الأمن الإسرائيلي يوافق على 50 مدرعة روسية للسلطة.. والسياسيون يساومون

بفضل التنسيق الأمني غير المسبوق مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية

TT

وافقت الدوائر الأمنية الإسرائيلية على السماح بإدخال وتسليم 50 مدرعة روسية للأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية، لكن هذه الموافقة ما زالت بحاجة إلى مصادقة المستوى السياسي الذي يميل إلى الموافقة على الأمر خلال المفاوضات المباشرة. وهذا يعكس مستوى التنسيق الأمني بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والاطمئنان الإسرائيلي للإجراءات الأمنية الفلسطينية.

وقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية إن الجهات الأمنية ستوصي حكومة بنيامين نتنياهو بالسماح لأجهزة الأمن الفلسطينية بالضفة الغربية بالتزود بـ50 آلية مدرعة كانت روسيا منحتها للسلطة قبل عامين ولا تزال في الأردن بسبب رفض حكومة إيهود أولمرت السابقة.

وأعادت السلطة طرح المسألة مؤخرا على الجانب الأميركي والإسرائيلي، وبعد دراسة الموضوع، أوصت قيادة المنطقة الوسطى وقائد جهاز الارتباط والتنسيق الإسرائيلي المستوى السياسي بقبول الطلب الفلسطيني والسماح بدخول المدرعات.

ومن المفترض أن هذه المدرعات تقي من الرصاص العادي، وقد سحبت منها الرشاشات الثقيلة بطلب إسرائيلي سابق خشية أن تتحول إلى أسلحة هجومية تستهدف الجيش الإسرائيلي، ووافق الفلسطينيون على الأمر.

وكانت روسيا طرحت عمليا قبل 5 سنوات تسليم هذه المدرعات للسلطة في محاولة لتعزيز قدراتها الأمنية، وأخذت المشاورات مع الجانب الإسرائيلي 3 سنوات حتى وافقت الحكومة السابقة على إدخال نصفها ثم تراجعت عن الأمر فبقيت المدرعات في الأردن.

وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أن هذه العربات ستكون منحة، وأن خبراء من روسيا قد قدموا إرشادات إلى سائقين وميكانيكيين فلسطينيين حول كيفية تشغيل وصيانة هذه العربات. وعلى الرغم من موافقة المستوى الأمني، فإن مصادر سياسية إسرائيلية كبيرة قالت إن أي تغيير لم يطرأ على موقف إسرائيل الرافض للصفقة، التي تريد إسرائيل لها أن تكون من بين القضايا التي ستتم مناقشتها مع الفلسطينيين لدى استئناف المفاوضات.

وتعكس موافقة المستوى الأمني الإسرائيلي على إدخال المدرعات حالة الاطمئنان التي وصلها بالنسبة للهدوء الأمني في الضفة الغربية، وبسبب التنسيق الأمني غير المسبوق. وقال كبار الضباط الإسرائيليين في المنطقة الوسطى، إنه يمكن القيام ببادرة حسن نية تجاه الجانب الفلسطيني نظرا لمستوى التنسيق الأمني العالي بين الجانبين.

وبلغ التنسيق في الشهور الأخيرة ذروته عبر زيارات متبادلة لقيادات رفيعة فلسطينية وإسرائيلية، وقد حل رئيس الشاباك الإسرائيلي يوفال ديسكن ضيفا على قادة الأجهزة الأمنية للسلطة في مدن مثل رام الله وجنين، وجاء مثله قادة الجيش الإسرائيلي لحضور مناورات عسكرية فلسطينية في مدينة أريحا.

وأشاد أمس قائد لواء شمال الضفة الغربية في الجيش الإسرائيلي العقيد إيتسك بار بتطور التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والفلسطينية خلال الآونة الأخيرة.

ونقلت إذاعة الجيش عن العقيد بار الذي سينهي مهمته هذه بعد شهر من الآن قوله «في الماضي عندما كنا ندخل إلى عمق المناطق الفلسطينية، كنا نتعرض لإطلاق نار وإلقاء عبوات، وحالة الاستنفار كانت تبقى على أعلى درجاتها، لكن اليوم الوضع مختلف تماما، إننا ندخل إلى عمق المدن دون مشكلات». وأضاف بار: «أنا أوجه الجنود من أجل الحفاظ على علاقة جيدة مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية، واحترام مكانتهم، إنني حريص على حث الجنود على التعامل بحساسية والتعرف بصورة أفضل على الفلسطينيين ورجال الشرطة الفلسطينية لأننا نعيش فترة تنسيق أمني يعزز الثقة المتبادلة بين الطرفين». وتابع مفاخرا «الحقائق تتحدث عن نفسها، فالهجمات الإرهابية تقلصت وما زالت تهبط نسبتها، والوضع الأمني والاقتصادي يتطوران مع مرور الزمن».

ولا تنفي السلطة أن التنسيق الأمني على أحسن حال، وتقول إن ذلك راجع إلى اتفاقيات السلام الموقعة. وتعمل السلطة الآن في مناطق خاضعة للسيطرة الإسرائيلية بفضل هذا التنسيق. وقال بار، «اليوم إذا أردنا تنفيذ مهمة في إحدى القرى الفلسطينية في الوقت الذي تقوم فيه الأجهزة الأمنية الفلسطينية بنشاط أمني في القرية نفسها، نفحص إمكانية تأجيل مهمتنا إذا قالت الاستخبارات إن هذا يمكن، ونؤجلها فعلا، وذلك بعكس ما كان يحدث في الماضي حيث كنا نأمر الأجهزة الأمنية بالتراجع والانسحاب». ولكن يبدو أن الهدوء خلق لدى الجيش مشكلة من نوع آخر حسب بار الذي قال «هذا يخلق لنا مشكلة من نوع آخر وهي كيفية الحفاظ على وضع الاستعداد وعدم تراخي الجنود، إنه على الرغم من الهدوء الحاصل في الضفة فإن ذلك يتطلب البقاء على حالة عالية من الجهوزية والتأهب».