الإسرائيليون المشاركون في لقاء الرباط يرون أن حل الدولتين هو المناسب والناجع

نائب سابق لعمدة القدس: لا حل بالقوة والمواجهة.. والتعايش بين المجموعتين لا مفر منه

TT

أجمع مشاركون إسرائيليون في اليوم الثاني من اجتماع «اللجنة الدولية المعنية بالحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف» المنعقد في الرباط تحت رعاية الأمم المتحدة أن حل الدولتين هو الحل الأنسب لكلا الطرفين فيما يخص النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وأكدوا أن القدس هي أكثر القضايا أهمية وحساسية في هذا النزاع.

وقال موشي ماعوز، أستاذ الدراسات الإسلامية ودراسات الشرق الأوسط بالجامعة العبرية في القدس، إن تقسيم المدينة المقدسية في مصلحة إسرائيل حتى لا تتورط في حرب دينية مع العالم العربي والإسلامي وتجد نفسها معزولة عن المجتمع الدولي. وأضاف أنه من المسؤوليات الكبرى للمجتمع الدولي والأمم المتحدة حمل إسرائيل وجمهورها على أن تجعل من القدس عاصمة سلام العرب الفلسطينيين واليهود الإسرائيليين على حد سواء. واعتبر أن عددا متزايدا من اليهود الإسرائيليين الذين يشكلون أغلبية الآن أصبحوا يعتبرون مدينة القدس «الموحدة» عاصمة للدولة اليهودية والشعب اليهودي، وهم بذلك ينكرون التطلعات الوطنية والسياسية والثقافية للعرب والمسلمين. وقال إنه على النقيض من ذلك اتخذ عدد أقل من الإسرائيليين موقفا إيجابيا وسلميا، حيث يعتبرون القدس ملكا للجميع، وفسيفساء من جميع الثقافات والأديان وعاصمة السلام.

واعتبر ماعوز أن نتنياهو وحكومته باستبعادهما القدس الشرقية يكونان قد فوتا فرصة فريدة لتحقيق تقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين من أجل التوصل إلى تسوية سلمية دائمة، وهو بذلك لا يخيب فقط آمال «معسكر السلام» في إسرائيل وأوساط اليهود في الولايات المتحدة وفي أوروبا، بل إنه يتسبب كذلك في نفور معظم بلدان العالم بما فيها أميركا. وقال إن حكومة نتنياهو والحكومات الإسرائيلية السابقة ألحقت ضررا كبيرا بعلاقات إسرائيل مع البلدان العربية والإسلامية بسبب إجراءاتها المضادة للفلسطينيين في القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة، مثل مصادرة الأراضي الفلسطينية وبناء المستوطنات اليهودية عليها وتهويد القدس الشرقية والتنقيب عن الآثار قرب الحرم الشريف واستفزاز انتفاضة الأقصى، فضلا عن مهاجمة السفينة التركية «مرمرة». وقال إن ردود الفعل القاسية التي أبدتها الحكومات العربية والإسلامية تجاه هذه الإجراءات تأثرت أيضا بالضغوط المتزايدة للجماعات الإسلامية الناشطة وبالحاجة لإرضائها حتى لا تزعزع حكومات بلدانها. وقال إن احتلال إسرائيل للقدس الشرقية أدى إلى تنامي مشاعر العداء والكراهية تجاه إسرائيل، ودعوة الجماعات الإسلامية في عدة دول إلى الجهاد من أجل تحرير القدس وتدمير إسرائيل، وزاد «لقد قتلت هذه المنظمات الكثير من اليهود من غير المقاتلين سواء الإسرائيليين أو غيرهم، وللأسف فإن بعض الحكومات العربية والإسلامية ليست مستعدة لمحاربة تصرفات هذه التنظيمات الإرهابية».

واعتبر ماعوز أن من حق الحكومات الإسرائيلية حماية سكانها المدنيين ضد الهجمات الإرهابية التي يشنها الإسلاميون الناشطون، لكن هذه الحكومات لم تدرك أن الاحتلال المتواصل للأراضي الفلسطينية لا سيما القدس الشرقية أسهم كثيرا في العنف وتنامي الكره العربي والإسلامي تجاه إسرائيل. وزاد «الحقيقة أن حكومات إسرائيل لم تعتمد إلا نادرا مبادرات السلام المتعلقة بالمشكلة الفلسطينية ومشكلة القدس، كما أنها لم تقبل أو تنفذ تنفيذا كاملا مبادرات السلام الأخرى أو غيرها من الخطط».

