بولندا: الليبراليون يمسكون بمقاليد الحكم ويعدون بالعمل على إزالة التوترات السياسية

باريس وموسكو تأملان في علاقات أوثق.. وبرلين تعتبره مؤشرا قويا للتأييد لأوروبا

بولندي على دراجته في ضواحي وارسو يمر أمام ملصق للانتخابات التي أظهرت أمس فوز رئيس حزب المنتدى المدني برونيسلاف كوموروفسكي على حساب حزب القانون والعدالة (أ.ب)
TT

وعد الليبرالي برانيسلاف كوموروفسكي بالعمل على إزالة التوترات السياسية السائدة في بولندا غداة فوزه بالانتخابات الرئاسية إثر إطاحته بمنافسه المحافظ ياروسلاف كاتشينسكي الشقيق التوأم للرئيس الراحل ليخ كاتشينسكي.

وحصل كوموروفسكي (58 عاما) حليف رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا دونالد تاسك، على 52 - 63 في المائة من الأصوات في مقابل 37 - 47 في المائة لكاتشينسكي (61 عاما) مرشح حزب القانون والعدالة، وذلك بعد فرز الأصوات في 1 - 95 في المائة من مراكز الاقتراع، بحسب ما أعلن رئيس اللجنة الانتخابية الوطنية ستيفان يافورسكي.

وكانت نسبة المشاركة في بولندا التي يفوق عدد سكانها الـ30 مليون نسمة عاملا أساسيا في هذه الفترة التي تصادف عطلة الصيف. وأوضح يافورسكي أن هذه النسبة بلغت 29 - 55 في المائة.

وكان شقيق الرئيس ليخ كاتشينسكي الذي قضى نحبه في حادث تحطم الطائرة الرئاسية في أبريل (نيسان) في روسيا، هنأ منافسه بعيد إعلان نتائج استطلاعين للرأي عند الخروج من مراكز الاقتراع، وقال: «أهنئ الفائز. أهنئ برانيسلاف كوموروفسكي».

أما كوموروفسكي فاكتفى بالقول: «زجاجة شمبانيا صغيرة الآن، لكننا سننتظر حتى الاثنين قبل فتح زجاجة كبيرة»، في إشارة إلى موعد صدور النتائج الرسمية النهائية.

وتعهد كوموروفسكي، رئيس البرلمان الذي أصبح بموجب الدستور الرئيس الانتقالي بسبب شغور الرئاسة بمقتل كاتشينسكي، بالعمل على إنهاء الانقسامات في البلاد. وقال إن «الانقسامات جزء لا يتجزأ من الديمقراطية»، مضيفا: «ولكن أمامنا الكثير من العمل حتى لا نسمح لهذه الانقسامات أن تمنعنا من التعاون أو تحول من دون بناء توافق وطني».

واعتبر خبير علم الاجتماع ادموند فونوك - ليبينسكي لوكالة الصحافة الفرنسية «أن الناخبين المعارضين لكاتشينسكي هم الذين قرروا النتيجة، ومن بينهم عدد كبير من ناخبي اليسار».

من ناحيتها اعتبرت الصحافة البولندية أن فوز كوموروفسكي يشكل تحديا لحزبه (البرنامج المدني) الذي سيكون عليه إثبات قدرته على إصلاح البلاد بالعمق. وكتبت صحيفة «دسيينيك غازيتا برونا»: «ليس كوموروفسكي هو الذي حصل على الولاية وإنما كل التنظيم السياسي». وأضافت أن «الناخبين نقلوا كل السلطات إلى البرنامج المدني وهم على قناعة بأنه سيواجه بشكل أفضل عواقب الأزمة»، معبرة عن الأمل في أن يحافظ الحزب على الأداء الاقتصادي الجيد لبولندا، الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي حافظت على نموها الاقتصادي خلال الأزمة.

من جهتها كتبت صحيفة «رسيسبوسبوليتا» (محافظة) أنه في حال تأكد فوزه فإن «البرنامج المدني لن يتمكن بعد الآن من السعي لإيجاد أعذار عبر تفسير ما لم يقم به». وأضافت: «سنرى في نهاية المطاف ما إذا كان الحزب قادرا على إصلاح البلاد لا سيما في مجالات مثل المالية العامة حيث سيكون عليه مواجهة مجموعات مصالح قوية».

أما صحيفة «غازيتا فيبروتسا» (وسط - يسار) فرأت أن «نتيجة الانتخابات تعتبر تحذيرا للبرنامج المدني»، محذرة من أنه «إذا لم يثبت البرنامج المدني الذي يملك اليوم كامل السلطات أنه حزب إصلاحات منفتح على مطالب الديمقراطية الأوروبية والثقافية فإنه سيخسر الانتخابات المقبلة».

وفي برلين، رأى وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيلي أن فوز المرشح الليبرالي كوموروفسكي يعتبر «مؤشرا قويا على التأييد لأوروبا». وقال في برلين: «القرار السيادي الذي اتخذه البولنديون لصالح كوموروفسكي يشكل مؤشرا قويا في تأييد أوروبا».

كما أعرب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي عن توقعه بأن يحقق الرئيس البولندي الجديد كوموروفسكي تقدما ملحوظا في تعزيز التعاون بين البلدين. وتعهد ساركوزي في خطاب تهنئة لكوموروفسكي لفوزه في انتخابات الرئاسة البولندية بدعمه الكامل للسياسي الليبرالي المحافظ.

ومن جهتها أعلنت روسيا أن يمثل فوز كوموروفسكي فرصة لدعم العلاقات بين البلدين. وقال سيرجي ميرونوف رئيس المجلس الاتحادي الروسي: «نأمل أن يساعد كوموروفسكي في جعل سياسة توثيق العلاقات بين موسكو ووارسو أمرا لا يمكن التراجع عنه». وكانت العلاقات بين البلدين توترت بسبب خلافات سياسية وتاريخية، من بينها مقتل أكثر من 22 ألف جندي ومدني بولندي على يد القوات السرية السوفياتية في كاتين عام 1940.