إيران تتهم بريطانيا وألمانيا والإمارات والكويت برفض تزويد طائراتها بالوقود

الخارجية البريطانية ومسؤولون في مطارات دبي لـ«الشرق الأوسط»: غير صحيح

طائرة تابعة للخطوط الإيرانية في مطار اورلي في باريس يوم 18 مايو الماضي (أ.ف.ب)
TT

نفت بريطانيا والإمارات اتهامات إيران لهما ولألمانيا برفض تزويد طائرات الركاب الإيرانية بالوقود بعد العقوبات التي فرضتها أميركا على إيران الأسبوع الماضي. وقال مسؤولون بريطانيون وإماراتيون إن الطائرات المدنية الإيرانية تقلع من مطارات البلدين كالمعتاد ودون مشكلات وإنه لا علم لهما بحالات رفض فيها تزويد الطائرات الإيرانية بالوقود الذي تحتاجه.

وجاء نفي البلدين بعد إعلان إيران أن مطارات بريطانيا وألمانيا ودولة الإمارات رفضت تزويد طائرات الركاب الإيرانية بالوقود بعد عقوبات واشنطن الأخيرة، ووصفت إيران الخطوة المزعومة للندن وبرلين وأبوظبي بـ«اللا إنسانية» وتتناقض مع القوانين الدولية، مهددة بأنها سترفع شكوى إلى منظمة الطيران المدني والأمم المتحدة. فيما قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في لهجة تحذيرية: «هذه العقوبات اللا إنسانية لن يكون لها أي تأثير على الأمة الإيرانية.. إننا نعدكم بأنهم (الغربيين) سيقولون بعد سنة إنهم قد أخطأوا».

ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية عن مهدي علياري المسؤول برابطة شركات الطيران الإيرانية قوله أمس «منذ الأسبوع الماضي تمنع طائراتنا من التزود بالوقود في مطارات بريطانيا وألمانيا ودولة الإمارات العربية المتحدة بسبب العقوبات التي فرضها الأميركيون.. إن رفض هذه الدول تزويد طائرات الركاب الإيرانية بالوقود انتهاك للمواثيق الدولية». وأضاف المسؤول الإيراني أن هذا القرار دخل حيز التطبيق الخميس الماضي عملا «بقرار الكونغرس الأميركي الذي يفرض عقوبات على بيع محروقات لإيران». وتابع أن «شركتي إيران اير (الوطنية) ومهان (الخاصة) اللتين تقومان برحلات عديدة إلى أوروبا واجهتا مشكلات». ودعا علياري منظمة الطيران المدني الدولية إلى التدخل واعتبار «تطبيق هذه العقوبات غير شرعي». وقال إن على «وزارة الخارجية والمنظمة الوطنية للطيران المدني ووزارة النقل.. التحرك ضد هذا القرار الأميركي غير الشرعي».

وفيما لم يذكر المسؤول الإيراني أي حالات محددة لمنع الطائرات الإيرانية من التزود بالوقود الذي تحتاجه، قال متحدث باسم الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس لدى لندن أي معلومات حول مشكلات تعرضت لها الطائرات الإيرانية أو إلغاء رحلات طيران إيرانية بسبب الوقود، موضحا أن آخر طائرة إيرانية كانت في مطار هيثرو أقلعت كالمعتاد دون مشكلات ليلة أمس. وتابع: «في الوقت الحالي ليس لدى الحكومة البريطانية أي معرفة بحالات رفض فيها تزويد الطائرات الإيرانية بالوقود الذي تحتاجه في بريطانيا».

من جهتها، أوردت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أن مطار الكويت اتخذ التدبير نفسه.

وأضاف علي ياري الأمين العام لرابطة شركات النقل الجوي الإيرانية، أن هذا القرار دخل حيز التطبيق الخميس الماضي عملا «بقرار الكونغرس الأميركي الذي يفرض عقوبات على بيع محروقات لإيران». وتابع أن «شركتي إيران إير (الوطنية) ومهان (الخاصة) اللتين تقومان برحلات متعددة إلى أوروبا واجهتا مشكلات».

ودعا مهدي علي ياري منظمة الطيران المدني الدولية إلى التدخل واعتبار «تطبيق هذه العقوبات غير شرعي».