من جانبه، انتقد شلومو مولا، عضو الكنيست من حزب كديما، حكومة نتنياهو، وقال «لم ننضم لحكومة نتنياهو بسبب عملية السلم». وأضاف أن تسيبي ليفني وآرييل شارون رئيس الوزراء الأسبق أرادا منح الحرية للفلسطينيين. وقال شلومو إن ليفني لم تجد أجوبة عندما سألت نتنياهو عن عملية السلام واللاجئين. وزاد «عندما سألت ليفني نتنياهو إن كان سينطلق من النقطة التي توقفت هي فيها لم يقدم ردا». وقال شلومو إن معظم الإسرائيليين يؤيدون حل الدولتين، واعتبر أنه من غير الصحيح القول إن الإسرائيليين لا يرغبون في السلم. وزاد في هذا السياق «لو كان لنا قادة أقوياء لحققنا السلم». وقال أيضا إن مستقبل المفاوضات حول القدس معقد جدا باعتبارها الموضوع الأكثر حساسية في منطقة الشرق الأوسط. وأضاف أن مسألة القدس ليست فقط مسألة حماية المقدسات الدينية والأماكن المقدسة، بل أيضا حماية الشعب الذي يعيش عليها. وزاد قائلا «أؤمن بالسلم بيننا وبين جيراننا، وبحل الدولتين، وبإمكانية إنشاء عالم أفضل من دون خوف دماء وجوع. لنترك العداء جانبا، ولنطمح إلى قدس للجميع». وخلص شلومو إلى أن المجتمع الدولي يطالب إسرائيل بمواصلة السلم، وبالتالي فلا خيار لها سوى إبرام السلم مع جيرانها. وأضاف «أعلم أن الإسرائيليين يقلقون عندما تقدم إيران مساعدات لغزة، ويقلقون أكثر بسبب البرنامج النووي الإيراني».

وشاطر أحمد قريع، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الإسرائيليين القول إن القدس هي أكبر مشكلة في النزاع. وأضاف أن تقسيم القدس الشرقية غير مقبول أبدا. وزاد «عندما نسمع مفهوم القدس الموحدة فهذا يعني أنها ستكون تحت السيادة الإسرائيلية». وقال قريع إن إسرائيل تتعامل بمنطق «ما لي لي.. وما لكم لي ولكم». وأضاف أن الإسرائيليين يقرون بأن القدس الشرقية فلسطينية الآن على أساس أن يحتلوها في المستقبل. واعتبر أن تقسيم القدس إلى عاصمتين هو الحل الأمثل للمشكلة. واعتبر قريع أن إسرائيل تتعامل بمنطق القوة وليس العقل. وأضاف أن المستوطنات إحدى «علل» مشكلة القدس، وأحد التعقيدات التي أضيفت إلى التعقيدات الموجودة أصلا.

من جانبه، أوضح ميرون بنفينيسني، النائب السابق لعمدة القدس، أنه على الرغم من الفوارق الضخمة في علاقات السلطة بين العرب واليهود، والجهود الضخمة التي بذلتها الحكومات الإسرائيلية لكسب الصراع من أجل القدس، فقد انتهى الوضع إلى حالة من الركود. وأضاف «على الطرفين أن يدركا أنه لا يمكن التوصل إلى حل قائم على القوة أو الإكراه أو المواجهة». وقال إن التعايش بين المجموعتين قدر لا مفر منه، وينبغي لهذا التعايش أن يرتكز على المساواة بين الجماعتين والمبادئ الأخلاقية والكرامة الإنسانية والحرية، وإلا فلن يكتب له البقاء. وأضاف بنفينيسني «من سخرية الأقدار أن الجهد الجبار المبذول لتعزيز السيطرة الإسرائيلية على القدس الشرقية لم يحقق الهدف المتوخى منه» حيث لا يزال هناك فارق كبير بين أعداد الفلسطينيين والإسرائيليين، ولن يتساوى عدد السكان من الجانبين إلا في عام 2030. وتابع بنفينيسني أن سكان القدس من الفلسطينيين يعيشون في ظروف قاسية، وهذا ما يفسر أنه عندما يقوم النقاش حول فصل الأحياء العربية المحيطة بالمدينة وتحويلها إلى السلطة الوطنية الفلسطينية فإن هؤلاء السكان يؤيدون استمرار إلحاقهم بإسرائيل.

وانتقد سيدنا عمر سي وزير خارجية السنغال السابق الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، وقال إن «إسرائيل تغتصب وتقتل وتزور لكن الفلسطينيين يتحملون المسؤولية فيما آلت إليه الأوضاع في المنطقة بسبب خلافاتهم الداخلية التي تستفيد منها إسرائيل». وزاد أن «انقسامات الفلسطينيين في صالح إسرائيل، وأشيد بفتح ومنظمة التحرير الفلسطينية». وأضاف أن حماس صارت أكثر تشددا منذ فوزها في انتخابات 2006، وعليها التوقف عن إطلاق الصواريخ لأنه من غير المقبول الاعتقاد بأنه يمكن القضاء على إسرائيل.