هددت مجموعة من التنظيمات اليهودية الأميركية بقطع أموال التبرعات التي تغدق بها على إسرائيل سنويا، بسبب المبادرة إلى تغيير قانون القبول لليهودية وتشديد الشروط فيه. وقد اضطر رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى معارضة هذا القانون ودخل في أزمة ائتلافية مع حلفائه حتى يرضيهم. ولكن حلفاءه مصرون عليه ويهددون بفرط الائتلاف معه.
والقانون المذكور هو موضوع خلاف قديم بين اليهود عموما ولدى اليهود الأميركيين بشكل خاص، فهو يعطي المؤسسة الدينية المتزمتة (الأرثوذكسية) الحق في تحديد يهودية كل يهودي يصل إلى إسرائيل. لكن غالبية اليهود الأميركيين ينتمون إلى التيار الإصلاحي في اليهودية، الذي يقبل من يريد أن يكون يهوديا بشروط أسهل. ويطالب اليهود الحريديم من التيار الأرثوذكسي بإعطائهم الحق لتشديد شروط القبول لليهودية، بدعوى أن التيار الإصلاحي متهاون جدا في قبول الناس لليهودية وهذا يهدد بـ«تخفيف منسوب الطهارة في اليهودية»، ويتيح اتساع ظاهرة الاختلاط مع أعراق غير يهودية.
وفي الأسابيع الأخيرة، لقي اليهود الأرثوذكس تأييدا مفاجئا من حزب «إسرائيل بيتنا». فهو حزب علماني ويمثل اليهود الروس الذين يتضررون من هذا التشدد. ومع ذلك، ونتيجة لحسابات حزبية، عقدت صفقة مع المتشددين اليهود في الاتئلاف الحاكم (حزب «شاس» لليهود المتدينين الشرقيين و«يهدوت هتوراة» تجمع لأحزاب يهودية دينية متشددة من الأشكناز)، وعرض على الحكومة نص قانون يتيح تشديد الشروط.
وادعى أفيغدور ليبرمان، رئيس «إسرائيل بيتنا»، أن تعديل القانون تم بالاتفاق مع الليكود ورئيسه، نتنياهو. ونوى عرض القانون للتصويت في القريب. فثارت ثائرة اليهود الأميركيين. وأرسلوا وفدا لالتقاء القادة السياسيين في إسرائيل لمنعهم من سن القانون الجديد. وهددوا بقطع التبرعات المالية السخية التي يغرقون بها إسرائيل في كل سنة وبإحداث أزمة ثقة بينهم وبين الحكومة.
وقد ذعر نتنياهو من هذا التهديد، فسارع إلى الإعلان عن أنه لا يوافق على هذا القانون. وأمر نواب الليكود بأن يسقطوا القانون ويصوتوا ضده مع أحزاب المعارضة وحزب العمل. ففجر بذلك أزمة مع حلفائه من الأحزاب الدينية التي هددت بالانسحاب من الائتلاف ومع حزب ليبرمان، الذي قال إنه لن ينسحب من الائتلاف لكنه هدد بتفجير أزمة ائتلافية كبيرة والرد على نتنياهو بضربات موجعة.
واجتمع نتنياهو وليبرمان، أمس، لتسوية هذه المعضلة وغيرها من المشكلات التي نشأت مؤخرا بين الحزبين. وتعمد ليبرمان عقد جلسة لكتلته البرلمانية تكون مفتوحة للصحافة ليرد فيها على تصرفات نتنياهو ضده. فقال إن هناك مشكلات جدية في الائتلاف، منذ أن أقدم نتنياهو على إرسال وزير التجارة والصناعة، بنيامين بن أليعازر، للقاء وزير الخارجية التركي، أحمد أوغلو، في سويسرا من دون اخباره. وقال إن حزبه مؤلف من 15 نائبا، جميعهم منضبطون وملتزمون بقرارات الحكومة، على عكس الحلفاء الآخرين. ومع ذلك فإنه يعامل بشكل سلبي.
وتم تفسير تصرفات نتنياهو بأنها محاولة لدفع ليبرمان للخروج من الائتلاف، حتى تدخل مكانه تسيبي ليفني وحزبها «كديما». واعتبر عدد من نشطاء اليمين في الليكود هذه المحاولات رضوخا للإرادة الأميركية من أجل تمرير قرارات سياسية تتعلق بالمفاوضات مع الفلسطينيين. وسارع نتنياهو إلى نفي ذلك والقول إنه معني بليبرمان في الحكومة وملتزم بكل ما تم الاتفاق بينهما عليه لدى تشكيل الحكومة. وعلى الرغم من أن نتنياهو وليبرمان توصلا إلى اتفاق في محادثاتهما، أمس، فإن المراقبين يرون أن هذه الأزمة هي بداية تفكيك التحالف بينهما.