مئات العراقيين يقعون ضحايا لظاهرة الوشاية الكيدية

ابنة أحد الضحايا: رغم التبرئة من المحكمة علينا مواجهة الفصل العشائري

TT

وشاية صغيرة حولت حياة عائلة أستاذ جامعي إلى جحيم مستمر، على حد تعبير ابنته (س.ب)، التي أكدت أن عائلتها كانت تعيش في منطقة ساخنة حدثت فيها آلاف الجرائم، وأغلبها مقيد ضد مجهول، لكن أسبابا كثيرة، بعضها طائفي والآخر يتعلق بحسد المناصب والصعود على آلام الآخرين، شجع بعض ضعاف النفوس على امتهان عمل وصفته بالطفيلي، أو ما يسمى بـ«المخبر السري» ووقع مئات المواطنين ضحايا له.

وأضافت (س) لـ«الشرق الأوسط» أنه «بمجرد وصول معلومات كيدية من مخبر مجهول للأجهزة القضائية أو الأمنية تتمسك عائلة الضحية بالمتهم وتحمله مسؤولية الجريمة وإن لم يكن له فيها ناقة ولا جمل، المهم أن القضية لا تبقى مقيدة ضد مجهول، وبغض النظر عن مكانة المتهم، فلا اعتبار لكونه من أصحاب السوابق أو أستاذا جامعيا له مكانته داخل المجتمع، فقد اتهم والدي بالقتل، ونحن نتساءل: متى كان الأستاذ الجامعي مجرما يقدم على القتل؟». وقالت إن حياة عائلتها تحولت إلى جحيم، فوالدها في السجن منذ ما يقرب من عشرة أشهر «وأخذت الدعوى مناحي عدة بعد أن بدأت تأثيرات الجهة الأخرى ومحاولتها بكل الوسائل إلصاق التهمة بوالدي، رغم أن جميع الجهات أكدت أنه بريء ولا وجود لأدلة ضده». وبينت «أن مشكلة أخرى بدأنا نعاني منها الآن، وهي تحرك القبيلة التي تنتمي لها الضحية علينا، والبدء في تهديدنا ومطالبتنا بدفع دية، أو ما يسمى بالفصل العشائري، عن شيء لم نرتكبه». من جهته أكد القاضي عبد الستار البيرقدار، المتحدث الرسمي باسم مجلس القضاء الأعلى العراقي، لـ«الشرق الأوسط» أن القانون العراقي «عالج موضوع الوشاية الكيدية، وتضمن فقرة تعطي الحق للمتضرر من معلومة كيدية ودخوله السجن وتعرضه لضرر معنوي ومادي للمطالبة بتعويض عبر تقديم شكوى للمحاكم المختصة، يبين فيها تعرضه لضرر جراء دعوى كيدية». وأضاف: «وفي حال تعرض المتضرر من الشكاوى الكيدية التي يتقدم بها مخبر سري إلى الفصل من الوظيفة وتلطخ سجله المدني، فإن هذا الأمر يعالج أيضا من قبل المحكمة ذاتها، فهي تزوده بكتاب إلى دائرته ليعود إلى عمله، وأيضا الإبقاء على سجله المدني من دون شائبة».

وقال البيرقدار إن القضاء العراقي «اعتمد ومنذ ما يقرب من عام تعديلات على نظام التعامل مع معلومات المخبرين السريين، منها وجوب حضور المخبر، وتعريف نفسه للقضاء، وأيضا وجوب جلبه لأدلة تثبت صحة ادعائه، وبخلاف ذلك تسقط الدعوى، وهذا الإجراء حد فعلا وبشكل لافت للنظر من الدعاوى الكيدية». وبشأن موضوع الفصل العشائري رغم تبرئة المتهم، قال البيرقدار: «إنه عرف أنه لا علاقة للقانون به، وقد تكون هناك أعراف فاسدة لكن ليس للقضاء تدخل فيها».

عضو البرلمان العراقي عثمان الجحيشي، أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يمكن تخيل حجم الضرر الذي وقع على أناس قدمت ضدهم شكاوى كيدية، وللأسف هناك من تمت إدانته بجرائم لم يقترفها، ولهذا يجب إخضاع القضايا التي بدأت بأخبار قدمها مخبر سري لتدقيق قضائي».