علاوي: توافق كبير مع الصدر.. وزعيم التيار: «العراقية» أبدت مرونة وقدمت تنازلات

الزعيمان العراقيان اتفقا في دمشق على تسريع تشكيل الحكومة من دون تسمية رئيسها.. ومصدر لـ«الشرق الأوسط»: أنقرة تبحث عن دور لتوازي طهران

الرئيس السوري بشار الأسد لدى استقباله رئيس الوزراء الأسبق وزعيم القائمة العراقية إياد علاوي في دمشق أمس (رويترز)
TT

في الوقت الذي كان الإعلاميون يتوجهون إلى فندق «إيبلا الشام» (10 كم جنوب دمشق) لتغطية اللقاء الأول بين مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري ورئيس القائمة العراقية، ورئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي، ظُهر أمس، كان وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو يتوجه إلى القصر الجمهوري للقاء الرئيس السوري بشار الأسد، وذلك قبل لقاءات أخرى مقرر عقدها مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم ومن ثم رئيس الكتلة العراقية وزعيم التيار الصدري. في إشارة قوية إلى ظهور دور تركي يساهم في حل أزمة تشكيل الحكومة العراقية، وهو دور قالت مصادر عراقية لـ«الشرق الأوسط» إنه «مطلوب لتحقيق توازن إقليمي مع الدور الإيراني».

الرئيس السوري بشار الأسد وبعد يومين على لقائه مقتدى الصدر التقى أمس علاوي وبحث معه المستجدات المتعلقة بالجهود المبذولة من أجل تشكيل الحكومة العراقية، وجدد الأسد موقف سورية الداعم «لأي اتفاق بين العراقيين يكون أساسه الحفاظ على وحدة العراق وعروبته وسيادته». وقال بيان رسمي سوري إن اللقاء الذي حضره معاون نائب رئيس الجمهورية محمد ناصيف والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية بثينة شعبان والوفد المرافق لعلاوي تناول «العلاقات الثنائية بين سورية والعراق وأهمية تعزيزها في شتى المجالات بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين». ونقل البيان عن علاوي تقديره لاحتضان سورية للاجئين العراقيين ولمواقفها «المساندة للشعب العراقي والجهود التي تبذلها بهدف الحفاظ على وحدة العراق وإعادة الأمن والاستقرار إليه».

بعد ذلك التقى علاوي لأول مرة مع الصدر في فندق «إيبلا الشام»، مقر إقامة الصدر، واستمر اللقاء نحو ساعتين، حضره وفدان مرافقان لعلاوي وللصدر، وقال أحمد الدليمي المتحدث الرسمي باسم القائمة العراقية في سورية لـ«الشرق الأوسط» إنه جرى تمديد وقت الاجتماع نحو ساعة إضافية.

وحول أسباب اختيار العاصمة السورية لعقد اللقاء الأول بين علاوي قال الدليمي: «كان هناك اتفاق أن يكون اللقاء في طهران، ولكن كي لا نخلق حساسية مع الجارة تركية باعتبارها جارة مسلمة مثل إيران رحبنا بأن يكون اللقاء في دمشق، وأيضا لأن القيادة السورية منشغلة وأيضا الشعب السوري مهتم بتشكيل حكومة عراقية وبالوضع العراقي رحبنا بعقده اللقاء في دمشق»، وعما إذا كانت هناك اقتراحات سورية معينة بخصوص تشكيل الحكومة العراقية أوضح الدليمي: «هناك اقتراح تقاسم السلطة وفق الاستحقاق الانتخابي».

وحول الدور التركي ولقاءات وزير الخارجية التركي داود أوغلو في دمشق مع علاوي والصدر قال الدليمي: «نرحب بالدور التركي.. تركيا دولة جارة ومتخوفة على وحدة العراق، وما يجري من تطهير لكردستان العراق من مسلحي الأحزاب الانفصالية دليل على خشية الحكومة التركية على الوضع العراقي».

بينما ذكرت مصادر سياسية عراقية أن الإيرانيين طلبوا من الأسد التوسط لإقناع القائمة العراقية بالتنازل لصالح عادل عبد المهدي، مرشح المجلس الأعلى، بزعامة عمار الحكيم لرئاسة الوزراء، غير أن هذه المصادر أكدت أن التوجه السوري يميل نحو علاوي أكثر من غيره.

