الأسد: قطع العلاقات بين تركيا وإسرائيل سيكون خسارة للوساطة من أجل السلام في المنطقة

ثاباتيرو: التزمنا أمام الرئيس السوري برفع الحصار عن غزة

TT

قال الرئيس السوري بشار الأسد إن زيارته إلى إسبانيا هدفت إلى «بحث إمكانية تقليل فرص الحرب» بعد تأكيده أن «فرص السلام في منطقة الشرق الأوسط متراجعة تجاه فرص الحرب». وكشف الأسد عن أنه عبر للجانب الإسباني عن القلق «من عدم الاستجابة للاتفاقية التي تمت بين البرازيل وتركيا وإيران باعتبار أن هذه الاتفاقية هي باب فتح لكي نذهب باتجاه الحل». مضيفا أن «هذا الباب ما زال مفتوحا على الرغم من كل التعقيدات التي أضيفت بعد رفض هذا الاتفاق». ودعا الأسد الاتحاد الأوروبي إلى استغلال هذا الاتفاق من أجل «إضافة المزيد من الاستقرار إلى منطقتنا التي لا تتحمل المزيد من التعقيد والمشكلات».

جاء ذلك في مؤتمر صحافي مشترك عقده الأسد أمس مع رئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو.

وحول توتر العلاقات التركية – الإسرائيلية وتلويح أنقرة بقطع العلاقات، قال الأسد «لم يتمكن أي طرف من أن بلعب نفس الدور الذي لعبته تركيا.. والسبب هو أن هذه الدولة تعيش في منطقتنا وتعرف كل التفاصيل. بذلك أستطيع أن أقول إن تراجع دور تركيا وتراجع عملية السلام على المسار السوري لا شك أنه سيؤثر على استقرار المنطقة. ولكن لا نستطيع أن نأخذها بهذه البساطة. ما أدى لتراجع الاستقرار هو التهديدات الإسرائيلية». وأضاف قائلا، حسب «رويترز»، «إن ظروف الاستقرار التي نبحث عنها منذ عقود في منطقتنا تبدو في هذه الأشهر التي مرت وحتى هذه اللحظة.. تبدو أن فرص السلام متراجعة لصالح المزيد من فرص الحرب. وبالتالي تكتسب زيارتي اليوم لإسبانيا ولقائي مع ثاباتيرو أهمية خاصة في مثل هذا الموضوع. فبالنسبة لنا إسبانيا هي صديق كما قلت». وأكد الأسد أن قطع العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وإسرائيل سيزيد من زعزعة استقرار المنطقة. وأضاف أن تركيا لاعب رئيسي وأن قطع العلاقات بينها وإسرائيل سيكون خسارة للوساطة من أجل السلام في المنطقة.

وقال الأسد إن الأحداث الأخيرة في المنطقة جعلت إمكانية التوصل إلى سلام بعيدة المنال. وبعد جلسة محادثات في مقر رئاسة الوزراء الإسبانية في مدريد قال الأسد «إنه لا يمكن تحقيق السلام بوجود الاحتلال كما أنه لا يمكن أن يتحقق السلام دون إعادة الحقوق وعلى رأسها إعادة الجولان السورية المحتلة كاملة»، مؤكدا عدم إمكانية تحقيق السلام «إلا إذا كان شاملا» وقال «لا نستطيع أن نتحدث عن السلام على المسار السوري دون المسار الفلسطيني»، لافتا إلى أهمية تحقيق المصالحة الفلسطينية. مشيرا إلى أن زيارته إلى إسبانيا تكتسب أهمية خاصة نظرا للظروف التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط التي تعد «منطقة مضطربة وتقع سورية في قلب جميع المشكلات التي تعاني منها». وتابع موضحا «أن فرص السلام في منطقة الشرق الأوسط متراجعة تجاه فرص الحرب وأن زيارته إلى إسبانيا تأتي لبحث إمكانية تعزيز فرص السلام أو على الأقل تقليل فرص الحرب». واصفا العلاقة بين سورية وإسبانيا بأنها «تقليدية ومتينة»، وقال «المصداقية الإسبانية تكتسب من خلال الدور الذي يلعبه جلالة الملك خوان كارلوس ومن المواقف السياسية لرئيس الحكومة ثاباتيرو في ظروف صعبة بالنسبة للعالم كله»، موضحا أن سورية تعتبر موقف إسبانيا من الحرب على العراق وقرارها سحب القوات الإسبانية المشاركة في تلك الحرب، من أهم المواقف التي تعبر عن مصداقيتها. وأضاف الأسد «لم يكن من السهل في ذلك الوقت اتخاذ مثل هذا القرار، ولكن عندما تكون السياسة سياسة مبدئية فهي تتجاوز كل الاعتبارات الأخرى التي من الممكن أن يقف أمامها أي سياسي».

على صعيد آخر، تناولت مباحثات الأسد - ثاباتيرو الملف النووي الإيراني. وقال الرئيس الأسد: «عبرنا عن قلقنا من عدم الاستجابة للاتفاقية التي تمت بين البرازيل وتركيا وإيران باعتبار أن هذه الاتفاقية هي باب فتح لكي نذهب باتجاه الحل»، مضيفا أن «هذا الباب ما زال مفتوحا على الرغم من كل التعقيدات التي أضيفت بعد رفض هذا الاتفاق». وتمنى الرئيس الأسد على الاتحاد الأوروبي أن «يستغل هذا الاتفاق من أجل إضافة المزيد من الاستقرار إلى منطقتنا التي لا تتحمل المزيد من التعقيد والمشكلات».

بدوره اعتبر ثاباتيرو أن هذه الزيارة للرئيس الأسد تأتي في «ظرف هام بالنسبة للوضع في الشرق الأوسط وأن إسبانيا تولي سورية اهتماما كبيرا لدورها الفاعل والرئيسي بقضايا الشرق الأوسط»، وقال: «إن أحداثا خطرة حدثت مؤخرا في الشرق الأوسط ولا سيما بعد مهاجمة إسرائيل لأسطول الحرية»، ورأى أن «هذه الظروف يجب أن تتجه لرفع الحصار عن غزة وهذا ما تقوم به إسبانيا في إطار الاتحاد الأوروبي أيضا من أجل أن يصبح رفع الحصار عن غزة واقعا ملموسا»، مؤكدا «أن تحقيق هذا الهدف هو التزام منه أمام الرئيس الأسد».

وقام الأسد بزيارة عمل إلى إسبانيا استمرت يومين بعد عودته من جولة إلى دول أميركا اللاتينية (فنزويلا وكوبا والبرازيل والأرجنتين) حيث التقى والسيدة عقيلته في مدريد الملك خوان كارلوس ملك المملكة الإسبانية والملكة صوفيا. وقال بيان رسمي إن اللقاء تناول «مستوى العلاقات المتميزة التي تربط كلا من سورية وإسبانيا، وأهمية التنسيق السوري - الإسباني حول مختلف القضايا التي تهم البلدين الصديقين». وقد أشاد الأسد بالمواقف الإسبانية تجاه قضايا منطقة الشرق الأوسط.

وكان الملك الإسباني تسلم رسالة من الرئيس الأسد في الثامن من يوليو (تموز) عام 2008 تتعلق بالتطورات في الشرق الأوسط ودور سورية وإسبانيا البناء في تعزيز الأمن والاستقرار والتعاون الاقتصادي والثقافي بين الدول العربية وأوروبا.

وتعد هذه الزيارة الثالثة للرئيس بشار الأسد إلى إسبانيا حيث زارها عامي 2001 و2004 فيما زار الملك الإسباني سورية في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2003.