ومن غير الواضح ما إذا كانت الاتهامات الإيرانية قائمة على مخاوف من احتمالات أن تتجه شركات طيران نحو رفض تزويدها بالوقود خلال الأيام المقبلة، أم أن هناك بالفعل شركات طيران خاصة معينة اتخذت خطوات داخلية بناء على حزمة العقوبات الأميركية الأخيرة لحماية ظهرها من العقوبات الأميركية. وفيما ما زال الاتحاد الأوروبي يبحث عقوبات إضافية ضد إيران لتنفيذ عقوبات مجلس الأمن الأخيرة وربما توسيعها إلى حد ما، فإن العقوبات الأوروبية لا تستهدف قطاع الوقود ولا تتجه إلى مجالات لم تكن واردة في قرار عقوبات مجلس الأمن، وهو ما يميز الموقف الأوروبي عن الموقف الأميركي من العقوبات. ففيما ينص قرار عقوبات مجلس الأمن على تعزيز العقوبات على البرنامج النووي الإيراني والحرس الثوري، تشمل العقوبات الأميركية إمدادات الوقود لإيران.

ويعاني أسطول الطيران المدني الإيراني من القدم لأن شركة «اران» الإيرانية لا يمكنها شراء طائرات غربية بسبب العقوبات الأميركية، إلا أن شركات خاصة لا سيما «مهان» تمكنت خلال السنوات الماضية من اقتناء طائرات مستعملة من طراز «ايرباص» و«بوينغ» لخطوطها الداخلية والدولية.

من ناحيتها، أكدت مصادر إماراتية متطابقة في قطاع الطيران والطاقة أمس أنها لا تملك أي معلومات عن الاتهامات الإيرانية. وأكد مصدر مطلع في الهيئة العامة للطيران المدني في الإمارات عدم امتلاك أي معلومات عن الموضوع، موضحا أنه في حال صدور مثل هذا التعميم من الجهات المسؤولة لا بد أن يمر عبر الهيئة، فيما نفى مصدر مسؤول في مطارات دبي الأنباء عن إيقاف خدمة تزويد الطائرات الإيرانية بالوقود. وقال مصدر مطلع في الهيئة العامة لطيران المدني في الإمارات إن الهيئة ليس لديها أي معلومات عن هذا الموضوع، موضحا: «نحن نبحث عن مصدر هذه المعلومات». وأفاد المصدر الذي طلب عد ذكر اسمه أنه «لا يمكن أن تصدر أي جهة أي تعميم رسمي للمطارات إلا ويمر عن طريق الهيئة العامة للطيران المدني». وفيما إذا كانت الهيئة العامة للطيران المدني في الإمارات قد تلقت أي اتصال من جهات إيرانية للاستفسار عن القرار، قالت ذات المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن «الهيئة لم تتلق أي اتصال من جهات رسمية إيرانية. وفي حال اتصلوا بنا سنطلب منهم مخاطبة وزارة الخارجية لأن الأمر أكثر من كونه موضوعا تقنيا ومسالة تزود بالوقود». من جهته نفى مصدر مسؤول في مطارات دبي الأنباء عن إيقاف خدمة تزويد الطائرات الإيرانية بالوقود، مؤكدا «أن الطائرات الإيرانية التي تسير رحلاتها من وإلى دبي عبر مطار دبي الدولي ما زالت تحظى بخدمة تزويد الوقود».

وتقوم عدة شركات محلية وعالمية بتزويد الطائرات التي تحط في مطارات الإمارات بالوقود منها شركة «شل» الأميركية و«بيرتش بترليوم» البريطانية و«اينوك» و«ايبكو» الإماراتيتين.

وأوضحت شركة «اينوك» لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا نزود الطائرات الإيرانية بالوقود من الأساس..هناك شركات تقوم بتزويدها بالوقود». ولفت مصدر بالشركة إلى أنه لم يسمع عن هذا المنع إلا عبر وسائل الإعلام اليوم (أمس)، مع أن التقارير الإعلامية الإيرانية تقول إن طائراتها ممنوعة من التزود من الوقود منذ أسبوع. كما نفت الحكومة الألمانية الادعاءات الإيرانية. وقال متحدث باسم وزارة النقل الألمانية إن قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالعقوبات ضد طهران، ولائحة الحظر الأوروبية لا تنص على حظر تزويد الطائرات الإيرانية بالوقود. ونفى المسؤول الألماني إمكانية تطبيق إجراءات حظر من هذا النوع مستقبلا.

