الاتحاد الأوروبي يأمل في النجاح على «الطريقة الأميركية» في اختبارات مصارفه

تغطي في البداية 25 من المصارف الكبرى ثم تتوسع لتشمل 91 مصرفا

وافق القادة الأوروبيون على القيام بجولة من الاختبارات، تغطي في البداية 25 من المصارف الكبرى (إ.ب.أ)
TT

عندما أعلن رئيس الولايات المتحدة الأسبق فرانكلين روزفلت إعطاء المصارف الأمريكية عطلة في أوج الكساد الكبير عام 1933، فإن الثقة عادت للمستثمرين الغاضبين، بعدما أعلن المحللون أن معظم المصارف في حالة جيدة، وقرروا إعادة فتحها للعمل مجددا.

وفي العام الماضي، عقب أسوأ أزمة مالية منذ الكساد الكبير، أعطى المنظمون في الولايات المتحدة المستثمرين دفعة مماثلة، عندما أجروا اختبارات أظهرت أن المصارف الأمريكية يمكن أن تنجو من كساد طويل الأجل، وهو ما تأمل أوروبا في أن يحدث عندما يعلن منظموها نتائج هذه الاختبارات الخاصة بالمصارف الأوروبية هذا الأسبوع.

ولكن على عكس نظرائهم الأمريكيين، الذين أعدوا خطة مفصلة حول كيفية فحص واختبار أكبر 19 مصرفا في الولايات المتحدة، قبل أن يتحدثوا عن أي نتائج، فإن الجهات التنظيمية في أوروبا لم تكشف إلا عن قدر قليل نسبيا من المعايير المستخدمة في اختبارات قوة تحمل المصارف التي يقومون بإجرائها. وكما يقول المحللون فإن هذا هو بالفعل الذي زرع البلبلة حول ما إذا كانت المصارف المجتازة لهذه الاختبارات بالفعل قادرة على التحمل بما يكفيها لتنجو من انكماش آخر.

وهذا ما أشار إليه جون بيس، المحلل في شركة «نمورا» لتداول الأوراق المالية في لندن، قائلا: «لم نطلع بشكل كاف على المعايير التي استخدموها. فإن لم ترها السوق فعالة بشكل كاف، فسيتساءل الجميع عن جدوى القيام بهذه الخطوة».

وقد وافق القادة الأوروبيون في يونيو (حزيران) على القيام بجولة من الاختبارات، تغطي في البداية 25 من المصارف الكبرى، على أن يتم إعلان النتائج على الرأي العام، ثم تم توسيع القائمة لتشمل 91 مصرفا، بعضها من المصارف الصغيرة التي كان يعتقد أن المشكلات تكمن بها. وكانت الفكرة هي محاولة غرس الثقة بالنفس، الطريقة التي قام بها المنظمون في الولايات المتحدة في فبراير (شباط) 2009، عندما أعلنوا أنهم اختبروا مدى تحمل المؤسسات المالية الكبرى التي تمتلك ثلثي أصول النظام المصرفي الأميركي.

وكانت هناك مخاوف من أن «بنك أوف أميركا» و«سيتي غروب»، اللذين تعرضا لضربات قوية بسبب انهيار الأسواق المالية، كانا على وشك التأميم. ووفقا لتوجيهات مبكرة من وزارة الخزانة، كان يتعين على المصارف أن تفترض أن اقتصاد الولايات المتحدة سينكمش بنسبة 3.3 في المائة عام 2009 وسيبقى من دون تغيير تقريبا عام 2010. وعليهم أيضا أن يفترضوا أن أسعار العقارات ستنخفض بنسبة إضافية تقدر بـ22 في المائة، وسترتفع معدلات البطالة إلى 8.9 في المائة عام 2009 لتصل إلى 10.3 في المائة عام 2010.

ويشير لويس كراندال، كبير الاقتصاديين في معهد «ريتسون إي سي إيه بي»، إلى أنه في البداية كان هناك شعور بأن هذه الاختبارات لن تكون صارمة بشكل كاف، مضيفا «السؤال الذي كان يطرح نفسه على ما يبدو هو: هل أنتم تعرفون الإجابة قبل البدء في هذه الاختبارات، أم أنكم لن تقوموا بها؟».

