خروج الكبار.. عدالة وإذلال!

هيا الغامدي

TT

كل شيء في كرة القدم جائز ومنتظر، وما على «المستديرة» من حرج إذا تناوبت مع الأيام، وسايرت تقلبات الزمن! بالأمس القريب راهنا على إيطاليا حامل اللقب، فخرجت تجر أذيال الخيبة بموكب جنائزي حزين أغرق العالم أجمع في نوبة بكاء صامت، المفاجأة إذا حصلت مع كبير ومن الدور الأول، «قمة في الانكسار» والتعب، وفي النهاية هي أمر متوقع، خاصة وأنت تشاهد فريقا «يتهجأ» الحلول الإدراكية على أقدام المستحيل! عجيب أمر هذا المونديال، فبعدما ابتسمت النتائج للكرة اللاتينية! فجأة نصدم بخروج البرازيل، فتراءت لي الكرة كحفنة قش تذهب بها الريح في كل الأرجاء في يوم عاصف تبادلت فيه الطواحين مع نوائب الدهر سحق السامبا لتأكيد الحجز لريو دي جانيرو وما حولها، تشفى أنصار «التانغو» بمصيبة أبناء العمومة، فلحق بهم عار التنحي عن جادة الطريق، يا لصروف الأيام في لحظة أصبح الداهية العملاق الأسطورة مجرد «مهووس».. مهرج وبهلوان! مارادونا الذي كان حتى ما قبل لقاء الماكينات معجزة السماء للكرة الأرجنتينية، في لحظة تداعى الحلم، وأصبح ميسي صورة مظلمة لبطل محروق!!

يا لحسن حظ الشامتين، ويا لسوء حيل الكبار في الحفاظ على توازنهم، والمشكلة أن السقوط لا يأتي فرادى، بل جرعات كبيرة كالتي حقن بها الألمان أوردة الأرجنتين، فأصبحوا بعيدين عن مستواهم وألقهم المعروف. يا إلهي.. ألهذا الحد أصبحت مواطن المحبة والوقار تقاس بكم الأهداف الموضوعة في شباك الآخر؟!؟ وهل نصيب الخاسر أن يبقى «مَرْمَطُون» الألسن والعقول؟! ألهذا الحد تنزلق العقول وتهوي الأفئدة؟

والأجمل أن سطوة الكرة لا تزال هي الحاكم بأمره على ضيق مساحات السياسة، فالكرة نجحت في «ترويض» السياسة، والرياضة ترويض للعقول قبل الأبدان، لكنني أعرف أناسا لا ينظرون لكرة القدم إلا من فوق برج عاجي يحكمه غرور المنصب وعقد النفس.. لا أكثر!! أستغرب على مارادونا كيف عجزت حيله عن خلق البدائل والحلول! وأدرك تماما كم هو قاس مر وقمة في الإذلال خروج منتخب كبير من على حلبة السباق، فالسامبا التي اعتدناها تتقدم الجياد وتسقط الأضداد برأس مرفوعة، سقطت صريعة جريحة وفاقدة للاحترام.

تُرى، ما الذي فعله دونغا في هذه المهرة المجروحة بكبرياء تاريخها الحافل بالإنجازات لتخرج من هذا الدور البدائي؟! أتساءل أيضا: هل سيتعلم مارادونا من درس الألمان غالي الأثمان؛ كرة جماعية شاملة تنظيما وانضباطا تكتيكيا عاليا ورؤية محيطية مركزة؟ ومع ذلك، فلا تزال للمونديال هيبة ووقار في ظل تفشي ميزة اللعب الانفرادي المهاري الذي ولى عهده وراح، الكبار ودعوا المونديال.. تساقطوا كورق التوت. ومع ذلك، سيبقى للمتعة مكان في وجود عمالقة الكرة الأوروبية.. يا ربااااااه!

[email protected]