذي انعقد في بيت لحم العام الماضي، وعضوا في المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية.

شارك صلاح خلف (أبو إياد) وأبو محمد العمري وعلي حسن سلامة (أبو حسن سلامة) وآخرين غيرهم، في تأسيس منظمة «أيلول الأسود» التي شكلت بعد أحداث أيلول في الأردن عام 1970. تولى أبو داود قيادة الميليشيات الفلسطينية في الأردن التي كانت تضم أربعة عشر ألف مسلح، وشارك في أحداث أيلول. واعتقل في الأردن التي عاد إليها لاحقا، بهدف السيطرة على مجلس الوزراء الأردني والسفارة الأميركية في عمان بهدف الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين في سجون الأردن، إلا أن العملية كُشفت، وحُكم على أبو داود ومرافقيه بالإعدام. وخفف الحكم وأُفرج عنه بعد عدة أشهر بعد زيارة قام بها العاهل الأردني الراحل الملك حسين إليه في سجنه. انتقل أبو داود بعد ذلك إلى بيروت، وعُيِّن قائدا عسكريا لمنطقة بيروت الغربية وخاض حرب عامي 1975 و1976 في لبنان.

اختلف أبو داود مع ياسر عرفات عام 1978، لأسباب سياسية. وتعرض لمحاولة اغتيال في العاصمة البولندية عام 1981، حيث أُصيب بسبع رصاصات في أماكن مختلفة من جسده، إلا أن هذه الرصاصات لم تمنعه من الركض وراء الشخص الذي حاول اغتياله في ردهات الفندق. حتى إن كثيرا من الحضور كانوا ينظرون إلى المشهد وكأنه فيلم سينمائي، وظل أبو داود ينزف طيلة ساعتين حتى وصلته سيارة الإسعاف.

وقال أبو داود في مقابلة صحافية أجرتها معه الـ«أسوشييتد برس» عام 2006: «كان الجاني عميلا مزدوجا فلسطينيا جنده جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية (الموساد) الذي كان يطارد المسؤولين عن عملية ميونيخ. واعتقل بعد عشر سنوات وحوكم من قبل منظمة التحرير ونفذ فيه حكم الإعدام». وقال أبو داود في تلك المقابلة مخاطبا الإسرائيليين: «اليوم لم أعد أتمكن من مقارعتكم، ولكن حفيدي سيتمكن من ذلك وكذلك سيفعل أحفاده من بعده».

لعب دور الوسيط في الخلاف داخل حركة فتح بين العقيد أبو موسى وياسر عرفات عام 1983، الذي انتهى بخروج عرفات من طرابلس عام 84.

عاد إلى فلسطين بعد اتفاق أوسلو 1993. وظل يتنقل بين الضفة الغربية والأردن وسورية حتى عام 1999 عندما نشر كتابه «فلسطين من القدس إلى ميونيخ» الذي يتحدث فيه للصحافي الفرنسي جيل دو جونشية عن رحلته من مسقط رأسه في سلوان إلى تخطيطه لعملية ميونيخ، واعترافه بمسؤوليته المباشرة عن العملية. بعدها لم تسمح له إسرائيل بالعودة إلى الأراضي الفلسطينية وظل يعيش في سورية إلى أن وافته المنية أمس.