رئيس اتحاد البورصات العربية: أسواق الأسهم الموحدة شعار غير قابل للتحقيق على أرض الواقع

سليمان الشحومي لـ «الشرق الأوسط»: البورصة الليبية صحية.. وأصدرنا قانونا يشجع الشركات للإدراج من خلال حوافز ضريبية

سليمان الشحومي
TT

قال سليمان الشحومي رئيس البورصة الليبية ورئيس اتحاد البورصات العربية، إن بورصة بلادة صحية على الرغم من حداثتها، وعلى الرغم من أنها سوق حديثة، فإن الشركات ترتفع عندما تعلن عن أرباح جيدة وعن توزيعات.

وأضاف في حواره مع «الشرق الأوسط» أن العلاقات المتوترة بين ليبيا والاتحاد الأوروبي لم تؤثر في البورصة الليبية كون الاستثمارات الأجنبية تعتبر بسيطة.

وتناول الشحومي في حديثه القانون الجديد الذي أصدرته مؤخرا الحكومة، وهو الأول من نوعه في ليبيا الذي ينظم عمل السوق المالية بها، ويعطي حوافز ضريبية للشركات المدرجة بها.

ويرى الشحومي أن اتحاد البورصة العربية لم يكن مفعّلا فيما مضى، وكان يرفع شعارات غير قابلة للتحقيق على أرض الواقع مثل «البورصة العربية الموحدة»، أما الآن فالعمل على أرض الواقع هو شعار الاتحاد الذي يسعى إلى إيجاد إطار قانوني وفني لربط البورصات العربية بعضها ببعض.

وحصل الشحومي مؤخرا على درجة الدكتوراه من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وتناولت رسالته تجارب عدد من دول العالم في الخصخصة والتحول بشركات القطاع العام إلى شركات مساهمة، كما تطرقت الرسالة إلى التجربة الليبية في مجال أسواق المال. وإلى نص الحوار...

* بعض المستثمرين يقولون إن هناك الكثير من العوائق التي تواجه المستثمرين في ليبيا، فما صحة ذلك؟

- هذا غير صحيح، فليبيا لديها قانون يفرق بين الاستثمار المباشر وغير المباشر، فالاستثمار المباشر له قانون منذ فترة، والآن أعيد إصدار القانون من جديد بعد تعديله، منذ شهرين تقريبا، وكان الهدف منه تحسين وتلافي بعض العيوب في القانون الأول، كما أن القانون المعدل مشجع ويسعى لجذب الاستثمار الأجنبي.

ولكننا في ليبيا نفرق بين من يريد التنمية ومن يريد تحقيق المكاسب، فالجماهيرية الليبية دولة لديها فوائض، فهي تبحث عن فتح مواطن شغل، وهدفنا في ليبيا جذب مستثمرين لديهم خبرات وقيمة مضافة، فإذا لم يتحقق هذا، فما الجدوى إذن من الاستثمار الأجنبي.

* وما هو موقف الاستثمار الأجنبي في البورصة الليبية؟

- البورصة في ليبيا حديثة العهد، وهي قناة من قنوات دخول الاستثمار الأجنبي إلى البلاد، وشعارنا العام أننا نرحب بالاستثمار الأجنبي في ليبيا من خلال البورصة، عبر ضوابط الملكية الموجودة، ولدينا وضع أفضل من الخليج في هذه الجزئية، حيث نحدد نسبة موحدة لملكية الأجانب، وهي ألا تزيد عن 50 في المائة، ويمكن تجاوزها من خلال الشركات المشتركة بين الشركات، ولدينا حدود أيضا لتملك الأفراد، وهي ألا تتجاوز ملكيتهم 10 في المائة، وهناك بعض اللوائح الجديدة لتنظيم عملية الملكية. ولدينا أيضا مصرفان يملك أجانب فيهما نسبة 19% في كل مصرف على حدة، كما أن لهم حق الإدارة.

* ولكن ألا ترى أن هناك نوعا من التقييد للاستثمارات الأجنبية في ليبيا؟

- نريد في ليبيا استثمارا أجنبيا منظما، مبنيا على علاقة واضحة بين الطرفين، لا نريد أن يكون هناك استثمار أجنبي يستفيد أكثر مما يعطي، على العكس لدينا الآن ميل أكثر إلى الشراكات، من خلال صندوق الإنماء، وهو بالفعل لديه شراكات ضخمة مع الأجانب سواء في المقاولات أو السياحة أو البناء.