وكان محمود أحمدي نجاد قد قال في خطاب تلفزيوني أمس حول مسألة منع الوقود إن هذه «العقوبات اللا إنسانية لن يكون لها أي تأثير على الأمة الإيرانية.. إننا نعدكم بأنهم (الغربيون) سيقولون بعد سنة إنهم قد أخطأوا». كما أوضح أحمدي نجاد أن الغربيين والولايات المتحدة يحاولون إنقاذ أنفسهم من الطريق المسدود الذي وضعوا أنفسهم فيه وذلك من خلال فرض العقوبات علي إيران. وأضاف أمام تجمع في مدينة بناب التابعة لمحافظة اذربيجان الشرقية شمال غربي إيران أن سياسة فرض العقوبات علي إيران لن تؤدي أبدا إلى ثني إرادة الشعب الإيراني. فيما نقلت الصحف الإيرانية عن كاظم جلالي الناطق باسم لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الإيراني أن «رفض تزويد الطائرات المدنية بالكيروزين عمل عديم الإنسانية ومخالف للقوانين الدولية». وأضاف أن إيران تحتفظ لنفسها بالحق في «رفع شكوى أمام الأمم المتحدة ومنظمة الطيران المدني الدولية». من ناحيته قال عضو في البرلمان الإيراني إن إيران ستتخذ خطوات انتقامية. ونسبت الوكالة إلى حشمت الله فلاحت بيشه قوله: «إيران ستفعل الشيء ذاته مع السفن والطائرات التابعة لتلك الدول التي تسبب لنا المشكلات». ويأتي ذلك فيما أكد قائد سلاح البحرية في الجيش الإيراني أن سلاح البحرية «يراقب التحركات البحرية للأجانب في الخليج الفارسي وبحر عمان من خلال إطلاق وحدات الدورية».

وقد لا تؤثر العقوبات الأميركية الأخيرة على القدرات النووية الإيرانية، إلا أنها ربما تدفع إيران إلى التعنت أكثر فيما يتعلق ببدء حوار جدي مع دول 5+1 حول صفقة الوقود النووي، غير أن العقوبات على إمدادات الوقود ستكون مؤثرة جدا من الناحية الاقتصادية، فعلى الرغم من أن إيران خامس أكبر منتج للنفط في العالم، فإنه لا توجد لديها قدرات كافية على تكرير النفط مما يجعلها ضعيفة أمام العقوبات المتعلقة بالنفط. وقد هدد أحمدي نجاد بوقف الحوار مع الغرب حتى نهاية أغسطس (آب) المقبل ردا على العقوبات الأميركية أحادية الجانب، وفي هذا الصدد قال متحدث باسم الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» إن مكتب كاثرين اشتون مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي أرسل للإيرانيين عدة رسائل تتضمن ضرورة الجلوس على مائدة الحوار في اقرب فرصة ممكنة، إلا أنه ليس هناك رد رسمي من إيران بعد.

وأصدر مجلس الأمن في التاسع من يونيو (حزيران) القرار رقم 1929 الذي فرض سلسلة رابعة جديدة من العقوبات على إيران بهدف دفع طهران إلى وقف أنشطة تخصيب اليورانيوم. ونصت تلك العقوبات على إجراء عمليات تفتيش في عرض البحار على السفن التي يعتقد أنها تحمل مواد محظورة إلى إيران، كما أضافت أربعين مؤسسة إيرانية إلى قائمة الأشخاص والمجموعات الخاضعين لقيود السفر، كما اشتملت على عقوبات مالية. فيما وقع الرئيس الأميركي باراك أوباما الخميس الماضي سلسلة جديدة من العقوبات صادق عليها الكونغرس وتعتبر من أقسى العقوبات التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد إيران. وتهدف العقوبات إلى عرقلة تزويد إيران بالبنزين والكيروزين ومنتوجات مكررة أخرى من الطاقة.

وتحسبا للعقوبات على الوقود، أعلن قائد منظمة النقل والطاقة في إيران محمد رويانيان أن طهران ستتوقف عن بيع البنزين المدعوم اعتبارا من أكتوبر (تشرين الأول)، بحسب ما أوردته وكالة شانا التابعة لوزارة النفط. وقال رويانيان: «اعتبارا من الجزء الثاني من السنة الإيرانية (التي تبدأ في 23 سبتمبر/أيلول)، سيلغى تقنين الوقود». ويباع الوقود حاليا في إيران بسعرين مختلفين: الأول، مدعوم ومقنن، بقيمة 1000 ريال (دولار واحد). ويحق لكل سائق حصة واحدة شهريا من 60 لترا. أما الثاني فيباع بشكل حر بسعر 4000 ريال (4 دولارات)، وأعلن رويانيان أن الوقود سيباع بسعر موحد من دون تحديد السعر الجديد. لكن استنادا للأرقام المنشورة في الصحافة، يتوقع أن يتخطى سعر بيع الوقود 4000 ريال. وتوقع خبراء اقتصاديون أن يكون من أثر هذه الخطوة زيادة التضخم.