الجدل حول انتخابات الرئاسة بمصر ينزل من الإنترنت إلى الشارع

مؤيدون لترشيح جمال مبارك سحبوا البساط من أنصار البرادعي

TT

بعد أشهر من الجدل على المواقع الإلكترونية، بدأ أنصار لمتنافسين محتملين على الرئاسة المصرية المقرر لها العام المقبل في النزول من فضاء الإنترنت إلى جدران الشوارع. وظهرت ملصقات تؤيد ترشيح جمال مبارك نجل الرئيس المصري، وأخرى تعترض عليه، وتؤيد في المقابل ترشيح الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ويرى محللون أن مبادرة مؤيدي جمال مبارك بالنزول إلى الشارع تسببت في سحب البساط من تحت أقدام أنصار البرادعي لسببين؛ الأول لما حازت عليه من اهتمام إعلامي واسع، والثاني لوجود البرادعي خارج البلاد في الوقت الحالي. لكن أنصار البرادعي ردوا خلال اليومين الماضيين بمزيد من الوجود في الشارع، مما عرض 10 منهم على الأقل للاعتقال.

ويمكن أن ترى على الجدران ملصقات دعائية بعضها يؤيد ترشيح شخصيات لرئاسة البلاد، وبعضها يعارض.. ويأتي ذلك على خلفية جدل متنام تشهده الساحة المصرية بشأن ما إذا كان الرئيس حسني مبارك البالغ من العمر 83 عاما ويحكم البلاد منذ عام 1981، سيتقدم للترشح لفترة حكم جديدة مدتها 6 سنوات، أم لا.

ويرأس مبارك الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم الذي أسسه الرئيس الراحل أنور السادات. ويقول محللون إن قضية من سيخلف مبارك في الحكم تحظى باهتمام محلي وإقليمي ودولي، لعدة أسباب، منها «دور القاهرة في قضايا منطقة الشرق الأوسط غير المستقرة، وعدم وجود نائب لمبارك، وحداثة تجربة الانتخابات الرئاسية المباشرة من بين أكثر من متنافس التي بدأ تطبيقها عام 2005».

وبالأمس نفى الحزب الحاكم مجددا أن تكون له أي علاقة بدعاية أثارت لغطا يدعو فيها ناشطون لترشح مبارك الابن البالغ من العمر 46 عاما، للرئاسة خلفا لوالده.

ويشغل جمال موقع الأمين العام المساعد لشؤون السياسات في الحزب. وأشار مسؤولو الموقع الإلكتروني للحزب الحاكم على الإنترنت إلى أنه من غير اللائق الحديث داخل الحزب عن مرشحه المقبل للرئاسة إذا لم يعلن الرئيس مبارك بنفسه عن عدم رغبته في الترشح لمدة حكم جديدة مدتها 6 سنوات. وكان نشاط المؤيدين لترشيح جمال مبارك للرئاسة مقتصرا طيلة الأشهر الماضية على مواقع بالإنترنت. لكن، ومنذ الأسبوع الماضي، بدأت تظهر لأول مرة ملصقات تدعو لترشيحه لرئاسة الدولة. وعلى خلفية لإحدى صوره المعلقة على واجهة محل في ضاحية الأزهر بالعاصمة كتب مؤيدون له كلمات تقول: «الائتلاف الشعبي المصري لدعم جمال مبارك.. جمال مصر».

وعلى واجهة محل آخر صورة لجمال مبارك عليها كلمة واحدة «الجريء». ويقول صاحب المحل، واسمه سعيد إنه «يحب جمال.. نريده رئيسا». وفي الدلتا علق رجل اسمه الحاج وهبة لافتات مماثلة كتب عليها «باسم الشعب.. بإرادة شعبية.. جمال مبارك مرشحنا القادم لرئاسة الجمهورية».

ويسهم ناشطون يطلقون على أنفسهم «الائتلاف الشعبي لدعم جمال مبارك» في تعليق مثل هذه الصور، حيث يقول منسق الائتلاف، مجدي الكردي، «إن ما يقوم به لا يجري بالتنسيق مع الحزب الحاكم أو جمال مبارك، وإن نشاطه اجتهاد منه ومن مؤيدين آخرين مقتنعين بقدرات مبارك الابن على خدمة مصر ومستقبلها، داعيا الرئيس مبارك لعدم الترشح مجددا والاكتفاء بدور المرجعية لكل المصريين».

وبخلاف مقولته الشهيرة أمام البرلمان قبل 3 سنوات، من أنه باق في الحكم حتى آخر نفس، لم يعلن الرئيس مبارك ما إذا كان سيخوض انتخابات الرئاسة المقرر لها الخريف المقبل أم لا، كما لم يشر جمال مبارك إلى اعتزامه المنافسة على انتخابات الرئاسة. ويقول مسؤول في الحزب الحاكم إن تحديد مرشحه للرئاسة سيكون في الصيف المقبل من خلال «آليات داخلية مقررة في الحزب منها عقد مؤتمر مكون من نحو 6 آلاف عضو للاقتراع على مرشحه».

ومنذ مطلع العام الحالي ظهر الدكتور البرادعي (68 عاما) كمرشح محتمل. كما أثار تأسيسه جمعية تحمل اسمه وتدعو لحشد شعبي من أجل تعديل الدستور وإحداث إصلاح سياسي، جدلا في مصر. ويقول محللون إن جمعية البرادعي التي تتعاون معها جماعات معارضة أخرى على رأسها الإخوان و«6 أبريل»، عجلت بنقل حركة الناشطين المؤيدين والمعارضين للحزب الحاكم من الإنترنت إلى شوارع عدة مدن في مقدمتها القاهرة والإسكندرية، لقياس درجة القبول الشعبي للمرشحين المحتملين على ما يبدو، رغم صرامة القوانين الخاصة بممارسة الأنشطة السياسية في الشارع.

وقال أحمد ماهر منسق حركة «6 أبريل» إن الواقع الجديد هذه الأيام يؤكد أن الناشطين الموالين لترشح جمال مبارك للرئاسة والمعارضين لهذا الترشح بدأوا في النزول إلى الشارع بعد أشهر من الجدل على الإنترنت.

وعرف المصريون حركة «6 أبريل» عام 2008 حين تأسست على موقع «فيس بوك» الاجتماعي واسع الانتشار بين شباب الجيل الجديد في البلاد. لكن الحركة في الأيام الأخيرة بدأت تشارك مع جماعة الإخوان ومعارضين آخرين في تأييد البرادعي علنا في الشارع.

ويعتقد ماهر أن المتنافسين تعجلوا في النزول إلى الشارع لتعليق صور دعائية لجمال مبارك، وقال «هذه خطوة غير مفهومة.. لقد عجلت في المقابل بنزول الملصقات المناهضة لترشيحه»، مشيرا إلى أن حركته وآخرين من مؤيدي البرادعي بدأوا طرق أبواب المواطنين في بيوتهم ومحال أعمالهم.. «بدأنا في طرق الأبواب. ونذهب لمن لم يتمكن من الوصول إلينا عبر الإنترنت. نضع أيضا ملصقات تدعو للتغيير والالتفاف حول البرادعي. نحن نؤمن أن الشارع هو الفيصل».