* هناك علاقات متوترة الآن بين الاتحاد الأوروبي وليبيا كيف أثر ذلك على أداء الاستثمار الأجنبي بها؟

- الاستثمار الأجنبي في البورصة الليبية حديث العهد، فالبورصة غير متأثرة بتلك الاستثمارات، وأغلب الاستثمارات الأجنبية في ليبيا استثمارات مقيمة، فلا توجد بنية أساسية تستوعب استثمارات أجنبية خارجية، ففي الوقت الحالي بدأ المستثمرون الأجانب يسمعون عن البورصة الليبية.

* هل صدر قانون ينظم عمل سوق المال في ليبيا؟

- نعم أصدرنا قانونا لأول مرة ينظم عمل سوق المال في ليبيا، وهو قرار من مجلس الوزراء واللجنة الشعبية العامة، فهو يفصل بين عمل الهيئة الرقابية والبورصة، كما يتضمن أيضا تنظيما لعمل صناديق الاستثمار في البلاد. فهذا القانون يعد إحدى مراحل تطور البورصة الليبية، فإلى جانب القانون، أنشأنا مؤخرا مركز إيداع، وهناك جهاز رقابة سيولد قريبا.

* وهل هناك حوافز لتشجيع الشركات للانضمام للبورصة؟

- القانون قدم حوافز ضريبية للشركات التي سيتم إدراجها في البورصة بدءا من السنة الضريبية المقبلة، حيث يعطي الشركات التي تدرج ويتداول سهمها ما لا يقل عن 60 جلسة وتلتزم بالإفصاح إعفاء ضريبيا بحد أقصى 5 سنوات، وأعطى إعفاء 50 في المائة على الشركات التي يستمر إدراجها. وبعد إقرار القانون، لمسنا أن هناك شركات من القطاع الخاص ترغب في إدراج أسهمها بالبورصة للاستفادة من الإعفاءات الضريبية، وتكون البورصة بالنسبة لها بمثابة أداة تمويلية.

* وهل تم إصدار لائحة تنفيذية للقانون؟

- ليس بعد، ونتوقع أن تصدر خلال شهر من الآن ويبدأ العمل بها فور إصدارها.

* أعلنتم في وقت سابق أن العام الحالي سيكون عام الطروحات للبورصة الليبية، فما هي الطروحات التي تم تنفيذها خلال هذا العام؟

- كان هناك طرحان، فانتهينا من الاكتتاب العام في مصرف الجمهورية، والآن أنهينا طرح مصرف التجاري الوطني وهو ملك للدولة، والآن بصدد اكتتاب في زيادة رأسمال بنك الوحدة.

* ولكنكم أعلنتم عن طرح أسهم شركتي الاتصالات «ليبيانا» و«المدار» وكذلك شركة «الحديد والصلب»، فلماذا تأخر؟

- بسبب إجراءات تتعلق بتقييم تلك الشركات، ونتوقع أن يتم إدراج تلك الشركات قبل نهاية العام.