ومن جانبه قال محمد علاوي، القيادي في القائمة العراقية، الذي حضر اللقاء بين علاوي والصدر، إن اللقاء كان «وديا للغاية»، وإن الطرفين تحدثا بلغة غير رسمية، وإنه على الرغم من أنه لم يكن هناك حديث تفصيلي عن الحكومة فإن حديث الصدر كان يعبر ضمنيا عن عدم اعتراض الصدر على تولي علاوي رئاسة الحكومة القادمة بعد التحالف مع الائتلاف الوطني، بزعامة عمار الحكيم. وقال إن اللقاء بدأ بتبادل القبل بعيدا عن روح التشنج أو العتاب.

وبعد لقاء علاوي والصدر وقبيل مغادرته الفندق وصف علاوي اللقاء بأنه «مهم»، وقال للصحافيين: «جرت خلاله أحاديث تتعلق بالوضع العراقي وأوضاع المنطقة وضرورة إخراج العراق من المحنة الحالية التي يمر بها بسرعة». مضيفا أنه كان هناك «توافق كبير في مساحات كثيرة مما تم بحثه»، واعتبر هذا اللقاء من «اللقاءات الإيجابية والموفقة التي ستصب في خدمة الشعب العراقي ووحدة العراق»، وقال إنه «يعد جزءًا من اللقاءات مع الأطياف السياسية العراقية المختلفة»، مؤكدا أنه سمع من مقتدى الصدر ما يؤكد وجود «إرادة» لديه و«رغبة» في «توحيد الصفوف والجهود لكي ينتقل الشعب العراقي إلى مرحلة من الاستقرار وتشكيل حكومة جامعة شاملة تضم كل الأطياف السياسية بهدف استقرار العراق والشعب العراقي أولا وثانيا، لما لذلك من انعكاسات مهمة على سلامة واستقرار المنطقة بالكامل». مؤكدا تمسك القائمة العراقية بالاستحقاق الانتخابي والدستوري. وقال: «بالنسبة لنا نحن ملتزمون به بناء على التزامنا بالدستور»، معربا عن أمله بأن تكون هذه اللقاءات واللقاءات التي تجري في بغداد «محطات نهائية في نقل العراق من حالة إلى حالة جديدة».

وعما إذا تم الاتفاق على نقاط محددة، قال علاوي: «هناك اتفاق على ضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة وأن تكون هذه الحكومة جامعة لكل أطياف الشعب العراقي وذات برنامج واضح تقدم ما عليها وما لديها لهذا الشعب لإخراجه من الأزمة، وخصوصا في مجال الخدمات وتحقيق الأمن والاستقرار وزيادة موارد الأسرة العراقية والاستفادة من ثروات العراق الكبيرة، إضافة إلى ضرورة ابتعاد كل القوى السياسية عن الذاتية والانطلاق في بناء عراق وحكومة توحد المجتمع العراقي».

وحول لقاء مع وزير الخارجية التركي داود أوغلو في دمشق، أكد علاوي أنه سيلتقي به قبل مغادرته إلى بغداد. ونفى أن يكون قد بحث مع الأسد في تفصيلات تشكيل الحكومة العراقية أو الأسماء المقترحة، وقال عن لقائه الرئيس الأسد: «دأبت القائمة العراقية على التواصل مع الرئيس الأسد والقيادة السورية لأن ما يجمعنا الكثير بما فيه مصلحة الشعبين والمنطقة واستقرارها وسلامتها، وقد استمعنا إلى وجهات نظر الرئيس الأسد التي تنم عن حرص كبير على العراق ووحدته ومساره وضرورة الإسراع بتشكيل حكومة قوية تمثل كل الطيف السياسي العراقي والحرص على استرداد العراق لعافيته». وأعرب عن سعادته للنتائج الإيجابية لهذا اللقاء الذي وصفه بـ«الإيجابي والنافع والأخوي»، مؤكدا أنه لم يتم التطرق إلى «أسماء أو تفصيلات أو تدخل في الشأن العراقي». وقال علاوي: «أكد الرئيس الأسد كما أكدنا نحن حرصنا على عدم التدخل في الشأن العراقي من قبل أي جهة إقليمية أو دولية، وأن على العراقيين أن يتخذوا القرار بأنفسهم».

وبعد مغادرة علاوي للفندق وسط أجواء اتسمت بالارتياح، التقى مقتدى الصدر مع الصحافيين، وبدوره اعتبر لقاءه مع علاوي بأنه كان «إيجابيا ومثمرا»، لافتا إلى أنه وجد لدى القائمة العراقية «الإرادة لإنهاء هذه الأزمة»، متوقعا أن يكون هناك «نتائج طيبة تخدم الشعب العراقي عما قريب». وقال الصدر إن «لدى الإخوة في الكتلة العراقية مشروعا لخدمة الشعب العراقي والتنازل بعض الشيء لإنهاء الأزمة السياسية في العراق والوصول إلى حل لهذه العملية التي تعقدت»، معربا عن أمله في أن يكون هناك إسراع في حلها وتشكيل حكومة عراقية.

