بايدن يسعى لكسر الحلقة المفرغة.. والحكيم بعد لقائه: لن نكون طرفا في حكومة غير ناجحة

قيادي في تحالف المالكي لـ«الشرق الأوسط»: رغبة أميركا في التحالف مع علاوي لا تختلف عن رغبة الشارع العراقي

الرئيس العراقي جلال طالباني لدى لقائه بنائب الرئيس الأميركي جو بايدن في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

قال علي الدباغ، القيادي في ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، إن الإدارة الأميركية ليس لديها طروحات محددة حيال تشكيل الحكومة المقبلة في البلاد، وأضاف أن واشنطن تعتبر «الأكثر قلقا» على العراق، لكنها في الوقت ذاته الأقل تدخلا في شؤونه. وجاء ذلك بينما استمرت أمس المحادثات التي يجريها نائب الرئيس الأميركي جو بايدن في بغداد مع كبار المسؤولين والساسة العراقيين حيث التقى الرئيس العراقي جلال طالباني، وعمار الحكيم، زعيم المجلس الأعلى الإسلامي العراقي.

وواصل بايدن اجتماعاته أمس مع القادة العراقيين لحضهم على الإسراع بتشكيل الحكومة الجديدة. وحضر لقاء بايدن والحكيم السفير الأميركي كريستوفر هيل وقائد القوات الأميركية في العراق الجنرال راي ادويرنو إضافة إلى أعضاء من المجلس الأعلى. كما التقى قبل الظهر الرئيس المنتهية ولايته جلال طالباني الذي قال للصحافيين قبيل الاجتماع: «سنتحدث معه في كل الأمور، فهو صديق».

ولم يكن ممكنا معرفة ما إذا كان سيجري محادثات مع شخصيات أخرى قبل مغادرته بغداد. وكان قد التقى أول من أمس المالكي وإياد علاوي، زعيم القائمة العراقية، ورئيس الوزراء الأسبق، كما التقى بنائبي الرئيس العراقي عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي.

وحض بايدن القادة العراقيين على إنهاء خلافاتهم السياسية التي أوقعت البلاد في مأزق، بعد أربعة أشهر من الانتخابات.

وقال موجها حديثه إلى عدد من الوزراء خلال حفل استقبال الأحد الماضي، بمناسبة عيد الاستقلال الأميركي إن تحقيق التقدم في العراق «متوقف على إرادة تغليب المصلحة العامة على المصالح الفردية».

وأضاف: «أريد أن أكون واضحا، فأنا لا أعطي دروسا لكن مفهوم إخضاع المصالح الفردية أساسي من أجل نجاح أي أمة».

وفيما حاول بايدن دفع القادة العراقيين إلى تحقيق اختراق يسمح بكسر الحلقة المفرغة وحلحلة الأوضاع السياسية المتأزمة، أكد الحكيم، بعد لقائه بايدن، في بيان أن المجلس الأعلى «لن يكون طرفا في حكومة غير ناجحة»، في إشارة إلى احتمالية التحالف بين المالكي وعلاوي وبالتالي ضعف فرص الائتلاف الوطني الذي يقوده الحكيم في الحصول على مناصب مهمة في الحكومة القادمة.

وأوضح الحكيم، بحسب الصحافة الفرنسية، أنه «يلعب دورا أساسيا في التقريب بين وجهات النظر لمختلف الأطراف والعمل على تشكيل الحكومة وفق مبدأ الشراكة الوطنية الحقيقية»، مؤكدا أن هذا الأمر «خيار وطني مستقل خاص بالعراقيين».

ولم يكن واضحا ما إذا كانت تصريحات الحكيم تقتصر على عدم مشاركة المجلس الأعلى في الحكومة المقبلة فحسب، أم أنها تشمل أيضا بقية مكونات الائتلاف الوطني، الذي يتزعمه، والذي يضم قوى شيعية أخرى أبرزها التيار الصدري.

ومن جهته، قال الشيخ جلال الدين الصغير، القيادي البارز في المجلس الأعلى، إن «المجلس طرح نفسه منذ البداية بأنه لا يمكن أن يشترك في حكومة إن لم يؤمن نجاحها في خدمة العراقيين»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «إن كان ائتلاف دولة القانون والقائمة العراقية قادرين على تجاوز الخلافات بينهما لتشكيل تحالف، فالأمر يعود إلى الطرفين»، وأكد: «فليمضوا في تشكيل الحكومة على بركة الله، وسنكون نحن في دور المعارضة الإيجابية لخدمة ناخبينا». وأشار الصغير إلى أن «الائتلاف الوطني أبلغ دولة القانون بما يريده من أجل تشكيل الحكومة، وإذا أراد دولة القانون الانسحاب من التحالف فهذا الأمر يعنيه». وفي السياق ذاته قال مصدر مفاوض في الائتلاف الوطني لـ«الشرق الأوسط» إن المجلس الأعلى أبلغ قائمة علاوي برفض الائتلاف الوطني ترشيح المالكي لولاية ثانية بشكل قاطع، سواء تحالف المالكي مع الحكيم أو مع علاوي.