* ما آخر التطورات في برنامج التمليك أو الخصخصة الذي أعلنت عنه الحكومة الليبية؟

- هناك صندوق يسمى الإنماء، رأسماله يبلغ 10 مليارات دينار، فالشركات الصناعة أغلبها مملوكة للصندوق إلى جانب بعض الشركات السياحية والعقارية والمقاولات، وهذا الصندوق يهدف إلى إعادة توزيع الثروة على محدودي الدخل، وهذا البرنامج أكثر نضجا من البرامج التي تم تطبيقها في مناطق أخرى مثل أوروبا الشرقية، وفلسفة ليبيا هي توزيع الثروة بشكل متساو، وأن لا يتم حصرها في يد فئة معينة دون الأخرى. وصلنا إلى نموذج واضح في تكوين حصص للأسر محدودة الدخل، فمن خلال دراسة اجتماعية للأسر، وجدنا أن هناك 300 ألف أسرة يعادلون مليون مواطن ليبي يحتاجون إلى هذا الدعم، وسيتم توزيع هذه الحصص على الأسر، وتحديدها بناء على عدد أفراد كل أسرة، ويحدد لها قيمة ما بين 30 ألفا إلى 50 ألف دينار. وهذه الحصص سيتم توزيعها على الأسر في شكل صكوك أو أسهم ملكية في شركات تابعة لصندوق الإنماء، على أن يتم الإبقاء عليها من دون تصرف لمدة 3 سنوات، حتى تتمكن تلك الأسر من أخذ توزيعات نقدية من قبل تلك الشركات مباشرة، فالآن تلك الأسر تأخذها من صندوق الإنماء، وهذه التجربة مهمة جدا والبورصة طرف رئيسي في تنفيذ تلك التجربة، وستكون تجربة رائدة في الوطن العربي كله، وهي الأولى من نوعها.

* كيف سيؤثر ذلك على أداء البورصة؟

- هذا البرنامج سينشط البورصة الليبية بشكل كبير، خاصة بعد بدء التداول على الصكوك في البورصة، ولكنه ليس في القريب العاجل، فإلى جانب ذلك هناك بعض العوامل الأخرى التي ستنشط البورصة، فهناك برنامج ضخم للتنمية العقارية يحتاج إلى تمويلات، وهذا سينشط إقبال الشركات العقارية على الإدراج في البورصة، فالدولة رصدت 150 مليار دولار لتنفيذ برنامج تنموي خلال 4 سنوات، مر منها سنة ونصف السنة، خلال تلك الفترة ستكون هناك أكثر من 250 ألف وحدة سكنية في ليبيا، وستكون هناك مطارات حديثة في ليبيا، قطارات وغيرها.

* وهل تروجون للبورصة الليبية خارجيا؟

- نشارك حاليا في بعض المنتديات والمؤتمرات، بهدف توضيح الآليات والضمانات للمستثمرين الأجانب في البورصة الليبية، فهم متفاجئون بأن هناك سوقا مالية ليبية.

* وهل هناك توعية داخلية للمواطنين الليبيين لجذبهم للاستثمار في البورصة؟

- هناك رغبة من قبل المستثمرين الأفراد في العمل بالبورصة، وهناك هلع أيضا وجدناه عندهم، خاصة بعد الأزمة المالية العالمية وما أعقبها من انهيار للبورصات، ولكن الليبيين محظوظون لأن الأزمة أعطتهم درسا كبيرا، قبل نشاط بورصتهم. ونحاول دائما نشر الوعي عن الاستثمار في البورصة، ونحن أول بورصة عربية تجري مسلسلا عن البورصة، ولقي إقبالا، ونعمل على إقامة ندوات، ولكن جهود التوعية مسؤولية مشتركة لكل أطراف المجتمع.

* ما هي الملامح الرئيسية التي يتناولها القانون الجديد بالنسبة لإنشاء صناديق الاستثمار؟

- هناك قواعد عامة معروفة لإنشاء صناديق الاستثمار، ولكن نحتاج إلى بعض الوقت لكي تعرف المؤسسات التي تصدر صناديق الاستثمار على هذا النوع الجديد، مثل البنوك أو الشركات المخصصة لهذا الغرض، ولكننا وضعنا الأساس حتى يمكن إطلاق صناديق استثمار متنوعة ومختلفة، فمعدلات الفائدة في ليبيا تقترب من الصفر تقريبا، وستكون فرصة للحصول على عائد.

* هناك إقبال ملحوظ من شركات السمسرة، سواء المصرية أو العربية للعمل في السوق الليبية، فهل هناك اتجاه لزيادة عدد شركات السمسرة خلال الفترة الحالية؟

- لدينا عدد لا بأس به من شركات السمسرة بلغت 12 شركة، بعضها مشتركة مع شركات مصرية، مثل «بلتون» و«ثمار» وشركة أخرى تابعة لمجموعة «الخرافي»، والكثير من شركات الوساطة العربية تسعى لإيجاد مكان لها في ليبيا، ولكننا نرى أن الشركات القائمة حاليا كافية، ولا تتحمل أكثر من ذلك، ولكننا من الممكن أن نسمح بوجود شركات تمارس نشاطات متعلقة بأسواق المال مثل إدارة المحافظ والاستشارات وغيرها.

