حزب الله لـ«الشرق الأوسط»: الربط بين عملاء الاتصالات والمحكمة الدولية.. تحذير مسبق من مأزق

النائب صقر تمنى على بارود الإجابة عن سؤال نصر الله علنا

TT

فتح توقيف اثنين من الموظفين العاملين في شركة «ألفا» وموظف سابق في الشركة عينها، الباب على مصراعيه أمام حملة تشكيك واسعة في مصداقية المحكمة الدولية، بلغت ذروتها مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الذي أطل منذ أيام معلنا التشكيك في أي قرار يصدر عن المحكمة الدولية، مستندا إلى معطيات مستقاة من شركة الاتصالات.

وفي حين لاقت مواقف السيد نصر الله سلسلة مواقف في صفوف كتلة المستقبل النيابية استنكرت التشكيك الدائم في عمل المحكمة الدولية قبل كل استحقاق، في إشارة إلى القرار المرتقب صدوره عن المحكمة الدولية، اعتبرت أوساط حزب الله أن مواقف السيد نصر الله لم تكن أكثر من «محاولة توضيحية استباقا للتوصل إلى وضع يضعنا في مأزق»، متهمة نواب المستقبل «بالتفسير الخاطئ وفق مصالحهم لمواقف السيد نصر الله».

وفي هذا السياق شدد نائب كتلة حزب الله، وليد سكرية، في اتصال مع «الشرق الأوسط» على أن «مصداقية المحكمة مشكوك فيها بالتأكيد إذا كانت ستبقى على هذا القدر من التسييس وترفض محاكمة شهود الزور ومن كان وراءهم، وكشف ما هي المؤامرة التي تحاك ومن أراد استخدام المحكمة، لا سيما إذا كانت تستند إلى معطيات واتصالات هاتفية تفتقد الصدقية بعد كشف عملاء (ألفا) وتلاعبهم بداتا المعلومات وتركيب اتصالات غير واقعية، وإمكانية نسبها إلى هذه الجهة أو تلك». وأكد أن «حزب الله واثق من براءته وهو يرد على ما أورده رئيس أركان الدولة الإسرائيلية المعادية غابي أشكينازي، بهدف التحذير من أنه إذا تم تبني كلامه فسيكون للحزب موقفه». وسأل: «من قال إن المخابرات الإسرائيلية لا تقف وراء اغتيال الحريري؟ وما علاقة أشكينازي بالمحكمة؟»، معتبرا أن كلامه «يثير تساؤلات حول مدى تسييس المحكمة».

واعتبر سكرية أن المحكمة الدولية مسيسة منذ بدايتها مع القاضي ديتليف ميليس واستخدام شهود الزور وتوجيه الاتهام إلى سورية دون ترك أي مجال لاحتمال آخر أو جهة أخرى غير سورية، موضحا أن توجيه الاتهام المباشر إلى سورية بعد كل جريمة اغتيال إنما كان الهدف منه الضغط على سورية». وأضاف: «أرادت الولايات المتحدة من القرار 1959 أن تجعل المحكمة سيفا مسلطا على سورية بعد أن رفضت التعاون معها في العراق وفلسطين، واليوم بعد تبدل السياسة الأميركية وفتح سفارة أميركية في سورية وبدء الحوار بات المطلوب التفتيش عن جهة أخرى لاتهامها، ومن يعادي الولايات المتحدة غير المقاومة في لبنان؟». وخلص إلى أن «السيد نصر الله قال نريد التعاون مع المحكمة، ولكننا نريد الشفافية لأننا واثقون من أنه لا علاقة لحزب الله».

واستدعى ربط حزب الله بين القرار المرتقب صدوره عن المحكمة الدولية وتوقيف عملاء «ألفا» استغراب القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش الذي رأى، في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن «هذا الافتراض يفترض بمطلقه أن يكون عالما بخبايا المحكمة ومضمون القرار الذي سيصدر عنها، وهذا ليس صحيحا». وقال: «قد يكون الهدف من الربط بين الأمرين استطلاع كيفية الهجوم على المحكمة»، لافتا إلى أنه «في حال ثبت التلاعب بالداتا من قبل العملاء في شركة (ألفا) فيجب التأكد من ذلك من خلال الخبراء، ومن ثم تتسلم المحكمة الدولية التدقيق في الموضوع».

ولم يستبعد علوش أن يكون الهدف من الهجوم على المحكمة الدولية «الرد على مواضيع أخرى غير المحكمة، ومن ضمنها تصعيد المجتمع الدولي باتجاه إيران»، معتبرا أنه «قد يكون هناك ثمة شعور بأن المحكمة قد تطال هذا الطرف، فحاول التصعيد في وجهها». وأكد أن «كل ذلك يزيدنا إصرارا وتمسكا بالمحكمة الدولية»، رافضا التعليق على ما أدلى به الوزير السابق وئام وهاب. وقال: «معروف أن الوزير (السابق) المذكور هو أحد الناطقين باسم حزب الله، وليس مستغربا أن يكونوا هم من أوحوا له بقول هذا الكلام». وشدد على أن «قرارات مماثلة من شأنها أن تثير انقساما جديدا بين اللبنانيين، لأن قسما كبيرا منهم يعتبر المحكمة وسيلة لتأمين الاستقرار في الشارع اللبناني».