وأكد الصدر تأييده للمساعي التي تبذلها «الدول الشقيقة والمجاورة مع شرط عدم التدخل في الشأن العراقي»، لافتا إلى أن اللقاء مع الرئيس بشار الأسد مؤخرا «كان جيدا، وأن توجهات الحكومة السورية هي الإسراع بتشكيل الحكومة العراقية وعدم التأخير لأن في التأخير مفسدة للشعب العراقي ولمنطقة الشرق الأوسط والجوار».

وحول ما قيل عن وجود صفقة مع المالكي أو تشكيل تحالف معه، نفى الصدر ذلك وقال: «أنا لم أرَه أصلا حتى أتحالف معه»، وعما إذا كان يدعم علاوي ليكون رئيسا للحكومة أجاب الصدر بأنه «لا يدعم أشخاصا»، قائلا: «دعم أشخاص ماكو». وأضاف موضحا: «نحن ندعم برامج وآليات محددة يصل من خلالها شخص معين إلى رئاسة الحكومة»، نافيا وجود أي تحفظ لديه على الأشخاص.

وردا على سؤال عما إذا كان لقاؤه مع علاوي يعني انتهاء حالة العداء بينهما، قال الصدر «من أجل العراق أنسى جميع الخلافات، وإن شاء الله في المستقبل لا خلافات، لا معه ولا مع الجميع». مضيفا أنه خلال الجلسة لمس لدى القائمة العراقية إمكانية تقدمها بعض التنازل للإسراع في تشكيل الحكومة، وقال لذلك: «أنا أطالب جميع الأطراف وخصوصا دولة القانون (تحالف المالكي) بالتنازل بعض الشيء من أجل المصلحة العامة ومصلحة العراق»، معتبرا أن العقد في التسميات وأنها هي «التي تؤخر الحكومة». وعن اللقاء مع وزير الخارجية التركي والدور الممكن لتركيا أن تقوم به، قال إنه سيجلس مع وزير الخارجية التركي ويسمع منه ما سيقوله.

وطالب الصدر سورية وتركيا كدولتين تعارضان الخط الأميركي ووجوده في العراق «بالضغط على أميركا لإنهاء الاحتلال لأجل أن يتصافى العراقيون في ما بينهم»، وعن دور طهران أكد الصدر أنها «تسعى للإسراع في تشكيل الحكومة».

وعن علاقة التيار الصدري بالبعثيين أكد الصدر وجود «خط أحمر» على التعامل معهم، وعما إذا كان يساوي بين البعثيين والأميركيين في وضعه خطا أحمر، قال الصدر: «البعثيون كالأميركيين.. خط أحمر إلا شوية (قليل)».

وحول تناقض موقفه هذا من البعثيين مع لقائه برئيس القائمة العراقية وأيضا مع قوله إن من أجل مصلحة العراق يتناسى الماضي، قال الصدر إن الوفد المرافق لعلاوي، الذي التقى به «لم يكن فيه بعثيون»، مضيفا: «أتناسى الماضي إلا أن يكون محتلا أو بعثيا أو إرهابيا»، معتبرا دخول البعثيين في العملية السياسية «سيخربها ويؤجج الوضع الأمني»، إلا في حال أعلن البعث أنه تبرأ «من صدام وأفعاله وطرح مشروعا غير صدامي».

وردا على سؤال عما إذا كان استطاع شق الطريق أمام علاوي إلى طهران، أجاب الصدر «لم نستطع بعد فتح الطريق أمامه إلى إيران».

يشار إلى أن عددا من المسؤولين العراقيين زاروا سورية خلال الأشهر الماضية، بينهم عمار الحكيم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في العراق، وإياد علاوي رئيس القائمة العراقية، وعادل عبد المهدي نائب الرئيس العراقي، وإياد السامرائي رئيس جبهة التوافق العراقية، إضافة إلى مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري الذي بدأ بزيارة إلى سورية مطلع هذا الأسبوع، حيث تم التأكيد على ضرورة تشكيل حكومة عراقية جديدة تضمن مشاركة جميع فئات الشعب العراقي في العملية السياسية للحفاظ على وحدة العراق وصون أمنه واستقراره.