* كان لديكم اجتماع مع شركة «مصر للمقاصة والتسوية»، فما الهدف من ذلك؟

- كان الهدف توقيع اتفاقية، تتولى من خلالها شركة «مصر للمقاصة»، تركيب نظام الرقابة على التداول، فهي التي أنشأت عندنا نظام التسوية والمقاصة والتداول.

* وما الهدف من نظام الرقابة على التداول في الوقت الحالي؟

- هناك تلاعب اكتشفناه مؤخرا في السوق الليبية، فبعض العمليات بدأت تُظهر تلاعبا في السوق، مثل تعاملات الداخليين وتعاملات شركات الوساطة التي قد يقوم بها بعض السماسرة للتأثير على أسعار الأسهم في السوق.

* توليتم منصب رئيس مجلس اتحاد البورصات العربية، فما هي أهداف المجلس خلال الفترة المقبلة؟

- قبل أن نعرف الأهداف، يجب أن نتعرف على واقع البورصات العربية، التي تعد الآن في مرحلة إعادة الهيكلة، فاتحاد البورصات العربية فيما مضى لم يكن مفعّلا بشكل جيد، والآن وضعنا أنفسنا على الطريق الصحيح، من خلال إصدار نظام أساسي جديد للاتحاد، ولأول مرة، يكلف أمين عام متفرغ للاتحاد، فقبل يومين كان لدينا اجتماع للجنة المنبثقة عن اجتماع اتحاد البورصات في طرابلس بهدف ربط المقاصات العربية، فكان هناك حلم قديم يسمى البورصة العربية الموحدة، فهذا حلم غير منطقي، وغير قابل للتطبيق على أرض الواقع، فالبورصة العربية الموحدة، هي أن تدمج جميع البورصات العربية في بورصة واحدة، وهذا أمر غير قابل للحدوث، فما الفائدة من بورصة عربية موحدة، فالاتحاد الأوروبي الذي لديه عملة موحدة، ليس لديه بورصة موحدة.

* هل كانت البورصة العربية الموحدة مفهوما خاطئا؟

- نعم، فالمشكلة، ليست إيجاد بورصة موحدة وإنما تفعيل الاستثمار البيني العربي، وتيسير حركة تدفق الاستثمارات العربية، وتمكين أكبر عدد من الأجانب من الدخول إلى الأسواق العربية بسهولة والتجول بين تلك البورصات بيسر، وزيادة عدد الشركات المدرجة، ورفع القيمة السوقية لبورصتنا.

* هل هذا أمر قابل للحدوث؟

- بالطبع، ومع إبقاء كل بورصة قائمة بمفردها، دون حمل شعارات غير قابلة للتحقيق، فالهدف الآن من الاتحاد هو كيف نساعد بعضنا بعضا، والتمكين من زيادة الاستثمار البيني المشترك.

* وما هي الأولويات التي تسعون لتحقيقها الآن؟

- ربط مقاصات البورصات العربية بعضها مع بعض، حتى يتمكن أي مستثمر عربي من التعامل في أي بورصة عربية أخرى بسهولة، لأن بعض البورصات العربية تشترط أن يأتي إليها المستثمر بنفسه لكي يأخذ «كود» للتعامل بها وهذا يشكل إعاقة للاستثمار، كما أن هناك مشكلة أخرى في تحويل الأموال فهي تمثل صعوبة في بعض الأمور، ونعمل الآن على إيجاد آلية للربط بين المقاصات، فهذا يعد أولى الخطوات لتسهيل الاستثمارات فيما بيننا.

* ومتى ستناقشون تلك الآلية؟

- من المقرر أن تتم مناقشتها في اجتماع البورصات العربية في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، في بيروت، لنعرض المقترحات المحددة لهذا الموضوع ونحدد إطاره القانوني والفني، لتكون بمثابة اتفاقية إطارية تمكن أي سوقين من التفاهم والتخاطب، فإذا كانت هناك إرادة للتواصل بين بورصتين عربيتين تكون آلية التخاطب موجودة.

كلام الصورة: