برلين: السجن لألمانيين من أصل تركي بتهمة التعاون مع تنظيم القاعدة

برنامج جديد لدمج الإسلاميين المتطرفين في المجتمع

TT

بعد 60 جلسة مطولة، وإجراءات أمنية مشددة، أصدرت محكمة كوبلنز الألمانية (غرب) حكما بالسجن في حق ألمانيين، من أصل تركي، بتهمة التعاون مع تنظيم القاعدة.

وقضت المحكمة المحلية العليا في ولاية رينانيا البلاتينية أمس بسجن المتهم عمر أو. (32 سنة) لمدة ستة أعوام بتهمة الانتماء إلى تنظيم القاعدة وتقديم الدعم اللوجستي لمنظمة إرهابية تعمل في الخارج. وقال القاضي إن المحكمة مقتنعة بإدانة عمر أو. في حالتين على الأقل، وهي العمل على كسب متطوع لـ«الجهاد» في صفوف «القاعدة»، والعمل على تزويد المنظمة السرية بأجهزة الرؤية في الظلام، أجهزة قياس المسافات والنواظير البعيدة المدى.

كما أصدرت المحكمة حكما بالسجن على زميله سرمد أ. بالسجن لمدة عامين ونصف العام بتهمة تقديم العون لمنظمة القاعدة. ويسكن المتهمان في مدينة سيدلفنجن وعملا معا على جمع التبرعات لتنظيم القاعدة. كما سافرا عدة مرات لتلقي التدريبات العسكرية في معسكرات سرية للمنظمة الإرهابية تقع في مكان ما على الحدود الباكستانية - الأفغانية.

وكان عمر أو. تقدم في جلسات سابقة باعترافات كاملة حول التهم التي نسبت إليه، واعترف أيضا بمشاركته في عملية مسلحة نفذتها قوات طالبان ضد الجيش الأفغاني، لكنه سارع إلى سحب الاعتراف الأخير بنصيحة من محاميه. ولم يتقدم سرمد أ. بأي اعترافات وحافظ على صمته طوال الجلسات، وهو ما دفع محاميه إلى مطالبة المحكمة، في الجلسة قبل الأخيرة، بإخلاء سبيله.

وتقدمت وزارة العدل التركية، قبل صدور الحكم بوقت قصير، بطلب تسليم المتهم عمر أو. على خلفية اعترافه بالمشاركة في عمليات مسلحة ضد الحكومة الأفغانية. ولم ترد وزارة الداخلية الألمانية على الطلب بعد.

وتعد هذه ثاني قضية من قضايا الإرهاب تعقد في مدينة كوبلنس، حيث سبق أن حكم على متعاون آخر مع الإرهاب هو عليم إن. الذي ينحدر من مدينة جرمرسهايم غرب ألمانيا في صيف 2009 بالسجن ثماني سنوات. وكان الادعاء العام يوجه للمتهمين الحاليين تهمة العمل لحساب عليم إن. في تقديم العون لـ«القاعدة».

والألماني، الباكستاني الأصل، عليم إن. (47 سنة) دانته محكمة كوبلنز في سبتمبر (أيلول) 2009، بخرق قانون التجارة الخارجية 8 مرات، وتنظيم العلاقة بين الخلايا الإرهابية النائمة في أوروبا وتنظيم القاعدة السري في باكستان، والعضوية في منظمة القاعدة بين 2004-2008، وتجنيد المزيد من «المجاهدين» للعمل في «القاعدة»، وجمع التبرعات لمنظمة إرهابية تعمل في الخارج.

وفضلا عن تزويد «القاعدة» بالأجهزة العسكرية أثبتت النيابة العامة آنذاك أن عليم إن. سافر إلى باكستان من ألمانيا 4 مرات خلال الفترة بين 2004 ومطلع 2008 وأوصل لـ«القاعدة» تبرعات، جمعها في ألمانيا، بلغت مرة 15 ألف يورو إضافة إلى ثلاث دفعات قدر كل منها 4 آلاف يورو. إلا أن المحكمة عجزت عن إثبات تقديمه الدعم اللوجستي والمالي لخلية الطيارين الانتحاريين التي قادها محمد عطا في هامبورغ.

إلى ذلك أطلقت ألمانيا أمس برنامجا جديدا لإعادة دمج الإسلاميين المتطرفين في المجتمع الألماني. وبدأت «دائرة لحماية الدستور في ألمانيا» (الأمن العامة) برنامجا جديدا يمنح فرصة جديدة للإسلاميين المتشددين للانسلاخ عن تنظيماتهم السرية، ويعد الراغبين منهم في التخلي عن التطرف، أو عن أقاربهم أو أصدقائهم المتطرفين، بالحصول على المساعدة والإرشاد عن طريق الاتصال بالعاملين القائمين على هذا البرنامج تليفونيا أو عبر البريد الإلكتروني. وخصصت الدائرة موظفين يتحدثون التركية والعربية بغية تسهيل المهمة على الراغبين في الاندماج مجددا في المجتمع الألماني.

وأطلقت الدائرة على البرنامج اسم «هاتف»، المأخوذ عن العربية، لكنه يعبر أيضا عن مختصر اسم البرنامج «التخلي عن الإرهاب والتشدد الإسلامي». ويتيح البرنامج للمتخلين عن التشدد الإسلامي تغيير محلات سكنهم، وبدء عمل جديد أو الدراسة والتأهيل المهني، إضافة إلى «اتخاذ الإجراءات المناسبة» في حالة تعرضهم لتهديدات من المنظمات المتشددة التي كانوا ينتمون إليها. وذكر وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير أن البرنامج لا يدعو إلى «التخلي عن الإسلام وإنما عن التشدد الإسلامي»، مشيرا إلى أن «هاتف» يرمي إلى تجنب ممارسة العنف باسم الإسلام، وأنه بالتالي «برنامج وقائي». وتحذو ألمانيا، من خلال برنامج «هاتف»، حذو بريطانيا وهولندا في طريقة منح الفرصة للإسلاميين المتشددين بالعودة إلى الحياة الدينية الطبيعية. وسبق لوزارة الداخلية الاتحادية أن أعلنت عام 2001 عن برنامج مماثل لتشجيع المتطرفين اليمنيين على الانسلاخ عن تنظيماتهم.

يذكر أن التقرير السنوي لدائرة حماية الدستور حول الإرهاب والتطرف لعام 2009 تحدث عن 29 منظمة إسلامية تنشط على مستوى ألمانيا. ويقدر حماة الدستور عدد الإسلاميين المتشددين المستعدين لممارسة العنف بنحو 36270 شخصا (34700 عام 2008). وينشط قسم كبير من هؤلاء الإسلاميين ضمن مجموعات تركية، بينهم 20 ألفا ضمن الجماعة الإسلامية التي يقول التقرير عنها إنها «تقدم نفسها على أنها منفتحة على الاندماج وتحترم النظام الديمقراطي»، غير أن «أطرافا في هذه الجماعة تتمسك بأهداف وآيديولوجية الجماعة الإسلامية الناشطة في تركيا» التي «تهدف إلى إقامة نظام إسلامي كامل». وينحدر 3390 غيرهم من دول عربية، بينهم 1300 من عناصر الإخوان المسلمين، و900 من حزب الله اللبناني، إضافة إلى 150 شخصا فقط من إيران.