وفي السياق عينه اعتبر النائب في كتلة الحريري عقاب صقر، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن «كلام الأبواق المحيطة بحزب الله وأكلة الثوم معروفة أدبياته»، وطالب حزب الله «بإسكات هذه الأبواق التي تسيء إليه وتهدد اللبنانيين باسمه»، مؤكدا «تقدير خطاب السيد نصر الله ووجوب الرد عليه بإيجابية، عوض تحويله إلى خطاب توتر وتشنج».

وأعرب عن اعتقاده بأن «مواقف نصر الله مهمة وتشير إلى مرحلة خطيرة ومسائل خطيرة، وينبغي التعامل معها بالقدر ذاته من الأهمية». وعما يحكى عن تلاعب بداتا الاتصالات، التي استندت إليها المحكمة الدولية في عملها، أجاب صقر: «إذا ثبت فعلا أنهم تلاعبوا بالداتا نكون عندها عرفنا من تلاعب بها ومن قام بالتغطية ومن الجهات التي تقف وراء كل ما جرى، وبالتالي ينبغي على حزب الله ان يكون الجهة الأكثر هدوءا وأن يحتكم للتحقيق لا أن يستبق عمل المحكمة بالحملات». واعتبر أنه «إذا كان انتقاد أداء الأجهزة الأمنية مؤامرة، فأنا مستعد للتجرد من حصانتي والسير بالتحقيق للتوصل إلى معرفة هوية من يكشف الدولة»، مشددا على «وجوب التعاطي مع كل الأمور من تحت سقف الدستور».

وتمنى صقر على وزير الداخلية والبلديات زياد بارود أن يتم نشر التحقيق حول معرفة بعض الأجهزة الأمنية بقضية العميل شربل قزي على وسائل الإعلام، لكي يسمع الرأي العام الجواب على سؤال السيد نصر الله. واعتبر أن «كل تحقيق في هذا الصدد لا تُعلن نتائجه هو أمر خطير، لأن بإمكان المصادر نفسها التلاعب حينها بالتحقيق وتسريب نتائجه وفق ما تريد وتخريب الواقع اللبناني».

وأكد صقر، تعليقا على تحذير حزب الله من مؤامرة تستهدفه: «بأننا سنكون أول من يتصدى لذلك قبل حزب الله»، مبديا خشيته من أن «يكون البعض قد حضر كمينا لحزب الله ويقع فيه هذا الأخير». وأضاف: «أخشى أن يكون كلام أشكينازي كمينا للقول إن إسرائيل داخلة على خط المحكمة الدولية وحزب الله يتصدى للعالم، فتحقق حينها إسرائيل مآربها»، آملا أن «يبقي حزب الله معركته دائما مع إسرائيل».

وفي سياق أبرز المواقف الصادرة بالأمس في بيروت، طالب نائب حزب الله حسن فضل الله بأن «يحال ملف التجسس الإسرائيلي إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة»، معتبرا أن «التجسس الذي هو بمثابة رأس الحربة في مشروع إسرائيلي يهدف إلى ضرب السلم الأهلي وزعزعة الاستقرار وإثارة الفتنة في لبنان». وحذر من «أن يقوم أحد في لبنان بتوفير بنية آمنة وحاضنة أو مناخ سياسي يساعد العدو على تحقيق هذا الهدف». وأكد: «إننا سنواجه المشروع الإسرائيلي بكل الوسائل والسبل، ولن نوفر أي وسيلة مهما تكن التحديات في الداخل ومهما تكن النتائج والمترتبات والتداعيات». وانتقد «الذين لم يزعجهم تحكم العدو الإسرائيلي بقطاع الاتصالات، بل أزعجهم الكشف عن هذا العمل التجسسي»، متسائلا: «هل يريدون أن يبقى التجسس الإسرائيلي قائما أم أن هناك أمورا أعمق من ذلك وأخطر؟».

واستغرب عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا كيف أن «خطاب السيد حسن نصر الله تسبب في التوتر، في حين أن كل ما يسرب عن تحقيقات في المحكمة الدولية يوجه أصابع الاتهام إلى حزب الله والقياديين فيه». واعتبر أن «المحكمة بلا صدقية ما دام هناك شهود زور لم يتم التحقيق معهم حتى اليوم»، مطالبا «القوى الأمنية بالمراقبة وتنفيذ القرارات السياسية من أجل حماية البلد».

بالمقابل، أكد عضو كتلة المستقبل، النائب رياض رحال، أن «التشكيك في المحكمة الدولية قبل صدور القرار الاتهامي عنها ليس منطقيا، ويجب انتظار صدور هذا القرار أولا»، معتبرا أنه «لا يجوز أن يكون لدينا كل مرة موقف معين من المحكمة، مرة بالتخوين، ومرة أخرى بموقف آخر، فالمحكمة الدولية تعمل بكل شفافية وسرية، ولا أحد يملك معلومات حول التحقيق».

ولم يرَ رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شيمعون أن «خطاب السيد نصر الله الأخير كان ناريا، بل العكس، فهو كمن يوجه أصابع الاتهام إلى نفسه»، معتبرا أن «نصر الله في هذا الخطاب لم يكن واثقا من نفسه».