ولكن مع الكشف عن مزيد من التفاصيل، بدأت أسهم المصارف الأمريكية في التعافي. وأرتفع مؤشر «كيه بي دبليو» للمصارف، وهو أحد أكبر المعايير الخاصة بصناعة المصارف، بنسبة 30 في المائة خلال الفترة من فبراير إلى مايو (أيار). ثم بعد ذلك، وقبل أسبوعين من نشر نتائج الاختبارات، قام المنظمون، وعلى رأسهم مصرف الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، بنشر تفاصيل المعايير والفروض التي تضمنتها الاختبارات، ليوضحوا الأمر بشكل أكبر للمستثمرين ويعطوهم فرصة لإجراء حساباتهم حول أي المصارف التي ربما تحتاج أن تزيد رأس مالها.

وعندما نشرت النتائج، طلبا من «بنك أوف أميركا» و«سيتي غروب» وثمانية مصارف أخرى زيادة رأس مالها بمقدار 75 مليار دولار، وهو مبلغ أقل مما كان يخشاه المستثمرون.

وقد أدي ذلك إلى تحقيق أسهم المصارف لمكاسب استمرت إلى نهاية العام. ويقول كراندال: «وفي النهاية، صدرت تأكيدات من الجهات التنظيمية بأنها قامت بالبحث في كل السجلات وخططوا لسيناريوهات كثيرة بما يكفي حتى لا يكون هناك أي مفاجأة». وفيما كان ينظر في بدء الأمر إلى هذه الاختبارات باعتبارها شكلية وستنتهي بإعلان أن جميع المصارف الكبرى في حالة جيدة، انتهى الأمر بالتأكيد على أن المصارف لن تكون قادرة على تجاوز ترد اقتصادي جديد.

وقد أدى ذلك إلى رفع الثقة في القطاع المصرفي ومساعدته على تجاوز المرحلة الحرجة ودعم ارتفاع أسهم المصارف الذي استمر، حيث عاودت المصارف جني الأرباح عندما انتعشت عوائد التداول بالتوازي مع صعود جديد في سوق الأسهم.

كما ارتفعت أسهم المصارف الأوروبية من مستوياتها المنخفضة التي بلغتها في الشهر الماضي بناء على توقعات بأن الغالبية العظمى من المصارف ستجتاز الاختبارات عندما يتم إعلان النتائج يوم الجمعة.

وإذا ما تم الترحيب بنتائج الاختبارات، يمكن أن تستمر مسيرة الصعود. والكثير من المصارف، بما في ذلك «دويتشه بنك» و «أوني كريديت» أعلنت بالفعل أنها قد اجتازت الاختبارات بنجاح.

وكما هو الحال في الولايات المتحدة، فإن السلطات في أوروبا تحاول إقناع المستثمرين بنقص السيولة في النظام المصرفي الأوروبي وسط شكوك باقية بأن الكثير من المصارف ما زال لديها التزامات مادية لم يكشف عنها في حساباتها منذ الأزمة المالية، وهي الخسائر التي قد تتعمق أكثر إذا تفاقم الانكماش الأوروبي.

لكن الكثير من المحللين يشعرون بالقلق من أن المنظمين لم يقوموا بالكشف عن تفاصيل كافية عن الاختبارات، ويشككون في أن المعايير قد لا تكون كافية لتظهر حجم الضرر الذي قد تتعرض له المصارف إذا وقعت انتكاسة اقتصادية.

وصرح المنظمون بأنهم كانوا يختبرون محافظ المصارف وكيف ستواصل عملها إذا انخفض النمو إلى 2 في المائة هذا العام و1.5 في المائة العام المقبل. وحتى الآن فإن المسؤولين لم يعلنوا كيف يتعاملون مع واحدة من أكبر الموضوعات المجهولة في النظام المالي الأوروبي، وهي الديون السيادية الموجودة في حسابات المصارف.

وبينما هدأت أزمة الديون السيادية التي بدأت في اليونان الآن، فإن المستثمرين يعربون عن قلقهم من أن التعافي الهش للاقتصاد الأوروبي سيعاني ضربة جديدة بسبب الإجراءات التقشفية الشديدة التي بدأ الكثير من الدول الأوروبية في تبنيها، والتي ستشكل خطورة على المصارف التي بحوزتها كميات ضخمة من ديون هذه البلاد، فمن غير الواضح أي نوع من الخصومات سيطبق على هذه الديون. ويتوقع المحللون أن تجتاز معظم المصارف الأوروبية الاختبارات بنجاح، لذلك ستكون كمية رأس المال التي سيطلب المنظمون ضخها في النظام المصرفي الأوروبي تحسبا لمزيد من التراجع عند أقل مستوى ممكن. ويضيف بيس«حتى نحقق الشفافية، سنبقى في المناخ الذي ساد خلال أزمة الرهن العقاري، عندما كان الناس يتشككون في المصارف ونشاطاتها».

* «خدمة نيويورك تايمز»