ومن جهته، قال الدباغ لـ«الشرق الأوسط» إن «زيارة نائب الرئيس الأميركي (بايدن) الأخيرة إلى البلاد لم تحمل معها طروحات محددة للإدارة الأميركية حيال تشكيل الحكومة في البلاد، بل حملت القلق الواضح لدى الإدارة الأميركية حول تأخر اختيار رئيس للحكومة المقبلة فضلا عن آلية تشكيل هذه الحكومة».

وأشار الدباغ إلى أن «أميركا قلقة على العراق باعتباره النموذج الوحيد الذي نجح لديها وبالتالي لا تريد لهذه التجربة، مقارنة بتجاربها في أفغانستان ومناطق أخرى، أن تفشل وأن تتعرض للضغوط، الأمر الذي يؤدي إلى عدم نجاحها»، مضيفا: «إن بايدن حريص على أن تكتمل العملية السياسية من خلال الإسراع بتشكيل الحكومة خاصة أنه لمح إلى أن العملية السياسية في العراق غير مكتملة بسبب تأخر تشكيل الوزارة الجديدة التي تعترضها بعض الصعوبات». وحول إذا ما كانت أميركا طرحت سيناريوهات قال: «إن الإدارة الأميركية هي الأكثر قلقا على العملية السياسية في البلاد والأقل تدخلا فيها».

وذكر الدباغ، الذي يشغل منصب المتحدث الرسمي باسم الحكومة، أن «أميركا شددت على قضية التدخل الإقليمي في الشأن العراقي لا سيما ما يتعلق بتشكيل الحكومة» ومضى بالقول: «إن هذا التدخل لا ينحصر بدولة واحدة بل بجملة من الدول التي تحاول أن تؤثر على عملية تشكيل الحكومة، وهو أمر يعد واحدا من الضغوط التي يعرض إليها العراق والتي أشار إليها نائب الرئيس الأميركي، حيث حث على ضرورة أن لا يكون هناك أي ضغط إقليمي على العملية السياسية في العراق، وكذلك على ضرورة احترام وتقبل تلك الدول الحكومة المقبلة في البلاد ما دام تم اختيارها من قبل العراقيين أنفسهم» بحسب قوله.

وبشأن حواراتهم مع القائمة العراقية، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، قال الدباغ: «إن الحوارات ماضية حيث سيشهد اليوم (أمس) اجتماعا بين الطرفين (العراقية ودولة القانون)». وحول مفاوضاتهم مع الائتلاف الوطني بقيادة عمار الحكيم، قال الدباغ إن «الأمور لا تزال غير محسومة مع الائتلاف الوطني حيث لم يتم التوصل إلى آلية مثمرة لاختيار مرشح رئاسة الوزراء».

من جانبه، أشار حيدر الجوراني، عضو ائتلاف دولة القانون، بزعامة المالكي، إلى أن هناك أزمة ثقة بين القادة العراقيين أدت إلى الأزمة التي تعيشها البلاد خاصة فيما يتعلق بتشكيل الحكومة المقبلة، وحول طروحات أميركا حيال تشكيل الحكومة أكد لـ«الشرق الأوسط» «أن رغبة الإدارة الأميركية أن يكون هناك تحالف بين دولة القانون (بزعامة المالكي) والقائمة العراقية (بزعامة علاوي) مع إشراك بقية الأطراف السياسية في البلاد، على اعتبار أن كلتا القائمتين تعد حجر الزاوية بتشكيل الحكومة المقبلة».

وأوضح الجوراني أن «الرغبة الأميركية جاءت دون قيود أو شروط، خاصة وأنه بات لا يخفى على أحد أن هذه هي الرغبة الأميركية وأنها تسعى لما تصبو إليه» مضيفا أن «الإدارة الأميركية شددت على ضرورة أن تكون الحكومة المقبلة مبنية على أسس غير طائفية وإنما تشكل وفقا للمفهوم الوطني»، مؤكدا أن «أميركا تريد أن تقبر (بحسب وصفه) الفتنة الطائفية في البلاد دون أن تكون هناك أي إملاءات».

وأشار الجوراني إلى أن «رغبة أميركا بأن يكون هناك تحالف بين المالكي وعلاوي لا تختلف عن رغبة الشارع العراقي الذي يريد هو الآخر أن تتقارب تلك الكتلتان».