المعايطة: الانتخابات السابقة خلفت تركة ثقيلة.. ونسعى لإقناع الناس بأنها لن تتكرر

انتهاء فترة التسجيل للانتخابات النيابية في الأردن.. وإقبال ضعيف من الناخبين الجدد

سميح المعايطة («الشرق الأوسط»)
TT

انتهت أول من أمس في الأردن عملية تسجيل المقترعين الجدد في الانتخابات النيابية المزمعة في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وتنتظر الآن مراحلها القانونية من الاعتراض والطعن لتكتسب الصفة القانونية القطعية. وبلغ عدد هؤلاء 242 ألف مواطن من أصل 800 ألف ممن تجاوز عمرهم سن الثامنة عشرة، ولم يسبق لهم أن سجلوا في الانتخابات السابقة وبذلك يصبح عدد المسجلين في الجداول الانتخابية نحو 2.7 مليون ناخب.

وكثفت الحكومة خلال الشهرين الماضيين عبر وسائل الإعلام المحلية ومن خلال اللقاءات والندوات والاجتماعات وكذلك خطباء المساجد حملاتها التذكيرية بضرورة المشاركة في هذه الانتخابات، وعلى الرغم من ذلك فإن نسبة المسجلين الجدد إلى الفئة المستهدفة 30%.

ويعترف الناطق الرسمي باسم الانتخابات المستشار السياسي لرئيس الوزراء سميح المعايطة بأن الحكومة ورثت «تركة ثقيلة» من التجارب الماضية، وهي تعمل لإقناع المواطنين بأن التجربة الماضية «لن تتكرر»، مجددا التأكيد «أن الانتخابات المقبلة ستجري بكل نزاهة وشفافية، وأن المعيار الأساسي لذلك هو تطبيق أحكام القانون».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن ندرك وجود تجارب سلبية ماضية، هناك في الذاكرة تجارب محددة سابقا، وهناك فرق بين التجارب السلبية.. وافتراض سوء النية». وأضاف: «نعرف أننا نحمل تركة ثقيلة من الماضي وعلينا أن نقنع الناس بالجهد الحالي المبذول، ولكي نغير قناعات الناس السابقة، نحن بحاجة لإجراءات غير عادية»، موضحا «أن المصلحة العليا تقتضي أن تكون الانتخابات شفافة ونزيهة وهذا من شأنه أن يعيد ثقة المواطن بمكانة مؤسسة مجلس النواب وضرورة العمل البرلماني».

وتابع المعايطة «التجارب السابقة نحاول معالجتها بطريقة علمية، فالحكومة الحالية لم تجرِ انتخابات حتى الآن، ولم تقم بأي إجراء ذي صلة بالتزوير، وكل ما قامت به من إجراءات ينم عن أمور إيجابية، وهي متشددة في تطبيق القانون، حفاظا على التجربة ونقائها ونصاعة صورتها». وزاد «حتى لا نظلم المواطن والتجربة، فإنه يجب أن نقيمها وفق القانون، والحكم في النهاية هو للقانون ومدى التزام الحكومة به من عدمه».

وأشار إلى أن القانون مجموعة من المراحل تبدأ بالتسجيل والنقل وإعلان القوائم والاعتراض والطعن والترشيح والانتخاب وإعلان النتائج، وبعد أن يتم استكمال كل ذلك يمكن للمواطن والسياسي والمراقب والمتابع الحكم على الانتخابات ونزاهتها، مؤكدا أن الحكومة «ستبقى حريصة على تطبيق القانون ومواده».

ودعا المستشار السياسي لرئيس الوزراء إلى عدم إسقاط التجارب السابقة على الانتخابات المقبلة، معيدا التشديد على أهمية منح التجربة الجديدة الفرصة، ومتابعة كل ما تقوم به الحكومة من إجراءات خطوة بخطوة، وعدم التسرع في إصدار حكم مبكر على الانتخابات.

ودعا المعايطة إلى عدم الخلط بين موقف بعض الجهات من القانون باعتباره وجهة نظر مشروعة والحكم على مجريات العملية الانتخابية، وما تقوم به الحكومة في هذا الجانب، مشيرا إلى أن «من حق الناس إصدار رأي، أو الشك، إلا أننا نقول لكل هؤلاء إن القانون هو الفيصل، والحكومة ستكون وستبقى ملتزمة بالقانون ولن تحيد عنه في كل الإجراءات المتعلقة بالانتخابات سواء عند التسجيل أو الاعتراض أو الاقتراع أو الفرز، وفي النهاية سيظهر مدى إصرار الحكومة وحرصها على مصداقية خطابها».

وإذا كان التحرك الانتخابي نشطا في الريف والبادية الأردنية بحكم طابعه العشائري (كل عشيرة تسعى للدفع بمرشح لتحقيق مكاسب سياسية من خلال التعيينات في الصفوف الأولى من مراكز الدولة)، فهو لا يزال ضعيفا في المدن الكبرى مثل العاصمة عمان والزرقاء وأربد والرصيفة.

لكن وعلى الرغم من عدم قناعة بعض الشباب، بهذا النائب أو ذاك أو مرشحي عشائرهم، فإنهم يجدون أنفسهم مضطرين إلى دعم مرشح بعينه جراء الانتماء العشائري الذي يتغلب على الانتماء السياسي. وهذا يعكس الإقبال الكبير على التسجيل في الأرياف والبادية، فإننا سنلاحظ في القرى والبادية، وكذلك إقبال الناخبين، على صناديق الاقتراع الذي يصل في بعض الأحيان إلى 100%.

أما في المدن الكبرى ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين، فإن معظم الناخبين لا يعيرون الانتخابات أهمية كبيرة، بسبب الصورة النمطية الموجودة في أذهانهم للنواب المنتفعين. وسبب آخر هو قناعة هذه الجهات أو إحساسها بالغبن، أي إن مقاعدها في مجلس النواب لا تعكس حجمها الانتخابي الفعلي، وإن هذا التمثيل على الرغم من ضعفه لا ينعكس على المناصب الوزارية أو المراكز العليا في الدولة ويظل محدودا جدا، المخصوص حسب اعتقادهم لأبناء المسؤولين السابقين أو أبناء العائلات التقليدية منذ زمن وحدة الضفتين. وهذا الوضع يفيد مرشحي الحركة الإسلامية في هذه المناطق الذين يفوزون بأعلى الأصوات، لأن أعضاء الحركة في هذه المناطق منظمون ويقبلون على صناديق الاقتراع في ظل عزوف ومقاطعة الآخرين.

وتقول خولة محمد، (35 عاما)، «في كل انتخابات أشارك وأنتخب.. ويفوز مرشحي، ولكن ثبت لي أنه لم يقدم لي خدمة. لم نستفد من هؤلاء النواب، وفي كل انتخابات نسمع خطبا رنانة وكلاما معسولا وعندما يفوز أحدهم نراجعه لمساعدتنا في تقديم خدمة فإنه يغلق هاتفه أو يتنكر لنا ولا يتعرف علينا».

أما محمد حسن، (45 عاما)، فقال «أنا سأشارك في الانتخابات إذا دفع المرشح ثمن الأصوات التي بحوزتي». ويضيف: «لدي خمسة أصوات أريد ثمنها 1250 دينارا خاصة أن الحياة صعبة والمرشح يريد أن يصبح شيخا ووجاهة ويتمتع بالمكاسب.. فأنا أريد أن أحصل على جزء من هذه المكاسب». وردا على سؤال أن الحكومة منعت بيع الأصوات والمال السياسي، قال: «الحكومة تمنع كما تشاء، ولكني أريد أن أحصل على بعض الغنائم وإذا لم أجد من يشتري الأصوات فإنني لن أذهب إلى الانتخابات».

أما عزمي جرار، (62 عاما)، فيقول: «أنا سأشارك وأطلب من أبنائي الثمانية أن يصوتوا للأصلح، وعادة ننتخب واحدا من الحركة الإسلامية لأنهم أكثر انضباطا والتزاما».

إلا أن خليل محمود أبلغ «الشرق الأوسط» أنه لن يشارك في الانتخابات بسبب سياسة تهميش مجلس النواب من قبل الحكومات السابقة التي «أغدقتهم بالعطايا والهدايا من أجل تمرير قانون معين حسب زعمه». واتهم الحكومة «بأبعاد النواب عن دورهم التشريعي والرقابي، وصارت مهمة النائب منهم البحث عن وظيفة حكومية لقريب أو معارفه أو تجنيده في القوات المسلحة أو قوات الأمن أو الدرك. وهذا أبعد النائب عن دوره الأساسي وأدى إلى فقدانه هيبته أمام الحكومة». وعلى الرغم من كل هذه الديباجة أكد محمود أن قراره ليس نهائيا وقد يغيره ويشارك في الانتخابات كي يعطي الحكومة فرصة بعد أن تعهدت بأن تكون الانتخابات نزيهة ووضعت مدونة سلوك للنواب وألغت الامتيازات الممنوحة من إعفاءات جمركية ورواتب تقاعدية وحددت مكافآت مالية محددة لهم. وفي هذا الجانب، دعا المعايطة إلى «عدم إدامة» الحديث عن الأمور السلبية، معتبرا أن استمرار النظر إلى الوراء أو الحديث عن تجارب سابقة يعني عدم الإيمان بالمستقبل على الإطلاق.

وقال: «الأمر المسلم به هو أن الحكومة مصرة ومصممة على الالتزام بالقانون روحا ومواد، ولن تحيد عنه، ولديها رغبة صادقة في إخراج انتخابات تختلف كليا عن سابقاتها، علقت بذهن المواطن، وأثرت على رؤيته لمجلس النواب ولمؤسسة المجلس».

وحل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مجلس النواب بسبب ضعفه، وعدم رضا الشعب عن تصرفاته ودعا إلى إجراء انتخابات نزيهة وشفافة. وكانت الحكومة الحالية قد زادت عدد أعضاء مجلس النواب من 110 مقاعد إلى 120 مقعدا، وزادت عدد مقاعد النساء من 6 مقاعد إلى 12 مقعدا.